الحرب حتماً إذا فشلت الزيارة المقبلة لهوكشتاين | أخبار اليوم

الحرب حتماً إذا فشلت الزيارة المقبلة لهوكشتاين

| الخميس 25 أغسطس 2022

أسبوع يفصلنا عن حدوث تطور على مستوى المفاوضات ...

وليس هناك من داعٍ لـ"النوم على حرير"

"النهار"- أحمد عياش

الكمّ الوفير من التفاؤل الذي انهمر قبل أيام بشأن مستقبل مفاوضات الترسيم البحري بين لبنان وإسرائيل، يجب ان يثير القلق. ولمن يريد مثالا على هذا التناقض الصارخ ما بين أجواء التفاؤل، وبين الخشية مما تستبطنه هذه الاجواء، فهو موجود في الأسابيع التي سبقت حرب تموز عام 2006. في تلك الفترة، كان الأمين العام لـ" حزب الله" السيد حسن نصرالله يطمئن القادة المشاركين في الحوار الذي كان يرعاه رئيس مجلس النواب نبيه بري، قائلا: "صَيفوا وكَيفوا"، مؤكدا ان صيف ذلك العام سيكون فسحة سلام. لكن الحرب وقعت وجرفت كل التطمينات التي أوردها زعيم الحزب.

ربما هذه المرة، الجهة التي تدفع الأمور الى التفاؤل الى حد ما، هي الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على السواء، ولكن لكل من الجانبين طريقته في التعبير عن هذا التفاؤل. فالجانب الأميركي، ووفق معلومات ديبلوماسية غربية وثيقة الصلة بمفاوضات الترسيم، أبلغ الدوائر الرسمية اللبنانية ان الوسيط آموس هوكشتاين سيكون قريبا في بيروت حاملا صيغة تسوية بين ما تلقّاه من الحكم في آخر لقاء جمعه بالرؤساء الثلاثة وبين تصور إسرائيلي يلاقي العرض اللبناني وفق أساسيات إنطلق منها هذا العرض، الامر الذي سيمهد لمعاودة المحادثات غير المباشرة في الناقورة لإنجاز المسار الحالي لملف الترسيم البحري كمنطلق للشروع في مسار التنقيب واستخراج النفط والغاز على جانبيّ الحدود. وبناء على هذه المعلومات، أكدت المصادر الديبلوماسية انها متشجعة بما سيأتي به المسؤول الأميركي الى لبنان.

في موازاة ذلك، أطلّ وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس بموقف إمتزج فيه التهديد بالترغيب، ما يعني ان تل أبيب ليست بعيدة عن الأجواء المتفائلة التي تحيط بالوساطة الأميركية. واستناداً الى تقرير لـ"وكالة الصحافة الفرنسية" نشرته صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية، فقد رد الوزير الإسرائيلي على تهديدات أطلقها أخيرا السيد نصرالله بـ"قطع أيدي" إسرائيل إذا ما استغلت حقلا بحريا متنازعا عليه. ورداً على سؤال عما إذا كان أي هجوم من جانب "حزب الله" على حقل غاز إسرائيلي يمكن أن يؤدي إلى حرب، قال غانتس: "نعم، يمكن أن يؤدي ذلك إلى رد فعل. وربما أدى إلى أيام عدة من القتال وإلى حملة عسكرية. نحن أقوياء ومستعدون لهذا السيناريو، لكننا لا نريد ذلك". وقال غانتس لراديو 103 FM إن الاستخراج من حقل الغاز سيبدأ "عندما يكون جاهزا للإنتاج"، مؤكدا مطالبة إسرائيل بكاريش. لكن وزير الدفاع الاسرائيلي قال في الوقت عينه: "دولة إسرائيل مستعدة لحماية أصولها ومستعدة للتوصل إلى اتفاق مع الحكومة اللبنانية، بوساطة أميركية، بشأن مستودع صيدا"، في إشارة إلى حقل غاز آخر يُعرف في لبنان باسم "قانا". وأضاف: "أعتقد أنه في المستقبل، ستكون هناك منصتان للغاز. واحدة من جانبنا، وواحدة من جانبهم. وآمل ألّا نضطر إلى خوض جولة أخرى من المواجهات قبل ذلك".

لا بد من الاشارة الى ان عرض موقف الحكومة الاسرائيلية من موضوع الترسيم البحري مع لبنان، كما ورد على لسان غانتس، وصل ايضا عبر الدوائر الديبلوماسية الغربية الى الحكم اللبناني، كي يكون الاخير على بيّنة من ان باب التسوية مفتوح، ولو بدا انه مهدَّد بالإقفال بسبب التوتر الذي يتميّز به خطاب "حزب الله" على هذا الصعيد، وردود فعل إسرائيل عليه.
في المقابل، كان لافتاً صدور بيان عن نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب قبل أيام كشف فيه عن اتصال طويل حصل بينه وبين الوسيط الأميركي هوكشتاين، جرى خلاله استعراض لمسار المفاوضات، فأكد الأخير أنه يتابع تواصله مع الإسرائيليين وسيعاود التواصل مع بو صعب خلال أسبوع لاستيضاح بعض النقاط تمهيداً لوضع تصوره خطياً لما ناقشه في لبنان خلال زيارته الأخيرة.

من ناحيتها، كررت الدوائر الديبلوماسية الغربية ان أسبوعا يفصلنا عن حدوث تطور على مستوى مفاوضات الترسيم، وهو مرجح في بداية أيلول المقبل. لذا، كان واضحا ان الأمين العام لـ"حزب الله" قد تبلّغ من الجهات الرسمية ما تلقّاه نائب رئيس مجلس النواب من الوسيط الأميركي من معلومات، وذلك قبل إطلالته التلفزيونية مساء الاثنين الماضي في احتفالية "أبجدية النصر" بمناسبة الذكرى الأربعين لانطلاقة الحزب، فقال: "الآن لن أتكلم بشيء جديد، كل الذي يجب أن يقال قلناه، وكلنا ننتظر. الاسرائيلي يتحدث كثيرا هذه الأيام ‏ايجابي وسلبي. علينا أن ننتظر ومن انتظر أكثر من عشر سنوات ينتظر أياما عدة. لا توجد مشكلة، فلننتظر ولنكن هادئين. دائما نسمع تهديدات وآخر واحد كان يهدد غانتس، هذه التهديدات جميعها بالنسبة ‏لنا ليس لها قيمة‏".

هل من الجائز طرح فرضية الحرب إذا لم تؤدِّ وساطة هوكشتاين الى نتيجة؟ الجواب ورد في تقارير إعلامية من إسرائيل في بداية الأسبوع الحالي تفيد ان حشودا للقوات الإسرائيلية شوهدت في حال تأهب قصوى على الحدود الشمالية، تحسباً لأي تطور. وقال مسؤول عسكري رفيع إن الجيش الإسرائيلي "يأخذ بجدية حراك حسن نصرالله وتصريحاته التي تشير إلى احتمال أن يقوم باستفزاز إسرائيل مرة أخرى على أمل الحصول على أي تنازلات إسرائيلية قبل توقيع الاتفاق حول الحدود البحرية مع لبنان".

وتحت عنوان "ماذا يريد حزب الله؟" كتب اللواء الإسرائيلي المتقاعد غيرشون هكوهين مقالا جاء فيه: "الحكمة التقليدية داخل مجتمع الأمن القومي الإسرائيلي، هي أن تهديدات نصرالله مدفوعة بالمصالح المحلية كجزء من معركة (حزب الله) من أجل الهيمنة في لبنان". ورأى ان تصريحات نصرالله "مصمَّمة أساسا لخلق تهديد بالحرب، لكنه بالكاد حريص على اندلاع حرب فعلية. ومع ذلك، يجب على إسرائيل أن تأخذ على محمل الجد الخيار الذي يريده تصعيدا من شأنه أن يكون ذريعة لجولة أخرى من الأعمال العدائية بين إسرائيل ولبنان".

في المقابل، قال رئيس كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد: "نحن الذين نعرف سرّ الإنتصار على هذا العدو وامتلكنا مفتاح الإنتصار عليه وسنهزمه شرّ هزيمة حتى لا يبقى له أثر في بلدنا ومنطقتنا". أما قناة "المنار" التلفزيونية التابعة للحزب فقالت الثلثاء الماضي: "حتى يطلب الموفد الاميركي مواعيد من المسؤولين اللبنانيين عائدا بالجواب الصهيوني، فان الامور على حالها، وكل ما يقال سلبا او ايجابا مجرد تخمينات من البعض وأمنيات عند آخرين".

إذاً، ليس هناك من داعٍ لـ"النوم على حرير" كما يقال. والانظار متجهة نحو الزيارة المقبلة لهوكشتاين الى بيروت، والتي على ما يبدو سترسم الحد الفاصل بين الحرب والسلام في ملف الترسيم البحري.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار