الاستراتيجية الدفاعية والخلاف على معادلاتها: | أخبار اليوم

الاستراتيجية الدفاعية والخلاف على معادلاتها:

| الثلاثاء 06 سبتمبر 2022

اندماج "المقاومة" في الجيش غير ممكن حالياً

 "النهار"- عباس صباغ

تعدّ الاستراتيجية الدفاعية من المواضيع الشائكة في لبنان ولا سيما أن النقاش بشأنها بدأ قبل أكثر من 16 عاماً. وهل يمكن تكرار تجربة الاندماج في المؤسّسات العسكرية التي عرفها لبنان مع بدء تنفيذ اتفاق الطائف؟

خلال الاحتفال المركزي بـ"الأربعون ربيعاً" كرّر الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله الاستعداد لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية والاتفاق. لكن كيف ستتبلور تلك الاستراتيجية مع دخول عوامل جديدة منذ طرحها للمرة الاولى على بساط البحث قبل أكثر من 16 عاماً. وهل لتوقيت إعادة طرحها دلالات أم الأمر عادي في ظروف غير عادية؟

طرح "حزب الله" استعداده لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية ليس أمراً جديداً مع علم الحزب بأن التوصّل لاستراتيجية تضمن حماية لبنان وفق المعادلات التي أرستها المقاومة منذ التحرير عام 2000 وتكريسها خلال عدوان تموز 2006 وصولاً الى معادلة المسيّرات لا يمكن للدولة بوضعها الراهن استيعابها، وأيضاً ليس في مقدورها اتخاذ مثل هذا القرار في ظل الانقسام السياسي الحاد في البلاد.


من عام 2006 حتى اليوم: أفكار لا تُنفّذ
خلال طاولة الحوار الوطني في مجلس النواب عام 2006 طرحت مسألة الاستراتيجية الدفاعية كأحد أبرز البنود على أول حوار لبناني جامع بعد عام 2005. انتهى الحوار وتفرّق الأطراف السياسيون ولم يصَر الى الاتفاق على تلك القضيّة البالغة الحساسية.

بيد أن التطوّرات الجسام تراكمت منذ حوار الثاني من آذار عام 2006 وصولاً الى الثاني من تموز عام 2022 أي تاريخ إرسال مسيرات المقاومة فوق منصة "كاريش".

صحيح أن نصرالله في 22 اب الماضي قال ما حرفيته "في المرحلة اللاحقة كما في المرحلة السابقة دائماً نعلن استعدادنا لمناقشة أيّ ‏استراتيجية دفاعية وطنية والاتفاق عليها، ولم نهرب يوماً من هذا الاستحقاق، نحن جاهزون"، ولكن كلامه جاء ضمن سياق تعداد المراحل التي مرت بها المقاومة وأبرز المحطات في تاريخ "حزب الله" والعلاقة مع الجيش وصولاً الى الحديث المتقدّم عن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا مروراً بتجربة المقاومة وتطوّرها المطّرد عدّة وعديداً.
اختيار نصرالله إعادة الحديث عن الاستراتيجية الدفاعية والدعوة لمناقشتها بعد تأكيده على السؤولية المشتركة "في تثبيت معادلات الردع لحماية لبنان شعباً، ‏أرضاً، سيادة، كرامة، وموارد وثروات"، يعني حكماً إدخال معادلة المسيّرات في صلب أي استراتيجية دفاعية من دون التخلي بطبيعة الحال عن وسائل المقاومة التقليدية والمحدثة سواء من سلاح عادي أو دقيق.
الحزب ليس منفرداً يحدّد الاستراتيجية

ليس "حزب الله" وحده من يحدّد تلك المعادلات في ظل معارضة قوى سياسية عدة لها، عدا أن #الجيش اللبناني ليس في استطاعته استيعاب كل سلاح المقاومة وخصوصاً الصواريخ الدقيقة والصواريخ المتطورة التي باتت لدى المقاومة، وبحسب وزير أمني سابق إن "الجيش إذا قبل تلك الأسلحة فكيف سيكون موقف داعميه ولا سيما من يقدّم له السلاح، وعندها حكماً لن يكون الأمر سهلاً ولو كان كذلك لسلمت الدول الداعمة للجيش مثل تلك الأسلحة".

ويلفت الى أن تجربة اندماج الميليشيات في المؤسسة العسكرية لا يمكن أن تنسحب على "مقاومة حزب الله" لسبب بسيط يكمن في أن الاندماج جاء كتتويج لانتهاء الحرب في لبنان، ولكن الصراع مع اسرائيل لم ينته وبالتالي هناك استبعاد لفكرة الاندماج أو إنشاء لواء خاص من المقاومة تحت إمرة الجيش.

أما المآخذ الأخرى فتكمن في أن الدولة لا تعلم بما يخطط له "حزب الله" سواء دفاعياً أو هجومياً، وبالتالي هل يمكن الوصول الى درجة تعاون أو على الأقل إعلام الدولة بما ستقوم به المقاومة لتكون على علم بما يجري.

التجربة أكدت أن الأمر معقد وأن إعلام الحكومة بذلك يفقد الحدث أهميته ويحدّ من نتائجه وبالتالي تبقى المقاومة محتفظة بأسرارها وخططها، ما يعني أنه حتى في حال الاندماج ستبقى تلك الخصوصية ما يفقد الدولة حتى صفة الشريك في الاستراتيجية الدفاعية.

من جهة ثانية يربط "حزب الله" تسليم سلاحه بانتهاء الصراع مع إسرائيل، وهذا الأمر ليس مرتبطاً بتوقيت ما عدا عقد اتفاق سلام، وفي ظل الظروف الراهنة أو حتى المنظورة المسألة ليست مطروحة البتة ولذا لن تصل الأمور الى النتيجة عينها.

أما المسألة الأخرى التي تعيق التوصّل الى استرتيجية دفاعية فهي المتعلقة بالاراضي اللبنانية المحتلة، وكان لافتاً أن نصرالله دعا لإعادة النظر في وضعية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر ، ما يعني أنه لم يعد الاكتفاء بالعمليات التذكيرية في تلك المناطق يجدي وأن طريقة التعاطي ستختلف في المرحلة المقبلة.

واللافت أن الأمين العام لـ"حزب الله" أعاد شرح فكرة "التكليف من الله" لقطع الطريق على التفسيرات من "سيّئي النيّة" وفق تعبيره.

كل ذلك وإن كان يشي بأن الحزب لا يجد حرجاً في إعادة طرح الاستراتيجية الدفاعية للنقاش وإن كانت تلك الاستراتيجية يجب أن تكون سرية، فإن الإشكاليات الآنفة الذكر تجعل من أي نقاش حول الاستراتيجة عقيماً ومن دون جدوى ولا سيما مع إضافة عنوان جديد وكبير بالمعنى العسكري ويتمثل بالمسيّرات التي ستعيد للبنان حقوقه في ثروته الغازية والنفطية من دون التخلي عن المهمّة الأساسية في حماية لبنان من الاعتداءات.

في المحصلة تبقى المعادلة الصعبة وهي أن الحزب جاهز لمناقشة الاستراتيجية الدفاعية إن كانت الدولة جاهزة لتصبح "دولة قويّة قادرة"، ما يعني أن التوصّل الى استراتيجية دفاعية في المدى المنظور غير ممكن ما دام الخلاف في تحديد الأولويات على حاله سواء بين الحزب والدولة أو بين الحزب وخصومه في الداخل.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار