لقاء دار الفتوى ليس "قمة عرمون" ويُعيد الناخب السنّي إلى الواجهة | أخبار اليوم

لقاء دار الفتوى ليس "قمة عرمون" ويُعيد الناخب السنّي إلى الواجهة

| الإثنين 26 سبتمبر 2022

"النهار"- وجدي العريضي

هل دخل البلد في "قمة عرمون" جديدة بعد لقاء دار الفتوى الجامع وما صدر عنه من بيان في غاية الأهمية، وحيث رسم خريطة طريق للحالة السنّية السياسية في هذه المرحلة، ولا سيما على صعيد الاستحقاق الرئاسي وتوحيد الصف السنّي قبيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية؟ فقمّة عرمون الشهيرة في العام 1976 أسست لمرحلة حافلة بالمفاصل والمحطات الصعبة أيام الحركة الوطنية والمقاومة الفلسطينية، لكن لقاء دار الفتوى يختلف في الشكل والمضمون عن تلك الحقبة. فهو جاء بعد انكفاء الحريرية السياسية من خلال تعليق الرئيس سعد الحريري مسيرته السياسية، وأيضاً بعد دخول أكثرية جديدة من النواب السنّة من العاصمة وكل المناطق الندوة النيابية، إضافة الى "اختفاء" نادي رؤساء الحكومات السابقين، اذ لكل دوره وحضوره وخصوصياته واعتباراته، ما أدى الى "إقفاله" في هذه المرحلة، ناهيك عن الصراع بين بعبدا والسرايا وحيث طبيعة رئيس الجمهورية ميشال عون مذ كان رئيساً للحكومة العسكرية الى زعامته لـ"التيار الوطني الحر" وكرئيس للجمهورية، غير ودية مع القيادات السنية، وهذا الامر لا يحتاج الى قراءة في الكفّ بفعل خلافاته مع رؤساء الحكومات السابقين وصولاً الى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي.

من هذا المنطلق، تشير مصادر سياسية متابعة لهذا المسار على الصعيد السني، وربطاً بلقاء دار الفتوى والعشاء الذي أقامه السفير السعودي وليد البخاري، الى أن هذه العناوين مرفقة بحالة الانكفاء التي نشأت خلال الفترة الماضية، فإن عملية الدفع التي قام بها السفير البخاري في مرحلة الانتخابات النيابية من كسر المقاطعة السنّية وتهيئة المناخات الملائمة للاستحقاق النيابي حينذاك، أدت الى التوازن الراهن في المجلس اذ لم يتمكن "حزب الله" والممانعون من الحصول على الأكثرية. وعليه فان لقاء دار الفتوى من شأنه أن يعيد خلط الأوراق رئاسياً، في ظل توجه لتحويل هذا اللقاء الى حالة وطنية شاملة عبر الاتصالات أكان على خط بكركي أو المرجعيات السياسية والروحية الحليفة والصديقة بما فيها رئيس المجلس النيابي نبيه برّي والمجلس الإسلامي الشيعي الأعلى والعلّامة السيد علي فضل الله، وهذه التوليفة في حال الوصول اليها من شأنها أن تقطع الطريق على فائض القوة الذي يستعمله "حزب الله"، ليس في الحالات الميدانية فحسب، انما في الاستحقاقات السياسية والدستورية وسواها.

في السياق، تؤكد أوساط السفارة السعودية في بيروت ان التواصل والعلاقة التاريخية بين المملكة ودار الفتوى يحتمان ما جرى من لقاء سني جامع من منطلقات روحية قديمة العهد الى أخرى سياسية ومؤسساتية، كما حال الطوائف مع بعض الدول، انما المؤكد ان السعودية لا تميز بين هذه الطائفة وتلك، وهي على مسافة واحدة من جميع المرجعيات الروحية والتواصل جارٍ معها على قدم وساق، ولهذه الغاية فإن المملكة تعمل على الجمع لا التفرقة، وتشدّد على الوحدة الوطنية اللبنانية التي من شأنها أن تعيد هذا البلد الى ما كان عليه وكما عرفته وطناً نموذجياً ودولة ومؤسسات لا دويلة أو جيشين.

وتضيف المصادر أن لقاء دار الفتوى سيكون له شأنه على صعيد الانتخابات الرئاسية، وما تمناه المفتي من تلاقٍ للنواب والقوى السياسية السنّية، قد تحقق على رغم التباينات في وجهات النظر، ما يذكّر كيف تمكن البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير، من القيام بدور مفصلي آنذاك عندما كانت المقاطعة المسيحية لانتخابات 1992 لتتوحد الصفوف لاحقاً ويكون له دور بارز في انتفاضة الاستقلال وصولاً الى المستوى الوطني العام ومصالحة الجبل ومحطات وطنية جامعة، وهو ما يقوم به راهناً المفتي دريان بمواكبة ومتابعة ودعم وبديبلوماسية متقدمة من قِبل السفير البخاري.

ووفق المعلومات المستقاة من أكثر من جهة سياسية، فالأيام المقبلة ستشهد محطات بالغة الأهمية تصب في خانة كل ما يمتّ الى الاستحقاق الرئاسي بصلة، ولهذه الغاية ثمة أجواء عن سعي لتشكيل قوة مسيحية ثالثة لا يقل عددها عن خمسة عشر نائباً، وثمة حراك فاعل يجري في هذا الاطار سيكون له تأثير واضح ومرتبط بهذا الاستحقاق، ناهيك عن استكمال السفير السعودي لحراكه بعدما تمكن من لمّ شمل معظم القوى السنية السياسية والنيابية، مما يعدّ انجازاً في هذه الظروف بعد الفراغ والضياع اللذين سادا هذه القوى، على أن يتمكن من ترتيب أوضاع الحلفاء المسيحيين وسواهم من طوائف أخرى، وكل ذلك يأتي في ظل ترقب موقف "حزب الله" ودوره على خلفية ما جرى في الأيام الأخيرة، وتحديداً لقاء دار الفتوى، ليُبنى على الشيء مقتضاه في سياق ما يمكن أن يكون عليه مشهد الاستحقاق الرئاسي.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار