رفضُ الترسيم "نكاية" بعون و"الحزب" | أخبار اليوم

رفضُ الترسيم "نكاية" بعون و"الحزب"

| الخميس 13 أكتوبر 2022

 الاتفاق سيفتح الباب امام دول ممانعة اولها النظام السوري على خطوات مماثلة

"النهار"- غسان حجار

كأن اللبنانيين باتوا لا يُجمعون على امر واحد، ولو ان مصلحتهم تتحقق من خلاله. يرفض كل فريق ما يؤيده الفريق الآخر بمنطق، او بلا منطق، النكايات. يعطل هذا جلسات انتخابية لعدم تمكين آخرين من بلوغ الرئاسة، فيدخل البلاد في شغور او فراغ، لا فرق في التسمية، ما دامت النتيجة واحدة، بلد بلا رئيس.

يستخدم الاول حق "الفيتو" على تأليف الحكومة، فيصبح البلد مشرّعاً على تصريف اعمال لا يفي بالغرض، ويرفض الثاني ما يسميه املاءات، فيتمسك بصلاحيات دستورية مطيحاً القواعد الدستورية من اساسها، لان الاخيرة تحتم تأليف حكومة لا تسويفا واستخداما سيئا للصلاحيات.

يمنع هذا سداد مبالغ مالية وضرائب لم يلحظها عقد اساسي، فيحرم اللبنانيين التغذية بالكهرباء لاظهار فشل الفريق الخصم في ملف حيوي تحدى به الجميع من دون نتيجة تُذكر. ويمتنع وزير عن التوقيع على تشكيلات قضائية، بذريعة التوازنات الطائفية، من خارج صلاحياته، فيجعل القضاء كله معطلا، ويمنع استكمال التحقيق في جريمة العصر، اي انفجار المرفأ، التي لم يحاسَب عليها اي مسؤول فعلي حتى الساعة، فيما يحتجز بعض الموظفين ممن لا حول لهم ولا قوة في ملفات كبيرة الى هذا الحد.

يستخدم هذا وذاك واولئك، بدعة "الحصانة" لعدم مثولهم امام القضاء، رغم تعاظم مسؤولياتهم، حتى يظهر للعالم ان السياسيين والامنيين في لبنان، اكبر من القضاء، وارفع مجدا من القوانين الموضوعة.

حاليا، نشهد عبر وسائل التواصل الاجتماعي خصوصا، وعبر الاعلام وفي الصالونات، جدلا واسعا حول اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل. وهو اتفاق مهما اسبغت عليه اوصاف ملونة وعبارات منمّقة، يبقى اتفاقا مع اسرائيل، ولو بوساطة اميركية. وهو يمضي وفق ما يجري في المنطقة كلها من مخططات اميركية تهدف الى "ترطيب" العلاقات، واذا كانت دول خليجية سبقت لبنان بأشواط في هذا المجال، فان الاتفاق سيفتح الباب امام دول ممانعة، اولها النظام السوري، على خطوات مماثلة.

والتفاهم اللبناني - الاسرائيلي كان مطلب كثيرين على الدوام، ينظّرون بضرورة عقد اتفاق مع اسرائيل لتجنيب لبنان الحروب المتكررة كل فترة، وذريعتهم دائما ان لبنان لم يعد يحتمل الحروب و"مغامرات" يقودها " حزب الله". كما ان كثيرين كانوا يرون على الدوام، ان الحزب يعطل استثمار لبنان ثرواته النفطية، كما يحجب عنه الاستثمارات الخارجية.

بالأمس، اعطى الحزب الضوء الاخضر للترسيم البحري، ومن دونه لما كان الاتفاق ممكنا، اذ ليس في وسع اي حزب آخر ضبط الحدود، وضمان عدم القيام بعمليات، وهو يقوم بذلك منذ حرب تموز 2006، وقد نجح في الاختبار، ما جعله الطرف الاقوى، الذي يمكن ان يكون المفاوض غير المباشر والضامن لكل اتفاق.

واذا كان "حزب الله" وقف وراء الدولة اللبنانية في قرارها، كما اعلن تكرارا امينه العام السيد حسن نصرالله، فانه بذلك فعل ما يجب ان يفعله على الدوام، وما لم يفعله سابقا، لانه يراقب، بعين ثاقبة، كل التطورات.

لكن الانتقادات التي تلاحقه، وتلاحق الرئيس ميشال عون في "انجازه" هذا، الابرز في ولايته، انما تنمّ عن سيطرة منطق النكايات في الحياة السياسية اللبنانية، حتى ان المنظّرين للتفاوض مع اسرائيل باتوا كأنهم يرفضون الاتفاق لان عون و"الحزب" يمضيان به، ويفضلون الافقار والجوع على الاستثمار والنهوض. انها فرصة قد لا تتكرر لسنوات مقبلة حتى لو ان فيها تنازلات، ربما كبيرة، لان الاتفاقات الممكنة ليس بالضرورة ان تكون عادلة تماما. ثمة فارق كبير ما بين الامنيات والواقع.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار