ما يمكن أن تقرأه سوريا من اتفاق الترسيم | أخبار اليوم

ما يمكن أن تقرأه سوريا من اتفاق الترسيم

| السبت 29 أكتوبر 2022

انه امر ايجابي جدا في منطقة ندر ان تسجل ايجابيات لا سيما في الاعوام الاخيرة

 "النهار"- روزانا بومنصف

من المرجح ان يستخدم رئيس الوزراء الاسرائيلي يائير لابيد وحلفاؤه ما اعلنه الامين العام ل" حزب الله" السيد حسن نصرالله من انتهاء" التدابير والاستنفارات الاستثنائية مع توقيع اتفاق الترسيم على قاعدة ان "المهمة انجزت " كما قال في وجه خصومه لا سيما رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو وقبل ايام قليلة من موعد الانتخابات الاسرائيلية من اجل المفاخرة بان الاتفاق يأتي بالامن والاستقرار لاسرائيل.

يستكمل الحزب بذلك اللعبة التي كان يقوم بها حليفه النظام السوري الذي تعتبر مصادر ديبلوماسية مراقبة وجوب ان يقرأ الرسائل جيدا من " قدرة "  لبنان على انجاز ترسيم لحدوده البحرية مع اسرائيل فيما انه لم يكن في الصورة ظاهريا في اي شكل من الاشكال . ويجب ان يقرأها في مدى استغلال الجانب الاميركي الخاصرة اللبنانية الضعيفة التي شكلها انهيار كارثي تسبب فيه سياسيوه جنبا الى جنب مع الحرب في سوريا بحيث باتت قدرة حلفائه في السلطة على المحك في الامساك بالبلد والاستمرار في ذلك من دون خشبة خلاص شكلها الترسيم الحدودي مع اسرائيل .

يضاف الى ذلك عامل العقوبات التي اصابت رئيس الجمهورية مباشرة عبر معاقبة صهره بتهمة الفساد ، ما شكل عاملا مساعدا في تليين المواقف بغض النظر عن الاعتراف بذلك من عدمه. وهذان العاملان اي الانهيار الاقتصادي والعقوبات الاميركية هما من العوامل التي يعاني منها النظام السوري أيضا وتشكل بدورها خاصرته الضعيفة في ظل عجز مشابه جزئيا للبنان هي عدم قدرته على اعادة الاعتراف بشرعيته من الدول الغربية والعربية على حد سواء.

كما يجب ان يقرأها وبغض النظر عن المساومات على خط تركيا او ايران وحتى روسيا ، وجميعها متمكنة في سوريا اكثر من النظام نفسه، فان الولايات المتحدة وعبر الانخراط الذي اظهرته ازاء حل ازمة الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل ووجود دور لها لم تتخل عنه اعلنت التزامها الاستقرار والازدهار في المنطقة على نحو يضعها في موقع متقدم كذلك ازاء الوضع السوري ولو انه لا ينال اولوية من ضمن اهتماماتها راهنا . ولكن الادارة الاميركية تموضعت عبر انجازها الاتفاق بين لبنان واسرائيل في موقع جيد على خلفية استمرار الاشادة اللبنانية بوسيط عادل اعطى لبنان حقوقه ، ما عزز " عدالتها وموضوعيتها " لا سيما اذا قاربت مسائل خلافية اخرى ومن بينها العلاقة مع الفلسطينيين .

ومن غير المحتمل بالنسبة الى مصادر موالية ان يكون النظام السوري مغيبا عن الاتجاه الذي سلكه لبنان في المفاوضات المستمرة منذ اشهر وكان يتم اطلاعه اولا باول على كل التقدم الحاصل،اذ ان عدم اقدام لبنان على ترسيم حدوده البرية يرتبط في شكل اساسي باستمرار ربط النزاع مع سوريا في ما كان يطلق عليه وحدة المسار والمصير علما انه لن يفرج عن وثائق لبنانية مزارع شبعا بما يساعد على الذهاب الى سلام مع اسرائيل بمعزل عنه. علما ان هذه النقطة مهمة ايضا للحزب للابقاء على منطقه وشعاراته المتصلة بالمحافظة على سلاحه كذلك والحرب المفتوحة مبدئيا بين اسرائيل وايران .

احد الجوانب الايجابية في اتفاق الترسيم ومع الاخذ في الاعتبار كل الظروف الاقليمية والدولية وحتى المحلية التي فرضته، كان في اظهار ان لبنان لا يزال دولة فيما انه لم يعد يحظى بهذه الصفة حتى في عيون ابنائه الذين يشهدون على انهيار مؤسساته الواحدة تلو الاخرى خلال الاعوام الثلاثة الماضية . وجانب اخر يتصل بان لبنان الرسمي وحده كان في الواجهة باعتبار انه لم يكن يجرؤ سابقا على ان يخطو خطوة واحدة لا سيما في موضوع " السلام " مع اسرائيل او التهدئة من دون النظام السوري الذي كان يتحكم بمساره ككل. ويشكل هذا مؤشرا بالغ الاهمية على مدى ايغال الحزب في انتزاع غالبية الاوراق ان لم تكن كلها من ايدي النظام السوري لكي تصبح في يده في شكل اساسي ، وكذلك مدى استمرار المأزق الذي يقيم فيه النظام بغض النظر عن مدى تراجع الحروب العسكرية في سوريا او مدى ادارته لمناطق سيطرته. فتفاهم نيسان للعام 1996 فرض 13 جلسة مفاوضات في واشنطن في حضور ومشاركة سفراء سوريا ولبنان واسرائيل ما عدا الاجتماعات التحضيرية المنفردة لتلك الجلسات .

ولذلك لم يكن مستغربا رد الفعل السوري على وفد لبناني كان مقررا ان يتوجه الى دمشق للبحث في موضوع ترسيم الحدود البحرية ، من حيث دلالاته السياسية على الاقل بحيث تأتي الزيارة بعد انجاز الاتفاق مع اسرائيل ومن دون تطبيع سياسي علمي وواضح للعلاقات مع لبنان الرسمي والنظام ما قد يضعفه اكثر قياسا الى تسلطه على لبنان سابقا في وقت اظهر رئيس الجمهورية في لبنان عجزه عن القيام بهذه الخطوة نتيجة قرار عزل النظام في الدرجة الاولى والعقوبات الاميركية عليه ، وهي اعتبارات لم يتجرأ لبنان الرسمي على خرقها على رغم تواصله المستمر معه .

اقل ما يقال في ضوء ذلك توقع ان يشكل الاتفاق جزءا من دينامية اقليمية غير واضحة معالمها كليا ولكن يمكن ملاحظة الصمت السوري الكلي عن الموضوع كما يمكن ملاحظة التطورات العراقية التي تغيرت على وقعه فانتخب رئيس عراقي في يوم الاعلان عن الاتفاق وتألفت الحكومة العراقية يوم توقيعه على رغم إسرائيل. مصادر ديبلوماسية معنية ان لا علاقة اطلاقا بين هذه العناصر. لكن من الصعب عدم ملاحظة ذلك كما التطورات الاقليمية ان في تطور الاحتجاجات الايرانية او تراجع ايجابية الوصول الى اتفاق نووي في المدى القريب . ويعتبر كثر ان الايجابية الاهم في الاتفاق انه امر ايجابي جدا في منطقة ندر ان تسجل ايجابيات لا سيما في الاعوام الاخيرة .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار