أين سيتموضع "حزب الله" في الصراع المحتدم بين حليفيه؟ | أخبار اليوم

أين سيتموضع "حزب الله" في الصراع المحتدم بين حليفيه؟

| الثلاثاء 01 نوفمبر 2022

 بري كان ايضا من الذين اثّروا على قرار ميقاتي وشجعه على بلوغ مرحلة الفراغ الحكومي

"النهار"- ابراهيم بيرم

أيّ أداء متوقع لـ"حزب الله" وأيّ تموضع سيتخذه في الصراع المندلع اخيرا بين حليفيه رئيس مجلس النواب وبين "التيار الوطني الحر" مع نذر تنبىء بأنه آيل الى احتدام؟

في الظاهر تبدو إثارة السؤال على هذا النحو متأخرة كثيرا حتى بات من لزوم ما لا يلزم بناء على اعتبار اساسي معلوم وهو ان هذا الصراع بين هاتين القوتين السياسيتين قديم ويرقى زمنيا الى ما قبل ولوج الرئيس ميشال عون قصر بعبدا وإن كان تأجج بعد هذه المحطة. ولكن في الباطن ثمة موجبات ومستجدات تستوجب اعادة طرح هذا السؤال والبحث عن اجابات عليه، ومن ابرزها:

- خروج مؤسس التيار ووالده الروحي من سدة الرئاسة الاولى مثخنا بالجروح في نهاية ولاية عاكستها الظروف، وهو شاهر سيف المواجهة المفتوحة في وجه من يتهمهم بانهم عطلوا عهده واحبطوا مسيرة توقعاته وآماله، وفي مقدم هؤلاء الرئيس نبيه بري.
وبمعنى آخر فان التيار يقدّر بأنه "تحرر" من اصفاد كل ما فُرض عليه سابقا من التزامات واخلاقيات ابان وجوده في رأس السلطة، وبات استطرادا في حِلّ من العودة مرفقا بالرئيس عون ورمزيته في الشارع السياسي الى قواعد المشاكسة والمغالبة التي انطلق منها الى عمق الحياة السياسية وباتت سمة ملازمة له وجزءا اساسيا من عدة "الشغل" ومن خطابه التحريضي. ولاريب انه يقيم على تقدير فحواه ان سنوات الوجود في قصر بعبدا افقدته جزءا من رصيده وموقعه وجعلتها بالنسبة اليه سنوات عجافا.
- صفة التحرر من اغلال الوجود في رأس هرم السلطة تنسحب ايضا، وفق عارفين بالعقل الباطني للتيار، على علاقته بشريكه في "تفاهم مار مخايل"، أي "حزب الله"، انطلاقا من اعتبارات وحسابات صارت بحكم المعلومة، منها انه يعلم ان هذا الحليف لن يضحي بعلاقته مع بري رأس الحربة في الهجوم عليه، وهذا ما افصح عنه عون نفسه في احدى اطلالاته الكثيرة وهو يتأهب لمغادرة القصر.

والحال ان استشعار التيار بالتحرر هو استشعار مزدوج اذ انه صار بامكانه مضاعفة اعمال المواجهة مع الرئيس بري، وشاهدُ ذلك السجالُ الذي انفتح اخيرا بين الطرفين من جهة واعلاء وتيرة المشاكسة مع الحزب وابداء الاعتراض على ادائه السياسي المهادن من جهة اخرى. وشاهدُ ذلك أيضا ما تسرب اخيرا عن اللقاء السري الذي جمع الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله والنائب جبران باسيل.

اذ على رغم ان كلا الطرفين قد احاط هذا اللقاء الذي انعقد في الضاحية الجنوبية وما دار فيه وما نتج عنه بستار من الكتمان، علما انه الاول من نوعه منذ ما قبل الانتخابات الاخيرة، فان مصادر على صلة بالحزب لفتت الى ان اللقاء "لم يكن ناجحا ومثمرا" بل اتسم بنقاش على درجة من الحماوة حول مسألة استحقاق انتخابات الرئاسة، خصوصا لجهة التوافق على مرشح واحد يزكّيه "المحور" لهذا المنصب انطلاقا من انه لم يعد مقبولا مواصلة التصويت بالورقة البيضاء الى اجل غير مسمى.

وبحسب المعلومات الشحيحة عن هذا اللقاء، فان محور البحث والنقاش تركز على"مسألة الاسم الموحد" عبر التوصل في نهاية المطاف الى تفاهم حول اسم يتمتع بهاتين الخاصيتين:
- ان يكون قادرا على كسب ثقة المجتمع الدولي ليمهد لفك الحصار غير المرئي وغير المعلن المفروض على لبنان.
- ان يحظى بمقبولية داخلية ولاسيما عند افرقاء معنيين لتأمين نصاب الجلسة من جهة والعدد اللازم لتأمين نجاح هذا المرشح من جهة اخرى.

وقد فهم باسيل ان هاتين الصفتين لا تنطبقان عليه، وهذا معناه تمنٍ من نصرالله على باسيل للسير بترشيح فرنجية، فما كان من رئيس "التيار البرتقالي" الا ان ردد ما سبق وقاله بهذا الشأن وهو انه ليس في هذا الوارد.

ربما كان السيد نصرالله يعرف سلفا ان هذا الجواب سيأتي من باسيل، لكنه كان مضطرا الى ان يعيد تأكيد المؤكد وهو انه ثابت على رؤيته السابقة.

ومع كل ذلك، فان المصادر عينها ترى ان اصرار الحزب هو "امر لا شفاء منه" وسيظل يعمل من اجله لان الخيارات البديلة تبدو معدومة في الوقت الحاضر، علما ان الحزب لا يجهل ان التيار ورئيسه بحاجة الآن الى الظهور بمظهر الغاضب والمتمرد على كل خياراته وحساباته السابقة، واستتباعا على الحلفاء والخصوم، لاسيما انه (التيار) قرر ولوج مرحلة جديدة عنوانها العريض العودة الى الشارع وخيارات المشاكسة. واذا كان ثمة من يرى ان الاداء التصعيدي للتيار متوقع فان السؤال المطروح هو: كيف سيتكيف "حزب الله" مع هذا المعطى المستجد؟ واستطرادا، هل سيكون في مقدوره البقاء على وتيرة التعاطي نفسها مع شريكه في التفاهم، خصوصا انه يعي "ازمة" هذا الشريك وحراجة المرحلة ودقتها؟

الراصدون لمسار اداء الحزب منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية وخروجه منها خائبا من رهانه على حصد اكثرية مريحة، يستنتجون ان الحزب استشعر باكرا هذه المخاطر بالنسبة اليه والتي تحققت اخيرا وحاول الاستدراك والتحاشي لكنه لم يفلح. فهو على سبيل المثال سعى باكرا الى نسج تفاهم مع التيار حول الرئاسة الاولى، وثمة من يرى ان الافطار الرمضاني الى مائدة نصرالله والذي جمع فيه حليفيه المسيحيين فرنجية وباسيل كان بداية العمل.

والى ذلك، وضع الحزب رصيده في المفاوضات الطويلة التي جرت لمنع الفراغ الحكومي عبر استيلاد حكومة اصيلة لانه استشعر اهمية ذلك في ظل شغور رئاسي آت لامحالة.

ونهار الجمعة الماضي ابلغ احد قياديي الحزب متصلاً به ان موفديه المولجين متابعة الجهود لانتاج الحكومة (حسين الخليل ووفيق صفا) قد صرفا ما معدله اكثر من عشرين ساعة اجتماعات واتصالات لتأليف الحكومة، وانهما ظنّا في محطات معينة ان الامر قاب قوسين او ادنى من التحقق، لاسيما بعدما تراجع باسيل عن شرطيه ومنهما عدم اعطاء الثقة، الا ان الوفد لم يجد تجاوبا من ميقاتي ما دفع الحزب الى انهاء وساطته بعد ظهر ذلك اليوم.

واللافت ان القيادي نفسه تخلى عن اسلوب التقية عندما اباح بما مفاده ان الرئيس بري كان ايضا من الذين اثّروا على قرار ميقاتي وشجعه على بلوغ مرحلة الفراغ الحكومي، خصوصا ان الرئيس المكلف حقق بابقاء الفراغ اهدافا عدة تدخل في اطار ارضاء الآخرين.

وبذا تيقن الحزب اكثر من شكوكه وهواجسه القائمة على فكرة ان هناك من خطط منذ البداية للوصول الى مرحلة الفراغ والشغور معا.

وحيال ذلك ثمة من يلحّ بالسؤال بعد كل هذه التطورات التي سارت بخلاف مشيئة الحزب: هل سيبقى قادرا على البقاء بمنأى عن صراعات حليفيه، والأهم هل في مقدوره ان يحافظ على الاداء؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار