من سينجو من "رقصة النار" الرئاسية ؟ | أخبار اليوم

من سينجو من "رقصة النار" الرئاسية ؟

| السبت 19 نوفمبر 2022

 اعادة ترميم علاقات مع الطائفة السنية في زمن فقدت الاحابيل السياسية مفاعيلها

"النهار"- روزانا بومنصف


ينقل مرجع سياسي سابق عن احد المسؤولين الدوليين قوله ان السياسيين في لبنان لا يقدرون ما يتسببون به للبنان من ضرر ولا نقول لانفسهم فحسب لان كل واحد يسعى الى قلب الامور على الاخر. ولكن هناك استخداما لكل ما له علاقة في الشأن العام مادة ووسيلة من اجل استهداف الخصوم السياسيين فيغدو الامر كمن يقصف الاخر على متن سفينة واحد تجمع الجميع ما يعني العمل على اغراقها .

فالرسالة الوحيدة التي يوجهها اهل السلطة الى العالم بانهم مجموعة من العقارب والسارقين اذ كيف يمكن اعطاء لبنان اموالا اذا كان يتم اشاعة انباء عن مليارات الدولارات تم تهريبها او ان يستخدم منبر عاصمة اوروبية من اجل توجيه كلام يفتقد الى اللياقة والادب في حق الاخرين لا سيما حين يتم توجيهه الى ابناء الصف الواحد. وهذا الكلام للمسؤول الدولي سابق للباب الاضافي الذي فتحه رئيس التيار العوني من باريس مؤكدا عليه ومثبتا لهذا الواقع . فما كان متاحا ومدعوما سابقا وراهنا في محاربة الخصوم وافتعال اتهامات بات يصيب فريق 8 اذارالذي اصابه كلام رئيس التيار العوني من العاصمة الفرنسية وتحديدا " حزب الله" الذي يتهم خصومه باستدراج السفارات او زيارتها في عملية انتخاب رئيس جديد للجمهورية فيما حمل حليفه المسيحي الملف علانية لاستدراج باريس الى التدخل. وهذا الاستدراج اصاب من الفريق العوني الذي يتشدق بالسيادة ليل نهار ولم يعد مفهوما في وجه من اذا كان التدخل متاحا ومطلوبا من سوريا وايران وفرنسا وحتى قطر ربما باستثناء الولايات المتحدة والسعودية .

يحمل كثر ممن لهم مآخذ سابقة على المقاربة الفرنسية في الاصل منذ ما بعد انفجار مرفأ بيروت ، الافساح في المجال امام رئيس التيار العوني واعطائه دورا ومساحة للقاء مسؤولين على اي مستوى كانوا ، على رغم سريان معطيات تفيد بمحاولة اضطلاع فرنسا بدور يصحح بعض الانطباعات في ما حصل سابقا من خلال ثلاثة عوامل هي السعي الى فصل الصراع الاقليمي وما يحصل في المنطقة عن دورهم في لبنان وحوارهم مع الاطراف فيه جنبا الى جنب مع سعي الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى عدم ترك البلد يتحلل ويتفكك وتاليا تحقيق تقدم لم يتوافر على النحو الذي سعى اليه قبل ثلاثة اعوام او عامين كذلك ، بالاضافة الى الانفتاح على تأمين توافق على شخصية تستطيع تقديم ضمانات سياسية لعلاقات لبنان الخارجية والدولية بمعزل عن التموضع السياسي لهذه الشخصية تبعا للاصطفافات الداخلية . ليست فرنسا مسؤولة عن فرض مدونة سلوك امام السياسيين اللبنانيين ولكنها باتت تعلم قماشتهم واساليبهم وسبق ان تمنعت عن استقبال رئيس التيار العوني قبل اشهر تفاديا لاعطاء انطباع بانها تفسح في المجال لدعم خيارات او اطراف معينة للرئاسة وربما قدرت انها يمكن اقناع الاخير بالتزام حكمة ما وعدم ترك البلد لفراغ مديد علما انها جربت التعاطي سابقا مع الاطراف السياسية وباتت تعرفهم جيدا من حيث المبدأ.

الامور وصفت في باريس بانها كانت خبط عشواء واخطاء لا تحصى لا سيما بالنسبة الى فريق سياسي اساسي يحاول ان يفرض كلمته ورأيه ويتطلع الى الرئيس الذي يريده ويفتح له حليفه تحديا ولو من باب الابتزاز . فيما ان السقف الذي رسمه هذا الفريق لا يقيم وزنا في الاساس لحوار مع سيد بكركي قبل تحديد سقفه على رغم سريان اخبار ممن لديهم مصالح في هذا الاطار تتحدث عن عكس ذلك اي عن وجود حوار بين الطرفين . وهذا لا صحة له . ولكن الاشكالية باتت في حضن الحزب الذي لا يمون على الحليف الاساسي الوحيد لديه والذي بدوره ليس لديه سواه من حليف ايضا . وهذه اشكالية يحاول فيها رئيس التيار العوني الترويج لنفسه على انه مستقل عن الحزب وما يقرره علما ان ليس مجلس النواب الفرنسي من ينتخب الرئيس اللبناني من محاولة اقناعه بذلك فيما تنزع هذه الاشكالية من يد الحزب ليس اوراقا وخيارا رئاسيا فحسب، نتيجة العجز عن تأمين الدعم المسيحي لخيار الحزب، بل هيبة ووحدة موقف في الصف الواحد يصعب بعدها لوم الخصوم على مدى الابتعاد في الخيارات كذلك او عدم الموافقة عليها . فرؤساء الاحزاب المسيحية يلغون فرص بعضهم بعضا وفقا لما كان متوقعا ومنتظرا منذ اشهر طويلة وهذا ليس جديدا ولا مستغربا ولم يكن متوقعا غير ذلك ايا تكن الظروف والحسابات السياسية ، ولو ان هؤلاء الرؤساء يرفضون الاقرار بذلك علما ان الغاء البعض الاخر يحيد الانظار عن معركة خيارات سياسية الى معركة شخصية .

والوضع اشبه بما يكون برقصة النار لمن ينجو منها في نهاية الامر . كما لم يكن متوقعا استباق الاستحقاقات المقبلة بحسابات مختلفة عن المرحلة السابقة ، ولا حتى في معيار اشكالية بالغة المعنى على غرار ما حصل في الجلسة الاخيرة لمجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية بين نواب حزب الكتائب ونواب من القوات اللبنانية . فيما المشهد يتعقد ايضا بين غالبية هذه القوى المسيحية واكثرية النواب الذين ينتمون الى الطائفة السنية على خلفية علاقات غير صحية وغير ودية تصاعدت في الاعوام القليلة الماضية بحيث تعجز المعارضة عن تجاوز ارقام محددة للنائب المرشح ميشال معوض نتيجة تبنيه من قوى المعارضة المسيحية، فيما ان الحليف العوني ل" حزب الله" يجهد بدوره لاعادة ترميم علاقات مع الطائفة السنية في زمن فقدت الاحابيل السياسية مفاعيلها وفقد الطرف المعني صدقيته .

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار