لبنان المأزوم سياسياً يدخل منطقة «اضطراباتٍ» نقدية جديدة | أخبار اليوم

لبنان المأزوم سياسياً يدخل منطقة «اضطراباتٍ» نقدية جديدة

| الأربعاء 28 ديسمبر 2022

الراي- أبت نهايةُ 2022 اللبنانية إلا أن تنطبعَ بالنمط «الترقيعي» نفسه الذي حَكَمَ الأداءَ الرسمي على امتداد السنةِ التي لم تَحمل إلا تمدُّداً لرقعة الأزمات التي تَكاتَفَ فيها الانهيارُ المالي مع مسارٍ لا يقل خطورةً عبّر عنه «دومينو» سقوط المؤسسات الدستورية وتحلُّلها على وقع مأزق الانتخابات الرئاسية الذي يحتجز بدوره عملَ سلطةٍ تنفيذيةٍ مكبّلةٍ بتصريف الأعمال ولم «تتجدّد» بعد انتخاباتٍ نيابيةٍ (مايو الماضي) أفرزت برلماناً يعمل بالنطاق الضيق الذي يحتّمه وجود حكومة مستقيلة وأولوية إنجاز الاستحقاق الرئاسي.

وفيما كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي يستبقُ طيّ آخِر أوراق 2022 بزيارةٍ لرئيس مجلس النواب نبيه بري تخللتْها معايدةٌ مبكرة بـ 2023 وبحثٌ «في أمور متعلقة بسير أمور الدولة وقد أخذتُ رأي دولته فيها ونحن على خط واحد ومتابعة دائمة معه»، في ما بدا محاولةً لوضع إطار عمل للسنة الجديدة يتعلّق بوقوع جلسات حكومة تصريف الأعمال في «شِباك» اشتباكٍ سياسي - دستوري - طائفي مع «التيار الوطني الحر»، أهدى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة الأسواق ما بدا أنه «هدية موقوتة» بمفاعيل تخديرية قصيرة الأمد لـ «جنون الدولار» الذي كان يَمْضي في «تسلُّق قمم» قياسية بات معها «ارتفاع» الـ 50 ألف ليرة على مرمى العين.

ففي مفاجأة غير مفاجئة في الشكل ولكن اعتُبرت «مفخَّخة» في المضمون، عاود حاكم «المركزي» رياض سلامة اعتماد «هنْدساتٍ» لسوق صرف الدولار انطوتْ ظاهرياً على محاولةٍ للجم اندفاعته الصاروخية صعوداً حيث لامس الاثنين 48 ألف ليرة، ولكنها أتت في الواقع مدجَّجة بانعكاساتٍ سلبية مباشرة وسريعة على الفئات الأكثر ضعفاً والتي باتت تشكل الأكثرية الساحقة في لبنان، وذلك من خلف مظاهر الخفض «الاصطناعي» لسعر العملة الخضراء وبأكلاف ستبقى من جيوب المواطنين الخاوية أصلاً وعلى حساب آخِر مدخراتهم، وسط توقعاتٍ بأن هذه التعاميم «المجرَّبة» لن تكون إلا بمدةِ صلاحية قصيرة يعاود معها الدولار قفزاته لمستوياتٍ قياسية أعلى.

وقد أعلن حاكم مصرف لبنان "رفع سعر منصة sayrafa ليصل الى 38 الف ليرة (كان نحو 32 الفاً) «وأن»المركزي«سيشتري»كل الليرات اللبنانية ويبيع الدولار على سعر Sayrafa الجديد ويمكن للأفراد والمؤسسات ودون حدود بالأرقام وبلا سقف أن يتقدموا من جميع المصارف اللبنانية لتمرير هذه العمليات، وذلك حتى إشعار آخر«، مؤكداً أن»لا شروط متعلّقة بتنفيذ هذه العمليات (...) وسيمدد مصرف لبنان ساعات العمل بما يتعلق بالعمليات المذكورة حتى الساعة الخامسة مساءً من كل يومِ عملٍ وذلك حتى 31 يناير 2023".

وجاء في حيثيات هذا القرار "أن سعر صرف الدولار ارتفع خلال فترة الأعياد والتي امتدّت لمدّة ثلاثة أيام 2000 ل ل في السوق الموازية ناتجة عن عمليات مضاربة وتهريب الدولار خارج الحدود"، موضحاً «أن هذا الارتفاع سبّب تضخماً في الأسواق ما أضرّ بالمواطن اللبناني كون الأسعار في لبنان ترتبط بسعر صرف الدولار».

وإذ تفاعلت السوق الموازية مع هذا التدبير حيث سجّل سعر صرف الدولار تراجعاً سريعاً إلى نحو42 الف ليرة قبل أن يعاود الارتفاع إلى 44 ألفاً بعد الظهر، فإن خبراء مصرفيين حذّروا من تداعيات هذا الإجراء الذي لم يروا فيه بدايةً إلا أنه رفع سعر دولار صيرفة أكثر من 25 في المئة مرة واحدة مقابل تراجُع بأقل من 10 في المئة لدولار السوق الموازية، متوقفين عند نقطتين:

- الأولى أن تحَسُّنَ الليرة أمام الدولار هو «صُوَري» وليس أكثر باعتبار أن غالبيةَ السلع في الأسواق باتت تُسعَّر على دولار 50 ألفاً وما فوق وهذا ما لا قدرةَ لأجهزة الرقابة على ضبْطه، هي التي عجزتْ طوال أشهرٍ عن ضمان أن يبيع التجارُ الذين كانوا يشترون دولارَ المنصة سلعَهم بهذا السعر عوض أن يحققوا أرباحاً خيالية مع تسعيرهم وفق دولار السوق وبفوارق راوحت في الفترة الأخيرة بين 10 آلاف و15 ألف ليرة لكل دولار.

- الثانية أن رفْع سعر دولار المنصة إلى 38 ألف ليرة، وهو ما سيساهم في الحدّ من الخسائر التي كان يتكبّدها المركزي ببيعه الدولار على 32 الفاً وشرائه من السوق بما يفوق 46 الفاً، سيعني حكماً وتلقائياً زيادة كافة الفواتير والرسوم المرتبطة بالمنصة من هاتف وكهرباء بنفس النسبة، في موازاة تكبيد موظفي الدولة خسائر إضافية في قدرتهم الشرائية هم الذين لم يهنأوا بعد بالمساعدة الاجتماعية التي أُقرت، ومعهم سائر العاملين الذين يتقاضون رواتبهم بالليرة وفق معادلةِ تحويلها إلى دولار فريش على سعر «صيرفة» ثم صرفها في السوق الموازية وهو ما كان يتيح لهم هامشاً كبيراً للتعويض عن تآكل معاشاتهم.

وبانتظار اتضاح إلى أي مدى ستصمد مفاعيل تعميم «المركزي» الذي سبق أن لجأ إلى مثله قبل أشهر وأخّر الانهيار الأكبر لليرة لفترة قصيرة، ولا سيما في ظلّ إقراره بوجود تهريب للعملة الخضراء إلى خارج الحدود في غمز من قناة سورية، طغى هذا العنوان على المشهد اللبناني الذي تتجه أنظاره بعد غد إلى كلمة يلقيها الأمين العام لـ «حزب الله»السيد حسن نصر الله ‏وتتناول عدد من التطورات السياسية المحلية.

ويُرتقب في هذا الإطار ما سيعلنه نصرالله في مسألتين: أولهما الاستحقاق الرئاسي في ضوء التباين الكبير في مقاربته بين الحزب وبين «التيار الحر» (حزب الرئيس السابق ميشال عون) الذي يعاند السير بسليمان فرنجية، المرشّح الأول للحزب، ويرفض خيار قائد الجيش العماد جوزف عون، قبل أن تبدو علاقة الفريقين أمام مفترقٍ شكّلتْه تغطية الحزب جلسةً للحكومة اعتبرها التيار غير ميثاقية وغير دستورية في كنف الشغور الرئاسي.

والمسألة الثانية الاعتداء على «اليونيفيل» في جنوب لبنان (منطقة العاقبية) ومقتل أحد جنود القوة الإيرلندية برصاصة في الرأس وجرْح 3 آخرين، في جريمة جرى ربْط الحزب بها أقله من باب أن منفّذي الاعتداء هم من بيئته وأنه راكم تحريضاً على القوة الدولية على خلفية حدود عملها وقواعد الاشتباك التي تحكمه ولا سيما بعد التجديد لها من مجلس الأمن نهاية اغسطس الماضي مع منحها حرية الحركة من دون تنسيق مع الجيش اللبناني، ما أثار انتقاداتٍ صدر أبرزها عن الحزب.

وكان بارزاً أن قيادة «اليونيفيل» أعلنت على صفحتها عبر تويتر أنّ قائد الجيش اللبناني العماد جوزف عون زار أمس مقرّ الكتيبة الإيرلندية لتقديم التعازي بالجندي شون روني الذي قضى في حادثة اطلاق النار على آلية اليونيفيل في العاقبية يوم 14 الجاري.

وإذ قدّرت «اليونيفيل» التحقيقات التي يجريها الجيش اللبناني في الحادثة وشكرت العماد عون على دعمه، أعلنت "جميعنا نريد أن نعرف حقيقة ما حصل وأن نشهد على محاسبة المسؤولين عن هذه الحادثة.

وننتظر نتائج التحقيقات والعدالة لأجل الجندي روني".

‏وكانت تقارير أكدت أن الجيش اللبناني اعتقل مشتبهاً به في قتل الجندي الايرلندي، ناقلة عن رنا الساحلي، مسؤولة العلاقات الإعلامية بحزب الله «أن الجيش ألقى القبض - بالتعاون مع الحزب - على المشتبه به»، مضيفة أنه ليس عضواً في حزب الله.

كما نُقل عن مسؤوليْن أمنييْن لبنانييْن رفضا كشف هويتيهما تأكيدهما اعتقال المشتبه به، وأن التحقيق لا يزال مستمراً في الحادث، من دون أن يحددا أو يقدما تفاصيل عن المشتبه به.

وقال أحدهما إن الجيش اعتقل ثلاثة أشخاص على صلة بالهجوم في البداية، لكنه أطلق سراح شخصين تبيّن أنهما غير متورطين في الهجوم.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار