نصرالله يقارب الاستحقاق مجدّداً بالتمسّك بمرشّحه | أخبار اليوم

نصرالله يقارب الاستحقاق مجدّداً بالتمسّك بمرشّحه

| الجمعة 06 يناير 2023

وجد نفسه مضطراً الى تثبيت قواعد تعامله والخطوط الحمر التي يرسمها لهذا الموضوع

 "النهار"- ابراهيم بيرم

في إطلالته الأخيرة شدد الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في معرض تناوله للاستحقاق الرئاسي الضاغط على ثلاثة أبعاد أساسية:

الأول: ضرورة لبننة هذا الاستحقاق من خلال إعادة الاعتبار لخيار الحوار والتفاهم بين المكوّنات السياسية القادرة على إنتاج رئيس جديد، إنفاذاً للشعار الأساسي الذي سبق أن رفعه الحزب ومن والاه وهو رئيس توافقي تنتفي معه صفة "رئيس التحدّي والاستفزاز".

الثاني: كاستكمال للبعد السابق وهو إطلاق التشكيك في أيّ رهان على أي مسارات خارجية ينتظر منها أن تهيّئ مناخات ملائمة لملء الشغور برئيس.

وكان لافتاً في هذا الإطار كلامه المباشر عن "خيبة" أكيدة ومسبقة لرهان المراهنين على تفاهمات سعودية – إيرانية من شأنها أن تفضي الى صناعة رئيس جديد ينهي عهد الشغور الذي بدأ منذ نهاية تشرين الأول الماضي.

الثالث: إعادة التأكيد لنظرية يعمّمها الحزب منذ فترة ردّاً على جملة اتهامات توجّه إليه، ومفادها أنه لم يعد الى رئيس يؤمّن حماية المقاومة وسلاحها لأن تلك الحماية والضمانة مؤمنة بفعل قوّة ساعديها وليس من أي أمر آخر، وجلّ ما يريده رئيس "لا يطعن المقاومة" في الظهر.

قد تبدو كل تلك الوقائع والصفات مستهلكة ولا تنطوي على عنصر مباغت جديد فهي باتت لازمة ترد تكراراً في إطلالات رموز الحزب وفي إعلامه منذ انفتاح أبواب الحديث عن الاستحقاق الرئاسي الداهم وعن مسؤولية الحزب في إطالة أمد الفراغ في بلد مثقل بالانهيارات وتداعياتها على كل الصعد، ولكن اللافت والمثير هو أن يعود نصرالله الى إلقاء الأضواء الكاشفة على تلك المواقف والتذكير بها انطلاقاً من أنها ثوابت لا يمكن التراجع عنها أو حتى فتح باب المساومة حولها.

لذا فإن القارئين للعقل الباطني للحزب سرعان ما يخرجون باستنتاج أن تركيز نصرالله على تلك المقدّمات والوقائع لم يأت من فراغ بل هو أقرب الى أن يكون "مضبطة دفاع وتبرير" لازمة لإشهار رفض الحزب العديد من العروض التي أتته خلال الأشهر الثلاثة المنصرمة تارة على شكل ترهيب وطوراً على شاكلة ترغيب وإغراء من جهات عدة داخلية وخارجية تندرج تحت عنوان: أن تعالوا الى نقاش كلمة سواء يفضي الى صفقة تفتح الأبواب الموصدة أمام إنتاج رئيس جديد لا يكون بالضرورة مرشّحكم المضمر – المعلن أي زعيم تيار المردة سليمان فرنجية ولا يكون أيضاً واحداً من لائحة مرشحي القوى الأخرى.

وفي هذا الإطار تكشف أوساط على صلة بدوائر القرار في الحزب أن عروضاً أولية وأخرى متكاملة وصلت الى "الدائرة" التي أوكل إليها الحزب أمر إدارة الملف الرئاسي والتي يشرف عليه مباشرة نصرالله نفسه. وتذكر تلك الأوساط أن هذه العروض تنهض على الأسس الآتية:
- أن ثمة نوعاً من إرادة إقليمية ودولية ستصير بمرور الأيام كاسحة قد بدأت تتكوّن ويقدّر لها أن تصير مساراً ضاغطاً لتزكية قائد الجيش العماد جوزف عون كمرشح مؤهّل لتولي الرئاسة الاولى بناءً على اعتبارات عدّة أولها أن كل المرشحين الآخرين الذين يدرجون في خانة المرشحين الجديين، تحاصرهم بشكل أو بآخر اعتراضات متبادلة إلا العماد عون الذي بات يحظى بمقبولية مسيحية أكثر من سواه.

- أن الزمن الذي أباح للحزب قبل عام 2016 "حماية الفراغ" وإمرار الشغور الرئاسي الذي استمر ما يقرب من عامين ونصف عام قد أصابه التحوّل إذ لم يكن لبنان حينها واقعاً تحت وطأة هذا الكم الهائل من الانهيارات. وبمعنى آخر، لم تكن البلاد في "الدرك الأسفل" كما هي اليوم.
وبناءً على ذلك فإن واقع الحال هذا قد يؤدي الى أن تفلت الأمور من بين أيدي الحزب وها هو الغرب قد شرع في قرع أجراس الإنذار من فلتان تبدو ساعته آتية لا ريب فيها إذا ما استطال الفراغ وطال.

وبناءً على هذه المعطيات ثمة من يجد في طوايا كلام نصرالله ردوداً على ما يصر الحزب على إدراجه في خانة "التهويل والضغوط" لثنيه وردعه عن المضيّ في ما أعلنه. وحسب المعطيات المتوافرة فإن في ثنايا خطاب نصرالله ما هو موجّه الى قاعدة الحزب التي أفصحت في الآونة الأخيرة عن مخاوفها من حصول تطورات من شأنها أن تطيح كل مايعدّ له الحزب من سيناريوات وحسابات لتكرار تجربة فرض الرئيس الذي تتوافر فيه صفات القدرة على تأمين ظهر المقاومة وحمايتها من الطعن. وأيضاً ثمة من يقرأ في ثنايا هذا الخطاب رداً غير مباشر على ما سمعه وفد الحزب الى بكركي أخيراً من سيد الصرح البطريرك مار بشارة بطرس الراعي والذي انطوى على تشكيك في ما يطلقه الحزب ويعلنه من مخاوف ويجعلها وسيلة للتمسّك بخيار واحد أحد لا يطاوله التعديل أو التبديل.

والعنصر المستجد في خطاب نصرالله الأخير أنه أضاف مادة جديدة تماماً تتجسّد في تحذيره من "احتمال أن تنزلق البلاد الى "حرب أهلية" إذا ما أُتي برئيس يتصدّى لمهمة "الطعن بظهر المقاومة"، وهو ما عُدّ تصعيداً في الخطاب الذي أطلقه الحزب لمقاربة الاستحقاق الرئاسي والذي بدأ برئيس توافقي ثم ارتقى الى رئيس لا يطعن المقاومة.

ومهما يكن من أمر فإن نصرالله، بعد دخول الشغور الرئاسي شهره الثالث، وجد نفسه مضطراً الى تثبيت قواعد تعامله والخطوط الحمر التي يرسمها لهذا الموضوع. والمستجد هو الحديث عن مخاطر كبرى إذا ما أصر المصرون على حراك يفضي الى فرض رئيس رغماً عن إرادة اللاعبين المحليين وفي مقدمهم الحزب بطبيعة الحال. وما يُستشف من كل هذا أن "حزب الله" ما زال مرشحه الحصري للرئاسة الأولى هو فرنجية وأنه ليس في وارد التعديل أو التبديل.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار