هل ورقة ترشيح قائد الجيش لا تزال قويّة؟ | أخبار اليوم

هل ورقة ترشيح قائد الجيش لا تزال قويّة؟

| الجمعة 06 يناير 2023

 التأييد الخارجي له لم يظهر بشكل ملموس كما يتداوله بعض السياسيين في لبنان

"النهار"- سابين عويس

كثرت التقديرات والتكهنات والاجتهادات المتصلة بموضوع ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون لرئاسة الجمهورية في الايام الاخيرة، وعادت حظوظ تقدمه على المرشحين الآخرين لتتقدم، خصوصاً بعدما أعلن "حزب الله" بلسان رئيس وفده الى بكركي، لمناسبة تقديم التهنئة بالاعياد المباركة، أن الحزب لا يضع فيتو على قائد الجيش ولا يرفض انتخابه إذا حصل حوله توافق. والحال أن الاوساط المتابعة والمطلعة على كواليس المعطيات الجادة في شأن الازمة الرئاسية لا تزال تتعامل مع مسألة ترشيح قائد الجيش من منطلق أن هذا الخيار لا يزال متقدماً من بين الخيارات الاخرى المطروحة في شأن ترشيحات سياسية إن لم يكن هو الخيار الاكثر رجحاناً حتى الآن، رغم استمرار الحزب على موقفه من رئيس تيار "المردة" النائب السابق سليمان فرنجية، واستمرار مساعيه مع التيار الوطني الحر، وهو ما بدا واضحاً في كلمةالامين العام للحزب السيد حسن نصرالله عندما أكد أن "التفاهم لا يزال قائماً".

وبمعزل عن الكلام الذي نقل عن المساعد السابق لوزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر الذي توقع فيه انتخاب العماد جوزف عون بعد ثلاثة أو أربعة اشهر، والذي يعتقد أنه يستند الى قراءته الذاتية للتطورات في لبنان أكثر منه أنه يكشف معطيات ديبلوماسية باعتبار أن شينكر لم يعد يشغل منصباً رسمياً في الإدارة الاميركية، وبالتالي لم يعد لديه القدرة على الولوج الى المعلومات الداخلية التي تعطي لكلامه او توقعاته صفة جدية أو رسمية، فإن هذا الكلام لم يبدل كثيراً في الضبابية التي تغلف الازمة الرئاسية، بل إن ثمة أوساطاً رسمت علامات استفهام وشكوك حول المراد من إطلاق توقع كهذا من مسؤول أميركي سابق يعرف تماماً طبيعة الترددات التي سيتركها كلامه في الوسط السياسي المحلي.

وفي أي حال، تقول الاوساط المتابعة نفسها إن ورقة ترشيح قائد الجيش لم يتبدل واقعها بعد بما يعني أن الازمة الرئاسية التي تتسم بجمود كبير غير مرشح للتبدل قريباً، لم تتبدل معها بعد، أقله في الوقت الراهن، خريطة المرشحين المعلنين أو المحتملين. وبذلك تبقى ورقة قائد الجيش في موقع ثابت لجهة أنه الاقل عرضة لفيتوات سياسية، والاكثر احتمالاً لأن يحصل على توافق الحد الادنى إذا تبدلت الظروف الداخلية والخارجية وفتحت أو حتمت انتخاب رئيس الجمهورية تحت وطأة الظروف التي تحكم البلاد. وفي توصيف الاوساط المتابعة نفسها، فإن الكثير من المعطيات التي يجري تداولها داخلياً إنما هي من حسابات قوى داخلية ولا تستند الى حقائق جادة. ولكن في ما يتصل بورقة ترشيح قائد الجيش، فإن التأييد الخارجي له لم يظهر بشكل ملموس كما يتداوله بعض السياسيين في لبنان، لأن تعامل الدول المعنية برعاية الوضع في لبنان يتسم بكثير من الحذر والتحفظ في ملف الانتخابات الرئاسية بما يعكس تبدل النظرة الخارجية الى الطبقة السياسية تبدلاً جذرياً بعد الانهيار الذي شهده لبنان ومن ثم تبدّل الظروف التي كانت ترافق انتخابات الرئاسة اللبنانية.

وتعوّل الاوساط السياسية الداخلية على الاجتماع الرباعي الذي سيضم ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة العربية السعودية وقطر لتبيّن ما إن كان في الإمكان إنضاج التسوية الرئاسية قريباً، انطلاقًا من القلق الدولي من الارتدادات الخارجية للانفجار الداخلي على خلفية الازمة الاقتصادية والمالية والاجتماعية.

وفيما يبقى عون متقدماً على المرشحين الآخرين، فإن الاوساط العليمة لا تسقط في المقابل احتمالات توجه الخارج الى طرح مرشح من خارج الصندوقة، يشكل الخطة "ب" إذا تعذر تأمين العنصرين الاساسيين اللذين يحتاج إليهما عون للوصول الى بعبدا أحدهما يتمثل بضرورة حصول توافق مسيحي جدي حوله، وهو ما لم يتوافر بعد حتى الآن. أما العامل الثاني الذي لا يقل أهمية فيكمن في الحاجة الى تعديل دستوري، ليس متوافراً التوافق عليه حتى الآن كذلك. ذلك أن التسوية التي أتت بالعماد ميشال سليمان رئيساً نتيجة اتفاق الدوحة، وبناءً على مطالعة النائب والوزير السابق بهيج طبّارة لم تنضج ظروفها بعد. وفي هذه الحال، لن يكون المرشح المطروح من الوسط السياسي من خلفية سياسية بل من خلفية اقتصادية تتماهى مع انهيار البلد المتمادي وتعذر الاستمرار في المعالجة بإجراءات ترقيعية كما هو حاصل اليوم، ولا سيما أن استمرار الشغور الرئاسي لن يغيّر في موقف الكتل المسيحية الرافضة لأي نشاط حكومي أو تشريعي ما لم يتم انتخاب رئيس أولاً.

وبناءً على ذلك، لا تستبعد الاوساط عينها أن تستمر الازمة لبضعة أشهر بعد، قبل أن يحل استحقاق انتهاء ولاية حاكم المصرف المركزي التي ستحتم قراراً على مستوى السلطة السياسية، في ظل خيارات محدودة جداً يفرضها التعطيل القائم في المؤسسات الدستورية. وهي تتراوح بين التمديد لرياض سلامة رغم الاجواء القضائية الضاغطة ضده، والبعثة الاوروبية الآتية الى لبنان لن تكون بعيدة عن فرض المزيد من الضغط، وإما الذهاب الى تسليم صلاحيات الحاكم لنائبه الاول، وهذا سيثير ردة فعل مسيحية كبيرة لأن الموقع المسيحي الثاني بعد رئاسة الجمهورية سيشغر بفعل التعطيل، ما يدفع الى الخيار الاخير والاصعب في الظروف الراهنة وهو الاتفاق على حاكم جديد يترافق تعيينه مع استعادة المؤسسات الدستورية دورها وصلاحياتها بانتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة قادرة على اتخاذ مثل هذا القرار!

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار