من مطلوب للعدالة الى وزير للعدل... الخراب الذي لم تشهده أميركا بَعْد! | أخبار اليوم

من مطلوب للعدالة الى وزير للعدل... الخراب الذي لم تشهده أميركا بَعْد!

انطون الفتى | الثلاثاء 10 يناير 2023

مصدر: لا تزال الدولة هي الحاكمة هناك وهي متمثّلة بالحزبَيْن والمؤسّسات

 

 

أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"

 

 

معلومٌ، ومنذ زمن بعيد، أن لطبقة رجال المال والأعمال سيطرة على القرارات السياسية، وحتى العسكرية، في كل دول العالم.

 

كارثة؟

فمن أبرز المهام الأساسية للسياسات في الدول "المُحترمَة"، تطوير الاقتصاد، وتوفير المزيد من الأسواق الخارجية له، وهو ما يعود بأرباح مالية، وبقوّة تأثير دولية، وبقدرة على تغيير الواقع الجيوسياسي في أكثر من منطقة وإقليم. وحتى إن الأهداف من جراء المجمّعات العسكرية، وزيادة الإنفاق العسكري في الدول الكبرى، تتجاوز الدفاع عن الأراضي المحليّة، الى حماية المصالح الاقتصادية خارج الحدود، وفي ما وراء البحار.

ولكن يتحوّل التداخُل بين السياسة من جهة، وبين عالم المال والأعمال من جهة أخرى، الى كارثة على سلامة الدول، وعلى مصالحها في الخارج، ومهما كانت تلك الدول كبيرة، عندما يشكّل رجال المال والأعمال نوعاً من أوليغارشية مُتداخِلَة مع أخرى سياسية، واستخباراتية، وعسكرية، لاهثة خلف أرباحها الخاصّة، ووراء السيطرة على موارد الدولة، وذلك بدلاً من تنمية تلك الدولة، والبحث عن مصالح الشعب.

 

العنف والسلاح

النّموذج الأوضح لما سبق ذكره، موجود في روسيا. ولكن يجنح المشهد الأميركي منذ سنوات الى شيء من "أوليغارشية جديدة"، باتت مؤثّرة في مختلف مفاصل الحياة اليوميّة للأميركيين، ولسكان العالم، بنسبة مهمّة، فيما يُطرَح الكثير من الأسئلة حولها.

فمن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، وهو رجال أعمال شديد التأثير في السياسة الأميركية، حتى في مرحلة ما بعد خروجه من "البيت الأبيض"، ضمن صورة ليست مألوفة تماماً في السياسة الأميركية الحديثة، أي تلك التي يُمكن للأنصار أن يستعملوا فيها العنف والسلاح، في طريق تحقيق الأهداف؛ مروراً برجل الأعمال الأميركي بيل غيتس الذي "ينغمس" في عالم الأوبئة والطب وملفات الجوع أحياناً كثيرة...، بشكل مُفرِط، وأكثر من الأطباء ومن صانعي السياسات أنفسهم، وصولاً الى إيلون ماسك، رجل الأعمال الكندي الحاصل على الجنسية الأميركية، والمؤثّر بالسياسات الأميركية سلبياً وإيجابياً، سواء في أوكرانيا، أو إيران، أو في ملفات أخرى، وسط الكثير من علامات الاستفهام حول أدواره في أروقة القرار الأميركي.

 

"الرّجل - الدولة"

ومن ذكرناهم في ما سبق، هم ربما أكثر من تردّدت وتتردّد أصداء تصريحاتهم ومشاريعهم وتحرّكاتهم حول العالم، خلال السنوات الأخيرة، ولكنّهم لا يختصرون شريحة "الأوليغارشيّة" الأميركية. فتلك الأوليغارشيّة موجودة هناك، وداخل الكونغرس الأميركي، وفي كل المؤسّسات الأميركية. وهي مؤثِّرَة في سنّ التشريعات، وفي الصّفقات الخارجيّة، وفي العمل على الرّيادة الأميركية بمجال التكنولوجيا... وفي غيرها من الأمور.

فماذا عن مستقبل ظاهرة "الرّجل - الدولة" في أميركا، والذي يُمكنه أن يكون هو الدولة في أي يوم من الأيام؟ والى أي مدى يُمكن لتلك الأوليغارشيّة أن تتحوّل الى النّموذج الروسي، في ما لو تنامَت الى درجة مكّنت معظم مكوّناتها من النّظر الى مصالحهم الذاتيّة، على حساب المصلحة الأميركية؟ وهل يأتي "دمار" الولايات المتحدة الأميركية الذاتي، وتقلُّص نفوذها الخارجي، على يد تلك الطبقة ورحلاتها في عوالم زيادة الثروات الخاصّة؟

 

موجودة

أوضح مصدر خبير في الشؤون الدولية أن "طبقة الأوليغارشية الأميركية موجودة منذ زمن طويل. وحتى إن الرؤساء جون كينيدي، وريتشارد نيكسون، وجيرالد فورد، أتوا من صُلبها في الأساس. فضلاً عن أن لا قدرة للحزبَيْن "الديموقراطي" و"الجمهوري" على الاستمرار لولا تلك الطبقة، والموارد التي توفّرها لهما، ولسياساتهما".

وأكد في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الفارق بين طبقة الأوليغارشيّة التقليدية في الولايات المتحدة الأميركية، وبين النّموذج الذي يقدّمه ترامب مثلاً، هو أن التقليدية لطالما كانت واعية، سواء في العمل السياسي، أو في البقاء بخلفيّة المشهد السياسي، ومن دون أي ظهور علني نافر، وذلك رغم أنها هي التي ترسم السياسات. ولكن ترامب قدّم نموذجاً خطيراً وشديد الفوضوية لم تشهده أميركا في تاريخها الحديث أبداً، ضمن ظاهرة مُؤثِّرَة ومُعدِيَة، وقادرة على أن تتحوّل الى مثال يُحتذى به من خلال العنف. وهي فعلت ما فعلته في البرازيل مؤخّراً".

 

رفيع المستوى

وأشار المصدر الى أن "رغم ذلك، لا تزال الدولة هي الحاكمة في أميركا حتى الساعة، وهي متمثّلة بالحزبَيْن "الجمهوري" و"الديموقراطي"، وبالمؤسّسات الأميركية، وليس بالرئيس وإدارته كما يحلو لهما. فحتى الخطابات الرئاسية تكون مُحضَّرَة بدقّة، وهي لا تخضع لمشيئة الرؤساء".

وختم:"هذا هو مفهوم الديموقراطية العريق في الولايات المتحدة الأميركية. وهذا ما يميّز الغرب عموماً، عن باقي دول العالم، لا سيّما في الشرق الأوسط، حيث يُمكن لمطلوب للعدالة أن يُصبح وزيراً للعدل مثلاً، أو لمسؤول رفيع المستوى في بلده".

 

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار