القرار في واشنطن والعتمة في بيروت | أخبار اليوم

القرار في واشنطن والعتمة في بيروت

| السبت 04 فبراير 2023

الجدوى السياسية للمشروع لم تتحقق بعد أميركياً

 "النهار"- غسان حجار

تُشكر فرنسا في كل حين على اهتمامها بلبنان، فليس له في الضِّيقات معينٌ سواها، وليس من دولة غيرها تجعل الملف اللبناني في طليعة اهتماماتها، اذ إن هذا البلد الصغير الذي وُلد برعايتها، يشكل موطئ القدم الأخير لها في المنطقة، ولو قصدت وزيرة خارجية فرنسا كاترين كولونا، والرئيس ايمانويل ماكرون قبل ذلك، دول الخليج العربي غير مرة، بهدف التعاون الاقتصادي، إلا ان تلك الدول، ورغم ارتباطها الوثيق بالولايات المتحدة الأميركية، باتت أكثر من أي وقت مضى تفتش عن مصالحها، أكثر من صداقاتها. وبهذا يمكن لفرنسا أن تقيم معها علاقات واتفاقات اقتصادية - مالية من دون أن يكون لها موطئ قدم فعلياً. اضافة الى أن دولاً عدة، ومنها دول الخليج العربي، تفضل التفاوض والاتفاق مع "الأصيل"، أي أميركا، خصوصاً في ظل تراجع الدور الأوروبي مع نشوب الحرب الروسية - الأوكرانية، وتعرّض مختلف دول أوروبا لضغوط خارجية ومشكلات داخلية.

واذا كانت باريس تُشكر ايضا على إيفاد السفير المكلَّف تنسيق الدعم الدولي للبنان بيار دوكان، في إطار جولة قادته الى مصر والأردن، سعياً لدعم لبنان في مجال الطاقة، فإنه بتصريحاته ظهر كأنه يغرّد خارج سرب الولايات المتحدة الاميركية والبنك الدولي، إذ فيما كان يعلن أنه "سيزور واشنطن في خلال أسبوعين، للبحث مع المسؤولين الأميركيين في السبل الآيلة الى تحييد ملف الكهرباء عن "قانون قيصر" (للعقوبات على سوريا) بما يتيح مساعدة لبنان في حل أزمة الطاقة"، كان نائب رئيس مجلس النواب اللبناني الياس بو صعب يصرح من واشنطن بأن مسؤولي البنك الدولي الذين التقاهم، أبلغوه "أن قرض تمويل استجرار الغاز من مصر والطاقة من الأردن مجمد حالياً، وليس مدرجاً على جدول أعمال البنك الدولي، والسبب عدم إنجاز كل الإصلاحات المطلوبة للكهرباء، من دون أن يربط البنك ذلك بعقوبات قانون قيصر كون استجرار الغاز والطاقة سيمران بسوريا".

وهذا الموقف ليس جديداً للبنك الدولي، إذ كان وزير الطاقة وليد فياض أعلن في 22 نيسان 2022، أنه فوجئ برفض البنك الدولي تمويل استجرار الغاز من مصر والتيار الكهربائي من الأردن. وقال في حينه إن "عدم موافقة البنك الدولي جاء تحت عنوان دراسة الجدوى السياسية للمشروع"، لافتاً الى أنه "تحت وقْع المفاجأة من هذا الرد".

بالأمس، اشاد السفير دوكان بجهود فياض الجبارة وتمتعه بكفاءة عالية في ادارة المفاوضات والتي افضت الى نجاحها وتوقيع العقود المطلوبة لتأمين الكهرباء من الاردن والغاز من مصر. وزوّد فياض ضيفه بالوثائق التي تثبت الكمّ الهائل من الأعمال التي قامت بها الوزارة تلبيةً لشروط البنك الدولي ومنها نُسخ عن العقود الموقعة مع كل من الاردن ومصر وسوريا، وملف التمويل كما حضّره البنك الدولي والذي كان جاهزاً منذ آذار 2022 متضمناً وثيقة تقييم المشروع ومسودة اتفاق القرض تمهيداً للدخول في مرحلة المفاوضات قبل أن يعود البنك الدولي ويُجمّد هذا الموضوع، أي التمويل.

بعد كل هذا، يبدو واضحا أن الجدوى السياسية للمشروع لم تتحقق بعد أميركياً. وبالتالي فإن زيارة دوكان، والتذكير بالإصلاحات، هو لزوم ما لا يلزم، لان المشكلة في مكان آخر، ولا حاجة لمزيد من اضاعة الوقت. فالقرار في واشنطن، والعتمة في بيروت.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار