محسن دلول: "روح فلّ" قالها خدام مراراً للحريري قبل اغتياله | أخبار اليوم

محسن دلول: "روح فلّ" قالها خدام مراراً للحريري قبل اغتياله

| الثلاثاء 14 فبراير 2023

لبنان لا يمكن أن يُحكم من سوريا ولا يمكن ان يُحكم ضد سوريا

 "النهار"- أحمد عياش

هل ما زال هناك ليُروى عن رفيق الحريري بعد 18 عاماً على استشهاده؟ الجواب هو: نعم. فبين دفتيّ كتاب "رفيق الحريري رجال في رجل - محطات في عقدَين من الصداقة" للوزير والنائب السابق محسن دلول من خلال حوار مع الكاتب يوسف مرتضى الكثير من المعلومات التي تبدو اليوم في ذكرى استشهاد الحريري ذات أهمية عالية المستوى، ليس لأنها من زاوية التاريخ فحسب وإنما للتبصر في الواقع والتطلع الى المستقبل.

يقول دلول: "المرة الأولى التي سمعت فيها باسم رفيق الحريري، تعود لصيف 1978 عندما تناهت الى مسامعي معلومات تفيد بأن رجل الاعمال اللبناني رفيق الحريري الذي يعمل في المملكة العربية السعودية، قد بادر الى تطوير مرفأ مدينة صيدا على نفقته الخاصة، وقد عرفت في وقت لاحق ان الحكومة اللبنانية رفضت مبادرة الحريري لأسباب سياسية".

تحت عنوان "الحريري يكشف في العام 1983 عن مشروع حلمه لتطوير بيروت"، يروي دلول وقائع لقائه مع الحريري في باريس حيث شارك في اللقاء ناشر صحيفة "السفير" طلال سلمان. وخلال اللقاء عرض الحريري أفكاره عن المشاريع العمرانية في بيروت بما يشمل الضاحية الجنوبية، فقلنا له متعجبين ما دهاك لتفكّر في هذا الامر الآن؟ فأجاب: "يا إخوان أنا مجنون إستفيدوا من جنوني".

في ربيع عام 1984، وخلال رحلة مشتركة في منطقة عطيب في البقاع الأوسط الحدودية مع سوريا روى الحريري لدلول انه "كم مرّة مشيت على هذه الطريق سيراً على الأقدام وراء الحمير والبغال المحمّلة بالبضائع التي كنا ننقلها بين لبنان وسوريا ولتهريب مجلة "الحرية" (التابعة لمنظمة العمل الشيوعي التي كانت سابقا حركة القوميين العرب) الى سوريا.

ويسجل دلول للحريري موقفا من بناء الدولة في لبنان من خلال ما سمعه منه يوما ابان مرحلة ترؤسه الحكومات بدءاً من عام 1992: "ليس في لبنان دولة بالمفهوم الحقيقي للدولة وإنما عندنا سلطة. وهناك حرص لدى البعض للحفاظ على هذه السلطة. إنهم يرفعون شعار دولة المؤسسات... أين هي؟ حتى خطاب القسَم للرئيس اميل لحود عن دولة المؤسسات وحكم القانون، وتحديدا عندما ضمّن خطابه عبارة "السارق سأقطع يده" فيه خروج عن المألوف من قِبل رئيس الجمهورية وتجاوز فاضح لدور المؤسسات".

في شأن آخر، ينقل دلول عن الحريري قوله: "لم أسأل يوما عن مذهب او طائفة أي طالب تقدَّم الينا بطلب منحة تعليم. ما كان يهمني هو فقط إنقاذ الجيل اللبناني الشاب من الاميّة بعدما أقفلت الحرب في وجوههم الجامعات والمدارس".
من صفحات الحريري عندما كان يافعاً قوله لدلول خلال رحلة مشتركة الى البقاع، مشيراً الى مكان كان فيه "بستان تفاح في محيط دير تعنايل": "قضيت شهرا اثناء الحرب الاهلية انام هنا في الليل تحت الأشجار بعد نهار القطاف والتوضيب".

ويكتب دلول: "قناعة الرئيس الحريري بأهمية الجامعة الوطنية دفعته لاستحداث وزارة التعليم العالي، وكان اول زير لها في حكومته ميشال اده الذي قال له الحريري: "لديك مهمة كبيرة الآن، ألا وهي إنشاء المبنى الجامعي الموحد (قام لاحقا في منطقة الحدت) وسأقدم لك كل مساعدة تحتاجها لانجاز المشروع".
ومن اقوال الحريري "ان قانون الانتخابات لا يلغي الطائفية بل يزيدها. اما القانون الذي يلغي الطائفية فهو القانون الذي يوحد المناهج التربوية...لا يجوز ان نطالب بإلغاء الطائفية السياسية من موقع طائفي وانما من موقع مدني علماني".

عن العلاقة مع "حزب الله" في فترة التسعينات من القرن الماضي: "ماذا يوجد عند السيد حسن نصرالله أغلى من إبنه كي يقدمه في سبيل القضية؟ هؤلاء أناس إمتزجت قضيتهم بالاستشهاد ولا يجوز لأحد بعد اليوم ان يتفلسف عليهم. لقد قدّموا أمينا عاما شهيدا (السيد عباس الموسوي) وقدّموا إبن الأمين العام (هادي نصرالله)، وكل يوم يسقط منهم شهداء وجرحى".
يسجل كتاب دلول وقائع حوار مع الحريري دار بينه وبين النائب السابق لرئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي الذي خاطب مضيفه قائلا: "انت يا دولة الرئيس تتمتع بهذه الإمكانات والكفاءات كنتَ مستهدفا مني ومن غيري ظلماً... كلفتني الأجهزة الأمنية السورية واللبنانية أكثر من مرة لأكون رأس حربة في التحريض عليك".

كما يسأل الحريري عشية الانتخابات النيابية التي كانت مقررة عام 2005 لكنه استشهد قبل ذلك: "لماذا ينزعجون (السوريون)؟ أنا قلت لهم وصارحتهم بأن لبنان لا يمكن أن يُحكم من سوريا. كما أكدت لهم أن لبنان لا يمكن ان يُحكم ضد سوريا. هذه معادلة يجب ان يتفهّموها ويحترموها".

وفي الكتاب: "بعدما تعثرت الطرق امام الرئيس الحريري في تشكيل الحكومة في نهاية العام 2004 على اثر التمديد للرئيس لحود، إتصل به الرئيس نبيه بري، وقال له: "يا رفيق، إعتذر عن عدم تشكيل الحكومة". فردّ عليه الحريري قائلا: "أنا لا اعتذر إلا إذا طلب السوريون مني ذلك". فردّ بري: "وهل أنا أتكلم من عندي؟". عندها اتصل الحريري بالعميد رستم غزالي، وقال له: "نبيه يطلب مني الاعتذار عن عدم تشكيل الحكومة، ما رأيكم بذلك؟". فأجاب غزالي: "نعم، إعمل بما قاله لك نبيه".

يقول دلول: "بينما كنت في زيارة لنائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام في مكتبه بدمشق عام 2004، قبل التمديد للرئيس لحود، سألني خدام: "كيفو أبو بهاء؟"، فأجبته "منيح". فقال لي: "سلّم لي عليه، وقل له هون (دمشق) الجو مش منيح بالنسبة اليه، ما بدهم إياه. حاج بقى متمسكلي برئاسة الوزارة. خلّيه يخلص ويفلّ". بعد عودتي الى بيروت، التقيت الرئيس الحريري، ونقلت اليه ما نصح به خدام، فقال لي الحريري: "غريب، طيّب شو بتفسّر، العقيد ماهر الأسد ارسل لي مع عوني الكعكي رئيس تحرير جريدة الشرق انه غير موافق على معاملة الأجهزة الأمنية اللبنانية - السورية لي، وانه على العكس يريدني ويؤيدني؟". فقلت للرئيس الحريري: "بصراحة، أنا لا أعرف. أنا بلّغتك رسالة خدام كما هي. وإذا كنت تريد ان تريّحني، أرجوك ان تتصل الآن بنفسك بخدام واستوضح منه الامر".

إستجاب الحريري لطلبي، واتصل بخدام الذي قال له: "ماذا ينقل لي محسن عن لسانك؟"، فردّ عليه خدام قائلا: "نعم إسمع منه".

وفي اليوم التالي، جاء خدام الى بيروت لإجراء فحوص في مستشفى الجامعة الأميركية. زاره الحريري في المستشفى، فسأله خدام: "هل أوصل لك محسن ما قلته لك؟"، فردّ الحريري إيجابا. فقال له خدام: "إذاً روح فلّ". عندها روى الحريري لخدام ما بعث به ماهر الأسد عبر عوني الكعكي، فعلّق خدام قائلا: "ماهر الأسد لا علاقة له بالملف اللبناني، روح فلّ".

لم يقتنع الحريري بما قاله خدام بحسب ما فهمت منه شخصيا، لأنه كان يعتقد أن خدام لم يعد في موقع القرار في سوريا، لذلك "هو يحكي من عنده"، كما قال لي الحريري".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار