لا شارع يتحرّك ولا خارج "يحسم"! | أخبار اليوم

لا شارع يتحرّك ولا خارج "يحسم"!

| الخميس 30 مارس 2023

 لا أحد يعرف حتى الآن حجم الاتفاق ولا الوقت الذي يحتاج إليه لكي تصل مفاعيله الى لبنان

"النهار"- روزانا بومنصف

من أخطر ما برز في تطوّرات الأسابيع الأخيرة وربما سبّب إحباطاً ولا سيما لدى بعض الدوائر في الخارج، أن تخطّي سعر صرف الدولار حاجز المئة ألف ليرة وصولاً الى المئة وخمسين ألف ليرة لم يشكل ذاك الفتيل الذي يمكن أن يشعل نوبة غضب داخلية ضاغطة على أهل السلطة كما فعل قانون التقاعد في فرنسا مثلاً، علماً بأن الأخير لم يزحزح الحكومة الفرنسية عن قرارها إلا أنه وضع الرئيس الفرنسي وحكومته في وضع صعب. لكن الواقع اللبناني الانهياري كان سيتأثر كثيراً ولا سيما في ظل استمرار التعويل خارجياً وحتى داخلياً على ضغط اجتماعي واقتصادي يكون له مفعول إرغام الجميع على قلب الطاولة من أجل الانتقال الى انتخاب رئيس للجمهورية.

وهذا التطور السلبي كان بهذا المعنى فرصة أهدرت فيما يجري نزع المزيد من الضغط تحت وطأة الانهيار الاقتصادي والاجتماعي من المعادلة وجعله من دون أي مفعول يذكر، إذ إن الضغط الشعبي الذي كان سيشكله أي تحرك كان لا يزال يؤمل أن يجبر قوى الداخل على البحث عن مخرج لنفسها أو أن تذهب الى تسريع الأمور على الاقل، بينما ما حصل ويحصل يصبّ في إطار معاكس كلياً. والجانب الذي لا يقل خطورة أن أي مسؤول لأي جهة انتمى لم يحرك ساكناً إزاء الانهيار الذي بلغته الليرة اللبنانية بحيث يخرج معلناً على سبيل المثال أنه سيعدّل مواقفه لأن الوضع الاقتصادي لم يعد يُحتمل فيما استمر حصول العكس بدعوة كل طرف الطرف الآخر الى تعديل مواقفه لأن البلد في حاجة الى انتخابات. لم يشعر المسؤولون "بالسخن" وفق التعبير العامي الشائع ليقدموا على أي مبادرة ولا ضغوط خارجية جدية لتدفع بهم الى ذلك، إذ إن الدول التي تلاقت مبدئياً من أجل لبنان لم تتفق وتالياً لا هذه الدول في وارد أن تضغط ولا هي قادرة على فعل ذلك فيما التطورات الخارجية في حد ذاتها لا تصب في إطار ضاغط كذلك.

الأفق مسدود بكل معنى الكلمة والاعتقاد بأنه يجب حصول تطور ما بناءً على تحذيرات صندوق النقد الدولي أو التحذيرات الديبلوماسية لا يمكن البناء عليه وهو أقرب الى التمنيات منه الى الواقع فيما المتغيّر الوحيد المهم أخيراً والمتمثل في الإعلان عن اتفاق سعودي إيراني دفع القوى اللبنانية الى موقع الانتظار وعدم التزحزح راهناً.

فلا أحد يعرف حتى الآن حجم الاتفاق ولا الوقت الذي يحتاج إليه لكي تصل مفاعيله الى لبنان أو كيف سيصل إليه على رغم تعبير البعض عن ثقته بأن الاتفاق سيكون لمصلحته ربما خوفاً من دفع الثمن أيضاً. فالثنائي كان على رهان توقيت العمل مع الفرنسيين من أجل تمرير انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية. وكان التعويل كبيراً على اجتماع باريس الخماسي الذي تفيد المعطيات التي توافرت عنه لدى معنيين بأن باريس هي التي عطلت صدور بيان كان متوقعاً عن اللقاء وكان سيحدّد المواصفات المطلوبة للرئاسة ما لا ينسجم في الواقع مع شخص فرنجية.

والاستراتيجية التي جرى العمل عليها تقوم على شقين: أحدهما خلق مناخ داخلي يحتاج إليه هذا الفريق من أجل الإظهار للخارج أن مرشحه سهل وصوله وهو المرشح الاقوى الذي ينطلق بقاعدة صلبة تسهّل عليه الحصول على الأصوات لانتخابه وأكثر في مقابل الصعوبة الكبيرة لتأمين ذلك الى قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يحتاج الى تعديل دستوري أي الى الانطلاق بقاعدة 86 صوتاً لا يحتاج إليها فرنجية، وهو ما بدأه نبيه بري. والشق الآخر الحصول على عدم اعتراض أميركي وسعودي على انتخاب فرنجية وليس على موافقة ضرورية لانتخابه. وجرى في هذا الإطار التسويق لموقف السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا رداً على سؤال لبري فيما بقي الاعتراض السعودي الوحيد على الاقل إعلامياً من أجل تذليله. الموقف السعودي يعتقد البعض أنه جرى السعي لعزله عبر إبراز الموقف الاميركي وعبر مشاركة مصر وقطر في اللقاء الخماسي ربما باعتقاد أن إحاطته بموقف عربي مختلف أو يمكن أن يظهر تباينات قد تضغط على الطرف السعودي في اتجاه رفع اعتراضه.

إلا أنه تبين لاحقاً أن الموقف الاميركي دُفع نحو تفسيرات غير دقيقة ولا سيما أن الأميركيين لا يتدخلون في انتخابات الرئاسة أو دعم المرشحين ويتركون لأنفسهم هامش التعاطي اللازم لاحقاً مع الرئيس المحتمل وفق ما يرونه مناسباً، كما أن حشر الموقف السعودي بالموقف الاميركي لم ينجح ولا سيما أن واشنطن التي عملت في الاعوام الاخيرة على إعادة تأمين انخراط المملكة السعودية في لبنان لا تضغط عليها من أجل تغيير مقاربتها فيما الدول العربية لن تخرج بدورها عن المقاربة السعودية للوضع في لبنان. ترشيح فرنجية من جانب بري ثم السيد نصرالله أتى من باب وضع الجانب السعودي أمام أمر واقع من أجل دفعه الى التفاوض معه على ما يريده في مقابل عدم الاعتراض على انتخاب فرنجية.

حصل أمر مماثل في 2015 قبيل مرحلة تأمين انتخاب ميشال عون للرئاسة عبر التفاوض مع سعد الحريري فيما يستهدف الثنائي اليوم الطرف السني ممثلاً بالمملكة السعودية والتفاوض معها على ما تريده لقاء انتخاب فرنجية متجاوزاً الاعتراض المسيحي شبه الكامل على فرنجية على قاعدة أن الأهم هو الخارج بالنسبة إليه والوقت كفيل بحلّ الاعتراض الداخلي. وهذا ليس أكيداً وفق ما ظهر أخيراً ولا سيما أن ثغرة كبيرة تمثلت بإعلان الثنائي الشيعي ترشيح الرئيس المسيحي فيما الاتفاق السعودي الإيراني قد يكون خلط الاوراق الى حد بعيد. ولكن الاجتماع الفرنسي السعودي الأخير لم يظهر أن الأمور تغيّرت.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار