بري يضع باريس بين "وفا" و"نفى": ثمة من لا يريد انتخاب رئيس | أخبار اليوم

بري يضع باريس بين "وفا" و"نفى": ثمة من لا يريد انتخاب رئيس

| الخميس 27 أبريل 2023

ما حصل في العام 1982 ينطبق اليوم على فرنسا

 "النهار"- رضوان عقيل

يتنبه الرئيس نبيه بري جيدا لكل كلمة تصدر عنه في مسألة الاستحقاق الرئاسي، ولا يدخل في شرح مفصّل امام اكثر زواره وسائليه حيال ملف اصبح اكثر من معقد بحيث لم يعد شأنا داخليا فحسب، ويستمر في دفاعه عن رؤيته واقتناعاته بترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية ودعمه، ولا يبدو انه سيتراجع عن هذا الخيار، على عكس ما قاله الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط في هذا الصدد.

وبعد الضجة التي احدثتها وزارة الخارجية الفرنسية بأن  باريس لا تفضل مرشحاً على آخر، استثمرت اكثر من جهة مناوئة لفرنجية هذا الموقف وجرى تفسيره بأن الاليزيه تراجع عن تأييد الرجل، الامر الذي لم يحسمه الرئيس ايمانويل ماكرون.

لذلك لم يلمس بري تنصلاً فرنسياً من فرنجية، وهو يعوّل على ما يسمعه وما يصله من دائرة القرار الاولى رغم كل الحملات النيابية والاعلامية المضادة التي تحاصر المرشح الذي يتقدم بورصة المرشحين. وعند الالحاح في الحصول على تعليق من بري على بيان الخارجية الفرنسية وما اذا كان اشارة تخلٍّ عن فرنجية، يأخذ مَن يسأله هنا الى واقعة ابان سنوات الحرب عنوانها "وفا ونفى".

وفي تفاصيلها ان بري تلقّى اتصالا قبل عام 1982 من محسن ابرهيم: "بدنا نزور ابو عمار".
وعندما وصلا الى مقر ياسر عرفات في بيروت خاطبهما الأخير ممازحا: "استعيذ بالله عندما أراكما".

ودار بينهم الحوار الآتي:
- ابرهيم: تفضل أستاذ نبيه احكي.
- بري: انا ما عندي شي. تكلم انت وإلا سأخبر ابو عمار بما قلته لي على التلفون.
- عرفات: شو القصة يا اخوان؟
- ابرهيم: بدك تخبرني يا ابو عمار عن "وفا" (وكالة الأنباء الفلسطينية) التي تنشر خبرا عند الصباح وتنفيه بعد الظهر.

وغرق الثلاثة في الضحك وتابعوا حديثهم في شؤون الساعة.

اراد بري اسقاط هذه الواقعة على بيان الخارجية الفرنسية التي لا يقلل من موقعها مع ايمانه بأن الفرنسيين يستمرون في العمل ومساعدة لبنان في الاستحقاق الرئاسي حيث يواصلون اتصالاتهم مع السعودية وغيرها من الدول المعنية، مع اشارته الى ان باريس لم تتبلغ أجوبة نهائية من المملكة التي تلقت رسالة تأييد من موسكو لفرنجية.

ولم يسمع الروس حينما زارهم وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان وضعه اي "فيتو" على فرنجية، مع الاشارة الى حصول تبدل في الموقف المصري حيال الاستحقاق. وانطلاقا من جملة من العناصر الداخلية والخارجية، لا يزال بري مصمما على دعم فرنجية الذي يرى فيه المرشح الاوفر حظا والاقدر على ادارة البلد بالتعاون بين كل مكوناته للخروج من كل الازمات.

ويعبّر بري هنا عن الدور الذي يؤديه الخارج في السعي الى انجاز الاستحقاق الرئاسي، لكن هذا لا يكفي اذا لم يتكامل مع الدور المطلوب في الداخل من الكتل النيابية لتقوم بواجباتها. ويشير في معرض كلامه الى وجود جهات وكتل لا تريد اجراء انتخابات الرئاسة الاولى ولا المشاركة في الحكومة، فضلا عن عرقلة مهمات التشريع في البرلمان "حيث لا يعمل هؤلاء الا على تعطيل المؤسسات وخلق الازمات واطلاق الفيتوات ولو على حساب مصلحة اللبنانيين وياللاسف".

ولا يبدو حتى الآن ان بري سيدعو الى جلسة انتخاب اذا لم تنضج معطياتها وتتوافر الظروف الملائمة لها. ويتوقف هنا مع كثيرين عند موعد انتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، حيث يفضل ان تكون الحاكمية وتعيين قائد للجيش في ظل وجود رئيس للجمهورية.

كل هذه التحديات لم تمنع بري من القول: "انني أخشى بالفعل على البلد نتيجة حجم هذه المساحة من السياسات والانقسامات والمزايدات"، مع اشارته الى ان الظروف التي يمر بها البلد اليوم اصعب واكثر تعقيدا من المحطات التي سبقت اتفاق الدوحة الذي جاء بالعماد ميشال سليمان الى الرئاسة.

رئيس المجلس لم يسمِّ الجهات التي لا تساعد في توفير الاجواء المطلوبة لانتخابات الرئاسة، لكنه يقصد بالطبع الكتل النيابية المسيحية التي لا تتعاطى في رأيه بروح المسؤولية المطلوبة لانتخاب رئيس للجمهورية. ويسترجع بري محطاته مع رؤساء الجمهورية قبل الطائف وبعده. ويتذكر عندما كان رئيسا لاتحاد طلاب لبنان في الستينات من القرن الفائت عندما زار منزل الرئيس فؤاد شهاب في جونية واستقبله آنذاك مدير مكتبه الرئيس الراحل الياس سركيس لوضع حجر الاساس لمبنى الجامعة اللبنانية في الحدت حيث لم يقبل بفك اضراب الطلاب إلا بعد حسم مجلس الوزراء هذا المطلب. ويقول في شهاب: "انه اول رئيس ساهم في بناء المؤسسات واطلاقها في البلد".

وعلى ذكر شهاب: اين اللبنانيون اليوم في خضم هذا الكمّ من المشكلات التي تحاصرهم من هذه القماشة الوطنية النادرة؟

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار