لبنان متمسك بالقوات الدولية وبسيادته التامة | أخبار اليوم

لبنان متمسك بالقوات الدولية وبسيادته التامة

داود رمّال | الجمعة 28 يوليو 2023

رابط دم بين اليونيفيل" والشعب اللبناني

لبنان متمسك بالقوات الدولية وبسيادته التامة

داود رمال – "أخبار اليوم"

ترسّخت علاقة لبنان الرسمي والشعبي مع قوات الامم المتحدة المؤقتة (اليونيفيل)، منذ الايام الاولى لوصول طلائع هذه القوات الى لبنان، في اعقاب الاجتياح الاسرائيلي في العام 1978 والذي سمي "عملية الليطاني"، وصدور القرار الدولي 425 الذي انتشرت بموجبه هذه القوات للاشراف على تنفيذ القرار لجهة انسحاب اسرائيل من الارض اللبنانية المحتلة دون قيد أو شرط.

هذه العلاقة تحولت الى رابط دم، اما بالمصاهرة واما بالشهادة، ولبنان تعاطى مع هذه القوات تعامل الضيف العزيز، وعشية التمديد لقوات اليونيفيل، يتطلع لبنان الى استعادة روح هذه العلاقة، بعيدا من الافخاخ والمكائد الاسرائيلية التي تهدف الى تحويل مهمة اليونيفيل من قوات سلام الى قوة صدام.

فمنذ 45 عاماً، تقوم شراكة حقيقية بين ​لبنان​ و​الأمم المتحدة​ عبر تواجد قوّة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (​اليونيفيل​) بضباطها وعناصرها الذين يأتون من ٤٥ دولة صديقة نقدّر مساهمتها فيها، حيث ترافق وتدعم ​القوات​ المسلحة اللبنانية في أثناء انتشارها في جميع أرجاء ​الجنوب​، بالإضافة الى مساعدة الحكومة اللبنانية، بناءً على طلبها في تأمين حدودها الجنوبية. ونستذكر في هذه الايام عشرات الشهداء من هذه القوّة ارتقوا في ظروف مختلفة على الأرض اللبنانية في سبيل خدمة رسالتها النبيلة الرامية الى إعادة السلام والأمن الدوليين.

تتجلّى هذه الشراكة بتعاون وثيق ودائم بين ​الجيش اللبناني​ و​قوات اليونيفيل​ بكل مكوّناتها، منذ بداياتها عام ١٩٧٨ حتى تاريخه، حيث هناك، اضافة الى الدوريات المشتركة اليومية، عمليات ازالة ألغام، و​مناورات​ عسكرية مشتركة. ومنذ عام 2006 تقوم قوة اليونيفيل البحرية، وهي الأولى من نوعها في تاريخ بعثات الأمم المتحدة، بتدريبات مشتركة مع القوات البحرية اللبنانية، وتساعد الجيش اللبناني في تطوير قدراته وتجهيز القوات البحرية والفوج النموذجي لتنفيذ القرار 1701.

كما تنفذ اليونيفيل مشاريع اجتماعية وتربوية وثقافية وصحية على المستوى المحلي بالتعاون مع ​البلديات​ تعود ب​الفائدة​ على أهالي المنطقة. وتُعنى اليونيفيل أيضاً بشق أساسي هو متابعة ترسيم ​الخط الأزرق​، وتستضيف قيادتها اللقاءات العسكرية ضمن الآلية الثلاثية التي تساهم في تخفيف حدة التوترات ومعالجة أي مسائل طارئة على الحدود. وبفضل هذه الشراكة القائمة بين الجيش اللبناني واليونيفيل، ينعم الجنوب منذ سبعة عشر عاماً بهدوء فريد في منطقة تعجّ بالصراعات والحروب. وتُعتبر اليونيفيل من البعثات النموذجية التي يُحتذى بها على صعيد ​قوات حفظ السلام​ الدولية.

والحكومات اللبنانية المتعاقبة  أكدت في بياناتها الوزاري على التزام لبنان بالقرار 1701​ وعلى دعم قوات الطوارئ الدولية في الجنوب، من هنا التشديد الدائم على أهميّة استمرار وتعزيز الشراكة بين اليونيفيل والجيش اللبناني وعلى الدور الذي تلعبه اليونيفيل في رصد الخروقات الاسرائيلية اليومية الجوّية والبرّية والبحرية، ونقل بيانات مفصّلة عنها الى ​مجلس الأمن الدولي​ لتبيان خرق اسرائيل المتمادي للقرار 1701، وما تقوم به من خرق للأجواء اللبنانية لقصف ​الأراضي السورية​.

ولان العدو الاسرائيلي يسعى دائما الى تغيير قواعد الاشتباك عبر وضع اليونيفيل في مواجهة الاهالي، لا بد من التذكير بأن الدستور اللبناني​ ينص على احترام الملكيات الخاصة التي يتطلب الدخول اليها الحصول على موافقات مسبقة ومواكبة من السلطات اللبنانية المختصة، ومع التشديد على ان الحفاظ على الاستقرار في الجنوب يبقى من مسؤولية الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني، لا بد من التنويه الى ان الجيش يقدّم كل التسهيلات اللازمة لليونيفيل وفق ما تطلبه من أجل حسن تنفيذ مهامها.

أما بالنسبة الى الحوادث المحدودة التي وقعت بين مجموعات من قوات اليونيفيل وعدد من المواطنين في بعض القرى فإنها لا تعكس أي مناخ سلبي ضد قوات اليونيفيل حيث تبقى نسبة هذه الحوادث ضئيلة جداً (0.03 %) وأسبابها معروفة، وبالإمكان تفادي حصول المزيد منها عبر تعزيز التعاون بين القوة الدولية والجيش اللبناني، واحترام آليات التنسيق والارتباط بينهما.

وفي يومنا الحاضر، تتعاظم الحاجة الى استمرار مهمة اليونيفيل لمؤازرة الجيش اللبناني الذي ينفذ مهامه على كامل الأراضي اللبنانية في الظروف الدقيقة التي يجتازها الوطن حالياً والأزمات العديدة التي تعصف به من ​الأزمة​ الاقتصادية والمالية غير المسبوقة، والتي تزامنت مع جائحة ​فيروس كورونا​ المستجد، واستمرار الخطر الارهابي في المنطقة، وأزمة ​النزوح السوري​، الى أزمة ​اللجوء الفلسطيني​، واذ يأمل لبنان أن يتمكن قريباً من استعادة ​مزارع شبعا​ وشمالي ​بلدة الغجر​، والتوصّل الى حل لنقاط الخط الأزرق التي يتحفّظ عليها، بعدما تم ​ترسيم الحدود​ البحرية، فانه يتمسّك حالياً بقوات اليونيفيل والدور الايجابي الذي تلعبه. وفي هذا الاطار، اتخذ ​مجلس الوزراء​ قراراً بالتوجّه الى مجلس الأمن بطلب تمديد مهمتها لسنة اضافية اعتباراً من 31 آب 2023 من دون تعديل لولايتها ومفهوم عملياتها وقواعد الاشتباك الخاصة بها تمكيناً لها من الاستمرار في القيام بدورها الحيوي والذي هو حاجة اقليمية لا بل دولية.

ولبنان يقدر جهود الأمم المتحدة والدول الصديقة ولقوات اليونيفيل قيادة وأفراداً، ويلتزم بالقرار 1701 وباستمرار الهدوء والاستقرار في الجنوب، وتمسك لبنان بالقوات الدولية وبأهمية دورها لا يفوقه سوى تشبّثه بالحريات العامة التي كرّسها الدستور وبسيادة لبنان التامة على كامل أراضيه ومياهه وأجوائه.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة