تداعيات قرار التمديد لـ"اليونيفيل" تتوالى... تصحيح لـ"خطأ" ارتُكب في العام الماضي؟! | أخبار اليوم

تداعيات قرار التمديد لـ"اليونيفيل" تتوالى... تصحيح لـ"خطأ" ارتُكب في العام الماضي؟!

| الثلاثاء 05 سبتمبر 2023

تداعيات قرار التمديد لـ"اليونيفيل" تتوالى... تصحيح لـ"خطأ" ارتُكب في العام الماضي؟!

عز الدين: مطمئنّون للأهالي ولحرص القوّة الدوليّة


"النهار"- ابراهيم بيرم

رغم انقضاء نحو خمسة أيام على إقرار مجلس الأمن لقرار التمديد الروتيني للقوة الدولية العاملة في الجنوب، فإن التداعيات والتردادات المقرونة بالتساؤلات التي سبقت جلسة التمديد ومن ثم واكبتها، ما انفكت تتوالى فصولاً على مستوى مستقبل الوضع في بقعة عمل هذه القوة من جهة وعلى المستوى السياسي العام من جهة أخرى.

قرار التمديد صار سارياً منذ ليل 31 آب الماضي، ولكن موجة التأويل لم تزَل مستمرة، إذ إن البعض يرى أن صدور القرار الأممي بالصيغة التي صدر بها ينطوي على انتصار للبنان تحقق بفعل جهد ديبلوماسي وبصعوبة لكونه مرّ في محفل غير "صديق" إن لم يكن معادياً ووسط ضغوط إسرائيلية – أميركية مدعومة بإسناد عربي مفاجئ. ورغم ذلك، كانت المحصّلة إدخال إضافات وتعديلات على القرار المتخذ في مثل هذه الأيام من العام الماضي والذي كان في تقدير خبراء في القانون الدولي بمثابة انتقال مقنّع إلى الفصل السابع الذي يقرّه مجلس الأمن في حالات تصير فيها قواته قوة ردع لها حرية التصرّف والحركة بوحي من روحية هذا التوجه، أي إنه يعاكس فحوى القرار 1701 الذي على أساسه أوفدت قوة "اليونيفيل" إلى لبنان في صيف عام 2006.

ولا شك في أن حاملي هذه الرؤية، وفي مقدّمهم رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، أشادوا بالقرار الجديد ورأوه يستبطن تصحيحاً لـ"خطأ" ارتُكب في العام الماضي، وإن بشق النفس وبعد أن هدّد لبنان بسحب التفويض الذي يتعيّن أن يعطيه ليكون أساس التمديد.

وفي المقابل، ثمة من يرى أن ما أقرّ في نيويورك أخيراً هو بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للتفجير إذا ما أراد البعض نسف معادلة الاستقرار القائم في الجنوب منذ نحو 17 عاماً، وإنهاء صيغة التعايش الآمن الراسخة بين القوة الدولية وبين "الأهالي".

وبين هذا الرأي وذاك، تبقى الأنظار شاخصة نحو"حزب الله" المعنيّ الأبرز بهذا التطوّر، وردة فعل هذا التنظيم حيال ما حدث وكيفية مقاربته لتداعياته ونتائجه المرتقبة خصوصاً أنه يجري في البقعة الأعز عنده، التي من بين جنباتها يدير بإتقان وبراعة عملية المواجهة المكشوفة حيناً والمضمرة حيناً آخر مع الجانب الإسرائيلي.

ما سُمع عن لسان الحزب بهذا الشأن كان قبيل جلسة التمديد لليونيفيل بأيام قليلة. وقد أتى على لسان السيد حسن #نصرالله، إذ حذّر من أن ثمة من يريد "من قوة اليونيفيل أن تعمل عند الإسرائيلي وأن تعمل جواسيس عندهم". واللافت في حينه أن نصرالله أرفق هذا التحذير المكثّف بشكر الحكومة اللبنانية على "سعيها إلى تصحيح خطأ العام الماضي الذي أعطى الحرية الكاملة لليونيفيل للتحرك من دون تنسيق أو إذن مع الجيش اللبناني". وبناءً على ذلك، بدا نصرالله كأنه على ثقة مسبقة من أن الأمور آيلة حتماً إلى تصحيح لخطأ مرّ في العام الماضي في طيّات ظروف غير واضحة.

ومع ذلك، فإن السؤال الأهم يبقى هل صمت الحزب حيال قرار التمديد يعني أنه ارتضى به أو رضي عنه؟ وهل موجة المخاوف والتحذيرات التي أطلقها عشيّة التصويت في مجلس الأمن تبدّدت؟

في غرفه الموصدة يرى الحزب أن ما حصل أخيراً هو نوع من فرملة اندفاعة جامحة أراد أصحابها منها استخدام قوة "اليونيفيل" ورقة ضغط على الحزب وردعٍ له وتكبيلٍ ليديه. لكن رغم هذا التشخيص، تبقى دوائر القرار في الحزب مقيمة على قدر لا يستهان به من الحذر من آت مخبوء. وأكثر من ذلك، ترى الدوائر عينها في الأمر حرباً جديدة وبأدوات غير تقليدية يشنّها الإسرائيليون والأميركيون على الحزب في عقر معقله وأحد أبرز مرتكزات قوّته.

لكنّ عند الحزب عنصرين يشكلان مصدر اطمئنان مستقبلي بالنسبة إليه وهما:
الأول، ثقته المطلقة بالبيئة الجنوبية الحاضنة "التي أثبتت مراراً وبالبرهان العملي أنها ليست في وارد التخلي عنه أو التهاون حيال أيّ حراك يُسشتف منه أنه يسعى إلى إلحاق أي أذيّة بالمقاومة وعناصر قوّتها".

الثاني، "يقين الحزب بأن القوة الدولية نفسها قيادة وضباطاً وعناصر لا تريد الانزلاق إلى صدامات مع الأهالي ولا تريد استطراداً التفريط بالعلاقة الدافئة التي نسجوها مع الأهالي طوال الأعوام الخوالي".

وبرهان الحزب على ذلك الاطمئنان إلى أن قائد القوة الدولية الجنرال الإسباني رفض في العام الماضي أن يبدّل أداء قوّاته وظلّ حريصاً على العلاقة المتوازنة مع الأهالي في بقعة العمل جنوبي الليطاني، رافضاً تسيير أي دورية من دون علم الجيش ورافضاً أيضاً السماح لهذه الدوريات بدخول الأملاك الخاصة تحت أيّ ذريعة مع أن قرار العام الماضي أعطى لهذه القوة حرية الحركة من دون أي قيد. وبناءً على ذلك، لم تُسجَّل في العام المنصرم أيّ حادثة تُذكر.

والأكيد أن الحزب رصد في الأيام الماضية تصريحات الناطقين بلسان القوة الدولية التي أبدوا خلالها الحرص التام على التنسيق وفق ما كان سائداً سابقاً.

ووفق المعلومات، يحرص الحزب على الاكتفاء بأقل قدر ممكن من التعليق حيال التمديد الجديد وحيال الاحتمالات التالية.

وحده نائب الحزب عن صور حسن عزالدين تحدث عن الموضوع بأقل قدر من الكلام وبلهجة هادئة فأبلغ "النهار": "بصرف النظر عن الأبعاد التي نراها حاضرة في قرار التمديد الأخير وما حمله من عناصر ضعف أو قوة، فإن أصل الاطمئنان عندنا يتجسّد في يقيننا المبنيّ على تجارب بأن وحدات "اليونيفيل" نفسها مقتنعة تماماً بأنها قاصرة عن أداء المهمة الموكلة إليها وبأن أمورها لن تكون سلسة ومريحة وطبيعية إلا عبر علاقة طبيعة تخلو من أي عامل استفزاز للأهالي القاطنين في بقعة عملياتها، وإلا من خلال احترام مشاعر البيئة الجنوبية التي تدرك اليونيفيل على كل مستوياتها كما يدرك غيرها أنه بيئة حاضنة للمقاومة تاريخاً وحاضراً، لا بل هي بيئة مقاومة بالأصل، ترفض أي انتقاص من سيادتها ومن حقها في الدفاع عن نفسها وعن قضاياها ومقدساتها".

وأضاف: "كذلك تعلم القوة الدولية والأمم المتحدة ومنظماتها تماماً أن الجيش اللبناني المكلف بالدفاع عن أرضه والذود عن السيادة والاستقلال لن يقبل بطبيعة الحال بأي انتقاص من هذا الدور وهذه المهمة المقدسة، على نحو يتحوّل معه إلى تابع أو شاهد فحسب". وخلص: "منذ أن أتت طلائع القوة الدولية بموجب القرار 1701، كان معلوماً أن هذا القرار يتضمّن نصّاً واضحاً بضرورة التنسيق مع الجيش بل على حد علمنا إن المهمة الأساس لهذه القوة هي مساعدة الجيش في مهماته، وكل ما عدا ذلك باطل ويضرب عرض الحائط بمندرجات القرار نفسه. وبناءً على ذلك، من الحكمة والمنطق وحرصاً على الاستقرار والسلام وعلى المهمة الأساس لليونيفيل يتعيّن على هذه القوة استمرار التنسيق مع الدولة واستتباعاً الجيش ويوجب على العابثين والمتآمرين الكفّ عن التفكير في أي أداء يخالف ذلك".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار