"حزب الله" يُعدّ للتوغّل وقرار الحرب حساباته إقليمية؟ | أخبار اليوم

"حزب الله" يُعدّ للتوغّل وقرار الحرب حساباته إقليمية؟

| الإثنين 09 أكتوبر 2023

"طوفان الأقصى" يغيّر المنطقة ويستدرج توريط لبنان...

"حزب الله" يُعدّ للتوغّل وقرار الحرب حساباته إقليمية؟


 "النهار"- ابراهيم حيدر

كسرَ "طوفان الأقصى" كل المعادلات التي كانت قائمة في غزة والأراضي الفلسطينية المحتلة، وفي المناطق المتاخمة لإسرائيل خصوصاً لبنان، وترك آثاراً في المنطقة وعلى العلاقات بين الدول العربية والاحتلال الإسرائيلي، لن تكون كما قبل 7 تشرين الأول. ولا شك في أن حركة حماس والمقاومين الفلسطينيين حققوا إنجازاً كبيراً يمكن وضعه في خانة الانتصار بصرف النظر عمّا ستؤول إليه الأوضاع في الداخل الفلسطيني وما ستكون عليه إسرائيل في المرحلة المقبلة، إن كان في تركيبتها السياسية أو إذا ما خاضت حرباً دموية في قطاع غزة واحتمال أن تتمدد إلى لبنان الذي يقع في قلب العاصفة انطلاقاً من دور "حزب الله" المتأهّب تحت عنوان "وحدة الجبهات" لكن حساباته مرتبطة بالإقليم وكلمة السر الإيرانية.

أحدث اختراق المقاتلين الفلسطينيين صدمة كبيرة في الداخل الإسرائيلي، وهي مرشحة للمزيد، فالمعركة لم تنته بعد، فيما اكتفى "حزب الله" بإطلاق صواريخ على مواقع الإسرائيليين في تلال كفرشوبا وأعاد نصب الخيمة التي استهدفتها المسّيرات الإسرائيلية في مزرعة بسطرة المتاخمة لمزارع شبعا. بالنسبة إلى الحزب، هذا نوع من التضامن مع معركة حماس، لكنه لا يندرج في إشعال الجبهات المتاخمة لإسرائيل، أقله حتى الآن، فمع مرور وقت على الدخول الفلسطيني الى المستوطنات في غلاف غزة وطلب "حماس" فتح الجبهات، اكتفى الحزب بالقصف الصاروخي، فحسابات اقتحام المستوطنات على الحدود اللبنانية - الإسرائيلية مختلفة، وهي تعني التهيؤ لمعركة طويلة قد تكون نتائجها تدميرية، وإن كان رئيس المجلس التنفيذي في "حزب الله" هاشم صفي الدين أكد أن الحزب ليس على الحياد وأنّ "مشهد دخول المستوطنات في غلاف غزة المترافق مع القصف الصاروخي سيتكرر في يوم من الأيام مضاعفاً عشرات المرات من لبنان، وكل المناطق المحاذية لفلسطين المحتلة"، لكن يبدو أن خوض هذه المعركة لم يحن وقته بعد.

وإلى أن تتضح معالم المعركة ونتائج ما حققه الفلسطينيون، وما إن كانت إسرائيل ستخوض حرباً شاملة خصوصاً بعد تصديق المجلس الوزاري السياسي الأمني الإسرائيلي على بدء حرب على قطاع غزة، لا تبدو الجبهة اللبنانية - الإسرائيلية حتى الآن متجهة إلى الاشتعال، فلو قرر "حزب الله" الدخول في حرب بتغطية إيرانية، لما اكتفى بقصف المواقع الاسرائيلية في تلال كفرشوبا المتاخمة لمزارع شبعا، ومنها مناطق محتلة لم تُدرج ضمن الخط الأزرق الذي حُدد في عام 2000، بل لا تزال مرتبطة بالمزارع ومنطقة الجولان السورية المحتلة تحت القرار الدولي 242. وما لم تشتعل الجبهة الجنوبية بين الناقورة وقرية الغجر المحتلة على أطراف المجيدية آخر نقطة صعوداً إلى مزارع شبعا، فهذا يعني وفق مصدر ديبلوماسي، أن قرار الحرب وإشعال الجبهات لم يُتخذ بعد لا عند "حزب الله" ولا عند مرجعيته الإقليمية.

سيغطي "طوفان الأقصى" على كل ما يحدث في المنطقة، إذ للمرة الأولى يتمكن الفلسطينيون من التوغل في الأرض التاريخية أي داخل الكيان الإسرائيلي، لكنه قابل للاستثمار من أكثر من طرف، بغض النظر عما سيذهب إليه الداخل الفلسطيني، خصوصاً وضع السلطة الفلسطينية وما ستتركه الحرب على وضعها وهي التي عانت كثيراً من الحصار الإسرائيلي ورفض حكومته اليمينية المتطرفة كل مبادرات السلام ولا سيما حل الدولتين، لا بل إنها أغرقت الضفة الغربية بالمستوطنات وسياسات الفصل العنصري، وهو ما وضع الفلسطينيين أمام خيارات مكنت "حماس" من تولي زمام الأمور وخوض معركة ستمنحها وزناً وموقعاً أساسياً في التفاوض للمرحلة المقبلة، خصوصاً أنها مدعومة من إيران مع حركة الجهاد الإسلامي.

بالنسبة إلى لبنان سيكون للمعركة الكبرى حساباتها انتظاراً لما ستحسمه المرجعية الإقليمية لـ"حزب الله"، خصوصاً بعدما تمكنت طهران من وضع حماس والفصائل الأخرى في غزة تحت جناحيها وباتت اللاعب المقرر في الساحة الفلسطينية، فيما تولى الحزب تنسيق "وحدة الجبهات"، وهذا ما يمنحه موقعاً أساسياً أدى الى حصول اتصالات إقليمية ودولية معه للتهدئة، وهو أمر سيستثمره في المعادلات الداخلية اللبنانية وأيضاً في ما يتعلق بالإقليم وصولاً إلى ما تهدف إليه إيران من محاولات لمنع التطبيع قبل أن تتقدم في ملفاتها مع الأميركيين خصوصاً في النووي.

ينتظر "حزب الله" ما ستؤول إليه معركة الفلسطينيين في غزة، للانخراط في المواجهة وترجمة عنوان "وحدة الجبهات" فعلياً على الأرض. لكن دخوله سيعني أن هناك قراراً إقليمياً بالحرب، وهو لم يُتخذ بعد لأسباب لها علاقة بالتطورات في المنطقة، وتهيئة المقومات اللوجستية لما يمكن أن يحدث على مختلف الجبهات. ويعني ذلك وفق المصدر الديبلوماسي أنه رغم التوترات والقذائف المتفرقة على الحدود بين لبنان وإسرائيل، لم تصل الأمور إلى خوض حرب قد تكون نتائجها مدمرة على لبنان خصوصاً، وهي حرب تختلف عن غزة والداخل الفلسطيني، لكونها من بلدان الطوق وترتبط بحسابات في المنطقة، لكن يُحتمل في أي وقت أن يُدخل لبنان في الحرب عبر "حزب الله" ليس انطلاقاً من حسابات خاطئة، بل تبعاً لمسار التطورات ونتيجة قرار ضمن معادلة وحدة الجبهات بأهداف إقليمية، لا سيما إذا قررت إسرائيل استخدام كل آلتها الحربية في غزة.

في الواقع وجّهت "حماس" ضربة كبيرة للكيان الإسرائيلي، وهي استخدمت المفهوم نفسه الذي كان أعلنه الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصرالله في وقت سابق، أي العبور إلى المستوطنات عند أي معركة كبرى أو حرب، وهو جسّدها على الأرض في مناورات عدة وعمليات تسلل، علماً بأن عديد مقاتلي الحزب هو أكبر، وبالتالي أي توغل سيكون قاسياً على إسرائيل لكنه في الوقت نفسه سيفتح حرباً في المنطقة لن يكون سهلاً الخروج منها، وسيكون لبنان في قلب التدمير لكونه الحلقة الأكثر ضعفاً في غياب الدولة والفراغ، بما يعني أن القرار فيه سيكون لـ"حزب الله" الذي يحدد كل المسارات المقبلة.

يرتبط توسيع المعركة أيضاً بالوضع الإسرائيلي، وبمسار الحرب على غزة، وبقدرة الحكومة الإسرائيلية على خوضها في ظل هذا العدد الكبير من الأسرى لدى "حماس"، وما إن كانت ستنهار بفعل سياساتها أو انتهاء عصر بنيامين نتنياهو، حيث تشير كل التوقعات إلى أن الحكومة اليمينية المتطرفة سيؤول مصيرها إلى السقوط نظراً لما سيتركه الإنجاز الفلسطيني من تداعيات على إسرائيل وعلى كل المعادلات في المنطقة ومساراتها. وانطلاقاً من ذلك سيستثمر "حزب الله" وإيران هذا الوضع إلى أقصى الحدود، ولا يمكن استبعاد قرار توريط لبنان في حرب لحسابات غير لبنانية، ليس بوسعه تحمّلها، أو توظيف كل ما يحدث في الداخل وفي ما يتعلق بالاستحقاقات اللبنانية لمصلحة محور المقاومة الذي يقدّم نفسه الآن وسابقاً أنه "الحامي للبنان".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار