الموقف الفرنسي كما الدولي يضغط تصاعدياً لتجنيب لبنان الحرب | أخبار اليوم

الموقف الفرنسي كما الدولي يضغط تصاعدياً لتجنيب لبنان الحرب

| الإثنين 23 أكتوبر 2023

الموقف الفرنسي كما الدولي يضغط تصاعدياً لتجنيب لبنان الحرب
 الاستحقاق الرئاسي مسترهَن حاليا لمصلحة اجندة اقليمية لا تفيد مصالح لبنان

"النهار" - سمير تويني

بعد توسع المواجهة بين "حزب الله" والجيش الاسرائيلي على امتداد الحدود في جنوب لبنان خلال نهاية الاسبوع الماضي، بدت الانظار الدولية والاقليمية مشدودة الى مستقبل الوضع العسكري وتطوره من على جانبي الحدود اللبنانية - الاسرائيلية.

وتعاظمت المخاوف عند العديد من الاطراف الدولية والاقليمية من خروج الوضع عن السيطرة والدخول في مواجهة مفتوحة تؤدي الى تمدد شظايا الحرب الى الاراضي اللبنانية ودمار البلد نظراً الى وضعه الهشّ سياسيا واقتصاديا وماليا واجتماعيا و عدم قدرته على تحمّل تبعات حرب تتوعد إسرائيل من خلالها بـ"اعادة لبنان الى العصر الحجري".

والسؤال المطروح من دون أي اجابة حتى الآن هو: هل يستطيع "حزب الله" المجازفة بسلطته شبه المطلقة على لبنان وخسارة امتيازاته بدخوله حرباً مفتوحة مع اسرائيل؟ وما هي المكاسب التي يمكن ان يجنيها بعد ان تكون هذه الحرب قد دمرت لبنان، علما ان أحدا لن يكون مستعدا لمساعدته على اعادة البناء كماحصل عام 2006؟

يشكل لبنان الآن محور الاتصالات الخارجية التي تُسدي الى السلطات اللبنانية و"حزب الله" وايران نصائح بعدم الانجرار الى مواجهة مع اسرائيل وتوسيع دائرة الحرب لتشمل لبنان لمنع الجيش الاسرائيلي من الاستفراد بحركة "حماس" في غزة، مع الاشارة الى ان دمار لبنان لن ينقذ "حماس" وغزة ولن يحرر القدس.

غير ان السلطات اللبنانية ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي لا يملكان أيّ سلطة للتأثير على "حزب الله" الذي بيده قرار السلم والحرب ولن يبوح بسرّه لأحد. والسلطة الشرعية اللبنانية لا تعلم ما سيقرره الحزب الذي يبدو أنه ما زال يقوّم الكثير من الاحتمالات قبل اعلان الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الدخول في مواجهة مفتوحة مع إسرائيل أم لا. ووفق مصادر عدة انه لا يجد نفسه مضطراً للدخول في المعركة قبل تحديد بقية الجبهات الاقليمية ضد الجيش الاسرائيلي.

و تمارس دول اقليمية وغربية ضغطاً على اسرائيل من جهة، وعلى "الحزب" وايران من جهة اخرى، لعدم الدخول في مواجهة مفتوحة قد تؤدي الى خسارة اللبنانيين بلدهم، وثمة مخاوف من امتداد هذه الحرب الى أبعد من الحدود الشمالية لاسرائيل وغزة لتتحول الى حرب اقليمية واسعة تؤجّجها تدخلات دولية.

وتشير مصادر غربية الى ان السلطات العسكرية والسياسية الاسرائيلية منقسمة بين فريقين: فريق يدفع باتجاه فتح الجبهة الشمالية مع "حزب الله" لأنه يشكل التهديد الاكبر لاسرائيل، وفريق تدعمه الولايات المتحدة ودول غربية يحذر من فتح الجبهة الشمالية خوفاً من انتشار الحرب اقليمياً بين أطراف تدعمها ايران وأطراف تدعمها الولايات المتحدة.

وفي هذا السياق، تقوم فرنسا منذ انطلاق الحرب بمساعٍ مع العديد من الاطراف الدولية والاقليمية والمحلية للمحافظة على لبنان. وقد اجرى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون وفق بيان صدر عن قصر الاليزيه اتصالات مع عدد من المسؤولين في هذه الدول أبرزهم الرؤساء الاميركي والمصري والاماراتي والتركي والايراني والعاهل الاردني وامير قطر وولي العهد السعودي ورئيس السلطة الفلسطينية والمستشار الالماني ورؤساء حكومات ايطاليا والمملكة المتحدة واسرائيل ولبنان. واكد ماكرون خلال هذه الاتصالات ان "اسرائيل لها الحقّ في الدفاع عن نفسها واتخاذ الإجراءات اللازمة للقضاء على المجموعات الارهابية التي هاجمت الدولة العبرية وسكانها". وذكّر "بالتدابير الضرورية التي يجب اتخاذها لحماية المدنيين في غزة واماكن اخرى واحترام القانون الانساني الدولي". وهو موقف مؤيد للسلطات الاسرائيلية نظراً الى خسارة فرنسا العديد من رعاياها خلال اجتياح "حماس" للمنطقة المتاخمة لغزة والمجازر التي حصلت فيها.

أما السلطات الايرانية فطالبها ماكرون "بالامتناع عن التدخل في الصراع الدائر" بين اسرائيل و"حماس". ودعا "حزب الله" الى"تجنب فتح جبهة ثانية شمال اسرائيل"، معبّرا بذلك عن مخاوفه من ارتداداتها على لبنان وامكان تدميره.

ويعمل الرئيس الفرنسي على منع تصعيد الصراع واحتواء امتداداته وانهاء فترة التوتر في اسرع وقت لمصلحة اسرائيل والفلسطينيين والمنطقة بأسرها. وقد تتخذ الرئاسة الفرنسية وفق البيان "جميع المبادرات المفيدة مع شركائها الاقليميين وجميع اولئك الذين يمكنهم العمل من اجل السلام والاستقرار لإعادة فتح منظور سياسي في اقرب وقت". غير ان مصادر ديبلوماسية تشير الى ان وقت المبادرات لم يحن بعد، وان وقت الحرب مستمر حتى تحقق اسرائيل هدفها.

وفي هذا الإطار، وُجهت الى الرئيس ماكرون انتقادات لعدم قيامه بزيارة اسرائيل بعد تعرّضها لهجمات "حماس" رغم تنديد باريس "بعملية حماس الإرهابية" وتأكيدها "حق اسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها مع احترام القانون الدولي". وقد يعلن قصر الاليزيه عن زيارة مرتقبة الى منطقة الشرق الاوسط للرئيس ماكرون عندما تتكون لديه ملامح حل الازمة الناتجة عن حرب غزة والصراع الاسرائيلي - الفلسطيني، ووقف هذه الحرب المدمرة.

وباريس في هذا السياق تستمر بإيصال الرسائل المباشرة الى "حزب الله" بواسطة سفيرها في بيروت والسلطات اللبنانية. وتشير هذه الاتصالات وفق مصادر عليمة "الى عدم نية الحزب حتى الآن الخروج عن قواعد الاشتباك"، وان تبادل المناوشات على جانبي الحدود لا يُعتبر تصعيدا، وان الوضع ما زال تحت سيطرة الاطراف المتصارعة. لكن باريس تنبه وتعرب عن مخاوفها من التوتر المتصاعد والمقلق للغاية والذي يشكل خطرا كبيرا على لبنان والمنطقة. وتبذل فرنسا مجهودا كبيرا لتجنب هذا التصعيد لأن الوضع غير مستقر وهو على مستوى مرتفع من التوتر.

واتصل وزير الدفاع الفرنسي بنظيره اللبناني ليبلغه "ضرورة بقاء لبنان بعيدا عن تداعيات الوضع في غزة... وتفادي اي تصعيد". وهذا يعني، كما اشارت وزيرة الخارجية الفرنسية خلال زيارتها الاخيرة لبيروت، زوال لبنان.

هذه الوقائع التي يعيشها لبنان والمنطقة عموما تحاصر الانتخابات الرئاسية، والتقدم فيها ايجابيا يحرر هذه الانتخابات، لكن هذا الحسم لم يحن بعد وهو بانتظار نتائج الحرب الدائرة والمستجدات الاقليمية التي ستليها لأن الاستحقاق الرئاسي مسترهَن حاليا لمصلحة اجندة اقليمية لا تفيد مصالح لبنان.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار