بعد قمتي الرياض والقاهرة... هل تخرج القمة العربية الطارئة بخارطة طريق؟ | أخبار اليوم

بعد قمتي الرياض والقاهرة... هل تخرج القمة العربية الطارئة بخارطة طريق؟

داود رمّال | الجمعة 10 نوفمبر 2023

بعد قمتي الرياض والقاهرة... هل تخرج القمة العربية الطارئة بخارطة طريق؟

لا بد من تذويب الخلافات العربية - العربية ووضع سقف سياسي عربي للتسوية

داود رمال – "أخبار اليوم"

فرضت الحرب الدائرة في فلسطين المحتلة وتحديدا عملية ابادة غزة، نفسها بقوة كبند وحيد على جدول اعمال الاهتمامات العربية والاقليمية والدولية، وشهدت كل من العاصمة السعودية الرياض والعاصمة المصرية القاهرة، قمتان جمعتا الدول المعنية مع تسجيل عدم دعوة دول اساسية ابرزها لبنان الذي على تماس مباشر مع الاحداث، والتبريرات التي قدمت غير مقنعة.

في قمة تاريخية هي الأولى بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة "آسيان"، اجتمع قادة وزعماء 16 دولة خليجية وآسيوية في الرياض، دشنوا في خلالها خطة عمل مشتركة للفترة 2024 – 2028. الا ان غزة كانت الحاضر الاكبر اذ أكد ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الرفض القاطع لاستهداف المدنيين في غزة بأي شكل وتحت أي ذريعة، مشدداً على أهمية الالتزام بالقانون الدولي الإنساني، وضرورة وقف العمليات العسكرية، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار وتحقيق السلام الدائم.

ولاقت مواقف بن سلمان اهتماما كبيرا خصوصا عندما وضع اطارا للحل بقوله "يؤلمنا في الوقت الذي نجتمع فيه ما تشهده غزة من عنف متصاعد يدفع ثمنه المدنيون الأبرياء، وفي هذا الصدد نؤكد رفضنا القاطع لاستهداف المدنيين بأي شكل من الأشكال وتحت أي ذريعة، وأهمية التزام القانون الدولي الإنساني، وضرورة وقف العمليات العسكرية ضد المدنيين والبنى التحتية التي تمس حياتهم اليومية، وتهيئة الظروف لعودة الاستقرار، وتحقيق السلام الدائم الذي يكفل الوصول إلى حل عادل لإقامة دولة فلسطينية وفق حدود 67 بما يحقق الأمن والازدهار للجميع".

وترجم هذا الموقف في بيان مشترك في ختام القمة، اذ حث القادة المشاركون جميع الأطراف المعنية على العمل من أجل التوصل إلى حل سلمي للصراع، وفقاً لحل الدولتين على أساس حدود ما قبل 4 يونيو (حزيران) 1967، بموجب القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة. وأعربوا عن بالغ القلق حيال تطورات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، واتفقوا على دعم مبادرة السعودية والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية لإحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، بالتعاون مع مصر والأردن، والرامية إلى حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وفقاً للقانون الدولي وجميع قرارات الأمم المتحدة ذات العلاقة بهذا الصراع.

قمة السلام

ألقت ملفات "التهجير القسري"، والتحذيرات من "اتساع رقعة الصراع" ما يدفع نحو "حرب إقليمية"، بظلالها على مجريات "قمة السلام" التي استضافتها القاهرة. وكشفت كلمات المشاركين في القمة تبايناً في المواقف، فبينما ركز القادة العرب في كلماتهم على "رفض نزوح الفلسطينيين"، داعين إلى "وقف فوري للحرب"، جاءت كلمات المسؤولين الأوروبيين لتدعو إلى "فتح ممر آمن لوصول المساعدات".

ولم يخرج عن القمة بيان ختامي توافقي، في حين أصدرت "الرئاسة المصرية" بياناً، عبّرت فيه عن موقفها "المتوازن" من ان القاهرة لن تألو جهداً في العمل مع جميع الشركاء من أجل تحقيق الأهداف التي دعت إلى عقد القمة، مهما كانت الصعاب أو طال أمد الصراع. وانها لن تقبل أبداً بتصفية القضية الفلسطينية على حساب أي دولة بالمنطقة، ولن تتهاون للحظة في الحفاظ على سيادتها وأمنها القومي في ظل ظروف وأوضاع متزايدة المخاطر والتهديدات.

واذ استهدفت مصر من خلال دعوتها للقمة، بناء توافق دولي عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق، ويدعو إلى وقف الحرب، ويعطي أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات إلى قطاع غزة، ويحذر من مخاطر امتداد رقعة الصراع إلى مناطق أخرى في الإقليم. وان مصر تطلعت إلى أن يطلق المشاركون نداءً عالمياً للسلام. اعتبرت الرئاسة المصرية إن الحرب الجارية كشفت عن خلل في قيم المجتمع الدولي، فبينما نرى هرولة وتنافساً على سرعة إدانة قتل الأبرياء في مكان، نجد تردداً غير مفهوم في إدانة نفس الفعل في مكان آخر، بل نجد محاولات لتبرير هذا القتل، كما لو كانت حياة الإنسان الفلسطيني أقل أهمية من حياة باقي البشر.

ودعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، المشاركين في القمة إلى التوافق على خارطة طريق تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، وتنتقل فوراً إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل في مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولاً لإعمال حل الدولتين، على أساس مقررات الشرعية الدولية، مؤكدا رفض بلاده التهجير القسري للفلسطينيين ونزوحهم إلى سيناء، لان ذلك  بمثابة تصفية نهائية للقضية الفلسطينية، وإنهاء لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة، ويخطئ من يظن، أن الشعب الفلسطيني راغب في مغادرة أرضه، حتى لو كانت تحت الاحتلال، أو القصف، وان تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث. وفي كل الأحوال، لن يحدث على حساب مصر أبداً، محذراً من اتساع رقعة الصراع بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين.

ولان رفض التهجير كان قاسما مشتركا في كلمات القادة العرب، قال العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إن التهجير القسري أو الداخلي للفلسطينيين يعتبر جريمة حرب. وان المملكة ستعمل على وقف هذه الكارثة الإنسانية التي تدفع منطقتنا إلى الهاوية. وطالب القيادة الإسرائيلية بأن تدرك أنه لا يوجد حل عسكري لمخاوفها الأمنية، ولن تستطيع الاستمرار في تهميش 5 ملايين فلسطيني يعيشون تحت الاحتلال.

وايضا، اكد العاهل البحريني الملك حمد بن عيسى آل خليفة أنه لن يكون هناك استقرار في الشرق الأوسط دون تأمين الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، مشددا على رفض بلاده القاطع لتهجير شعب غزة من أرضه وأرض أجداده.

وكذلك أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان رفض المملكة محاولات التهجير القسري للفلسطينيين، قائلا نرفض كل أشكال الاستهداف للمدنيين، ونُطالب المجتمع الدولي بإجبار إسرائيل على احترام القوانين الدولية.

وبالمثل رفض ولي العهد الكويتي، الشيخ مشعل أحمد الصباح، التهجير القسري للشعب الفلسطيني، محذراً من تداعيات خطيرة على المنطقة والعالم كله.

وصعّد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني من موقفه بقوله إن العراق يرفض بشدة محاولات إفراغ قطاع غزة من أهله، ولا مجال أبدا للحديث عن إعادة التوطين، أو خلق معسكرات للجوء، أو غيرِ ذلك من دعوات عفا عليها الزمن وليس من مكان للفلسطينيين إلا أرضهم. وقبل كل شيء، فإننا نشير إلى أهمية وقف تذويب القضية الفلسطينية ومحاولة دفنها، وإنه ليس من حقِ أحد أن يتصالح وأن يتنازل أو أن يتبرع نيابة عن الشعب الفلسطيني، فالفلسطينيون هم أصحاب الأرض والقضية.

وبينما دعا وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى خفض التصعيد في قطاع غزة وحقن الدماء ووقف الاعتداءات العسكرية، أكد رفض بلاده كل الحلول الهادفة للتهجير.

وحسم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مقترح التهجير، بقوله: "لن نرحل وسنبقى في أرضنا"، داعياً مجلس الأمن الدولي إلى القيام بمسؤوليته في حماية الشعب الفلسطيني، وحذر من أي عمليات طرد للفلسطينيين أو تهجيرهم من القدس أو الضفة الغربية.

وكذلك أعلن رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا رفض الحصار المفروض على غزة ومحاولات التهجير القسري لسكان القطاع بما ينتهك القوانين الدولية.

وبينما ناشد القادة العرب المجتمع الدولي والدول الكبرى التدخل لوضع حد للتصعيد المستمر من جانب إسرائيل، جاءت كلمات المسؤولين الأوروبيين لتؤكد ضرورة فتح ممر إنساني للمساعدات. وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إنه تحدث مع الحكومة الإسرائيلية بشأن ما يتعين عليها من تصرف وفقاً للقانون الدولي؛ للحفاظ على حياة المدنيين في غزة، وضرورة تحلي جيشها بضبط النفس والاحترافية والانضباط.

أما وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك فقالت إن القتال ضد (حماس) التي لا تتحدث باسم الفلسطينيين، يتعين أن يكون بأقصى درجات الحرص على الوضع الإنساني في غزة، وإلا فسيتعرض لخطر الانقلاب لصالح الحركة. وأكدت أن القتال ضد (حماس) يجب أن يتم بأكبر قدر ممكن من الحرص على الوضع الإنساني للرجال والنساء والأطفال الأبرياء في غزة.

بينما أشارت وزيرة الخارجية الفرنسية، كاترين كولونا، إلى أن ثمة حاجة إلى إنشاء ممر إنساني لتوصيل المساعدات إلى المدنيين في قطاع غزة، وأن ذلك قد يؤدي إلى وقف إطلاق النار.

وأكد موسي فقيه، رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي رفضه الحرب الشعواء على غزة والتدمير غير المسبوق، داعياً إلى تشكيل جبهة عالمية لوقف اللجوء وكل أشكال العنف ضد المدنيين. ودعا رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إلى حشد كل جهود الوساطة لوقف الصراع وحماية المدنيين، وشدد على ضرورة أن نكفل حقوق سكان قطاع غزة في الماء والدواء والغذاء وندعم جهود مصر في إيصال المساعدات الإنسانية.

وجدد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، دعوته التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وفتح ممر آمن على نحو عاجل لإيصال المساعدات إلى قطاع غزة بالكامل. وأوضح اننا نرفض كافة أنواع العنف والاستهداف ضد المدنيين دون تمييز. كما أعرب عن مخاوفه من الانجراف إلى صراع ديني يلحق كارثة ممتدة بالبشرية. واستنكر بشدة التصريحات التي تصف شعوب المنطقة بالبربرية في حين تصف شعوباً أخرى بالتحضر، محذراً من الانجراف إلى صراع ديني يُلحق كارثةً ممتدة بالبشرية، وداعياً إلى الحد من معاناة المدنيين وتفادي احتمالات حرب إقليمية سوف يدفع ثمنها الجميع.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش إلى إنهاء الحرب، واعتماد حل الدولتين لتحقيق السلام. وقال حان الوقت لإنهاء هذا الكابوس المروع، والعمل من أجل بناء مستقبل يليق بأحلام أطفال فلسطين وإسرائيل.

قمتان عربية واسلامية

الذي لم يُحسم بشكل واضح في القمتين السابقتين، تتوجه الانظار الى المملكة العربية السعودية مجددا يومي غدٍ السبت حيث القمة العربية الطارئة، والاحد حيث قمة منظمة التعاون الاسلامي، لجهة وضع خارطة طريق بسقف سياسي واضح، يعيد القضية الفلسطينية الى حضنها العربي، وفق قاعدة الاجماع الموصل الى الحلول المرجوة. واذا كان التباين في الموقف من التطورات الميدانية هو الطاغي، لجهة تحميل المسؤوليات، الا ان خارطة الطريق المجمع عليها هي مبادرة السلام العربية التي أقرت في قمة بيروت عام 2002 تبقى هي المخرج والحل، لانها شكلت تحولا جذريا في الموقف العربي من الصراع العربي الاسرائيلي، ورفضتها اسرائيل في حينه مراهنة على اخذ العرب فرادى الى التطبيع.

 ولكن الامر مرتبط بالموقف الاسرائيلي الذي يتصرف حاليا كـ"الثور المجروح" يقتل ويدمر في كل الاتجاهات، والى ان يهدأ لا بد من وضع استراتيجية جديدة لمقاربة التسوية السلمية في الشرق الاوسط، مرتكزها الارض مقابل السلام لان لا أمن ولا سلام بلا أرض واقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، والانسحاب من الاراضي العربية المحتلة في الجولان السوري المحتل ومزارع شبعا اللبنانية وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري والنقاط المتحفظ عليها.

فهل تكون نهاية الحرب في غزة هي نهاية بنيامين نتنياهو السياسية بحيث يذهب الى السجن الذي طال تحايله على دخوله؟، بطبيعة الحال من مصلحة الغرب حل الدولتين لان كرة النار اذا كبُرت تطال الجميع.

 

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار