تجربة "حزب الله" و"حماس" في الجنوب: ما "النجاحات"... وأين الأخطاء؟ | أخبار اليوم

تجربة "حزب الله" و"حماس" في الجنوب: ما "النجاحات"... وأين الأخطاء؟

| الجمعة 24 نوفمبر 2023

تجربة "حزب الله" و"حماس" في الجنوب: ما "النجاحات"... وأين الأخطاء؟
يعتبران أن تجربتهما الأخيرة معاً في الجنوب "كانت مثمرة ومتكاملة

"النهار"- ابراهيم بيرم

منذ أن أطلقت عمليتها العسكرية في 7 تشرين الأول الماضي المسمّاة "طوفان الأقصى" وجدت حركة "حماس" نفسها وجهاً لوجه أمام "مهمات أساسية" في الساحة اللبنانية خصوصاً بعدما تعاملت مع هذه الساحة منذ البداية على أنها جبهة مساندة أساسية رديفة للجبهة التي فتحتها في غزة وقطاعها، وخصوصاً أيضاً بعدما عززت حضورها فيها على نحو لم تعد تكتفي معه بدور المطل على هذه الساحة عبر ممثلية سياسية تلتزم حصراً إجراء اتصالات سياسية كواحد من مكونات المشهد الفلسطيني في لبنان.

ويأتي في مقدم تلك "المهمات":
- أن تثبت الحركة لشريكها في "محور المقاومة"، "حزب الله"، أمرين: الأول أن شروعها في عمليتها النوعية الواسعة من غزة في اتجاه مستوطنات غلافها دون تنسيق تام مسبق معه لم يكن بقصد "توريط" الحزب وجرّه قسراً الى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل قد لا يكون أعدّ لها ما يلزم من قوة.

ويتضح أن هذه الناحية برزت أكثر ما يكون في أعقاب الكلام المفاجئ الذي أطلقه الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله في إطلالته الإعلامية الأولى التي كشف فيها أن هذه العملية هي من صنع حركة حماس وحدها. وبناءً على ذلك وكما كان مطلوباً من الحزب أن يدحض عن نفسه شبهة أنه تخلى عن وعود بنصرة حليفته "حماس" كذلك كان على الحركة أن تقنع المتوجّسين بأنها لم تتبع نظرية توريط الآخرين وفي مقدمهم الحزب.

وبناءً عليه أيضاً كان لافتاً أن يوزع الجهاز الإعلامي في "حزب الله" خلال الساعات الماضية بياناً عن لقاء عُقد بين الأمين العام للحزب ونائب رئيس حركة حماس في غزة أي الشخص الثاني بعد يحيى السنوار، خليل الحيّة، برفقة المسؤول عن العلاقات العربية في الحركة الذي يعيش في بيروت أسامة حمدان. فالصورة التي جمعت الثلاثة معاً هي بشكل من الأشكال استكمال للصورة التي جمعت قبيل فترة نصرالله ونائب رئيس المكتب السياسي للحركة الشيخ صالح العاروري مع انفتاح أبواب المواجهات الضارية في غزة.

وأهمية الصورتين أنهما وردتا في سياق واحد وهو الرد على كلام مثير للجدل قاله القيادي في الحركة الذي يمضي أيامه في الدوحة خالد مشعل وأعرب فيه عن عدم رضاه عن مشاركة الحزب في دعم الحركة من خلال بوابة الجنوب اللبناني باعتبار أنه "فعل غير كافٍ ودون ما هو مطلوب".

وأورد بيان الحزب عن لقاء نصرالله والحيّة أن المجتمعين أكدوا "أهمية مواصلة العمل والتنسيق الدائم". واستكمالاً بالبيان كان لحمدان لقاءات مع وسائل إعلام ناطقة بلسان الحزب أكد من خلالها أن هذا اللقاء (نصرالله – الحية) هو نتيجة العلاقة العميقة بين "حماس" والحزب ونتيجة استقرار العلاقة مع السيد نصرالله.

وما غفل عنه البيان بيّنه حمدان في كلامه عندما قال "إن الجانبين شددا على أن العدو الإسرائيلي ما كان ليقبل بعقد الهدنة الموقتة لولا الضربات الموجعة التي تلقاها طوال فترة الحرب من جانب المقاومة". ولفت حمدان أيضاً إلى أن السيد نصرالله يتكلم عن ثقة بالنصر في غزة وأن هناك رضى عاماً في داخل محور المقاومة عن مسار المواجهات"، مؤكداً كخلاصة أن "محور المقاومة أقرب الى إنجاز الانتصار وحسم المعركة على رغم كل الآلام والتضحيات الجسام".

- أنه كان على الحركة مهمّة تبرير الظهور الجليّ لأنشطتها العسكرية والميدانية على طول جبهة الحدود اللبنانية مع الأراضي الفلسطينية المحتلة وتحديداً في منطقة الجليل الأعلى، من خلال القصف الصاروخي أو عبر عمليات الاقتحام والتسلل المحدودة التي مارسها مقاتلون محترفون للحركة (بلغت خمس عمليات) الى مواقع في العمق المحتل.

المعلوم أن الحركة كانت في السابق تنفي ما يتردّد عن نيّتها وتوجّهها لاتخاذ الجنوب ساحة مواجهات لها مع عدوّها الإسرائيلي على نحو يعيد تكرار أو استنساخ تجربة الوجود الفلسطيني المسلح في الجنوب في مرحلة ما بعد اتفاق القاهرة في عام 1969 امتداداً حتى صيف عام 1982.

وبناءً على ذلك ومع أول عملية عسكرية أعلنت الحركة أن عناصرها هم من تولى تنفيذها من الجنوب اللبناني تهاوت تلقائياً وتدريجاً هذه النظرية خصوصاً أن الحركة أعلنت عن سقوط عناصر لها في العمق ونعتهم رسمياً.

وهذا الفعل قلّل أيضاً من أهمية كلام قادة منها أعلنوا أن وجودهم المسلح هو وجود "عابر وموقت" فرضته شراسة المعركة في غزة وتغوّل الاحتلال.

وفي تبرير آخر أوحت الحركة أنها إنما تقدّم غطاءً فلسطينياً عربياً واسعاً يحتاج إليه "حزب الله" لاعتبارين اثنين الأول أنه (الحزب) يعتبر أنه يحظى بغطاء عربي–شرعي واسع، والثاني لكي يشعر الإسرائيلي بأن الحزب ليس وحده في المعركة والمنازلة بل إنه صار جزءاً من جبهة عريضة يشارك فيها هو الى جانب مجموعات لبنانية (قوات الفجر الجناح العسكري للجماعة الإسلامية وحركة أمل وقوى أخرى).

وقبل أقل من 48 ساعة قدمت الحركة برهاناً آخر عملانياً على اتساع دورها المقاوم انطلاقاً من جبهة الجنوب، إذ فجأة أُعلن أن المسيّرات الإسرائيلية قصفت سيارة يستقلها خمسة أشخاص كانت تمر على طريق الشعيتية بالقرب من صور وأردتهم.

ولقد أخذت الحركة وقتاً قبل أن تكشف عن واحد من هؤلاء يشغل منصب نائب القائد العسكري للحركة في لبنان (أبو خالد من مخيم الرشيدية – صور) وعنصرين آخرين لبنانيين من طرابلس وعكار.

أما العنصران الآخران فهما يحملان الجنسية التركية، وهو ما أوحى بأن حضور الحركة العسكري لم تعد تنطبق عليه صفة الحضور العابر المحدود بل إن ثمة توجهاً مضمراً عندها لجعل الساحة اللبنانية مرتكزاً لشيء أبعد يتبدّى عند الحاجة ويختفي عند الضرورة.

- أن جزءاً كبيراً من قيادة الحركة المركزية قد انتقل الى بيروت (العاروري، حمدان، الحيّة وعزت الرشق وعلي بركة...) وهذا يبرهن أيضاً أن وجودها في لبنان لم يعد عابراً.

- أن دور الحركة في هذا الإطار لم يعد عسكرياً فقط بل إن له جوانب أخرى تتمثل في إعادة وصل ما انقطع بين شريحة واسعة من السنة في لبنان والعرب مع المقاومة و"حزب الله" خصوصاً أن ثمة جهات لبنانية وعربية بذلت في السابق جهوداً حثيثة "لتطييف المقاومة ومذهبتها".

وفي كل الأحوال، فإن الحزب والحركة يعتبران أن تجربتهما الأخيرة معاً في الجنوب "كانت مثمرة ومتكاملة ويتعيّن عليهما معاً صونها".

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار