لبنان يتّجه نحو الحرب ... إسرائيل لن تتعايش مع ميليشيا مسلّحة على حدودها | أخبار اليوم

لبنان يتّجه نحو الحرب ... إسرائيل لن تتعايش مع ميليشيا مسلّحة على حدودها

| الإثنين 11 ديسمبر 2023

لبنان يتّجه نحو الحرب ... إسرائيل لن تتعايش مع ميليشيا مسلّحة على حدودها 
ما يحصل في الحرب الراهنة على غزة هو ما يُرجَّح أن يواجهه لبنان قريباً 

نديم قطيش - اساس ميديا
لبنان هو غزة في الانتظار. فالمعنى العميق لحرب غزة، أنّ إسرائيل لن تغامر مرّة أخرى بالتعايش مع ميليشيا مسلّحة على حدودها، وما يحصل في الحرب الراهنة، هو ما يُرجَّح أن يواجهه لبنان قريباً، بحسب ما يقول المسؤولون الإسرائيليون علناً. فما عاد بوسع إسرائيل الاتّكال على افتراضات متفائلة حول النوايا الفعليّة للمنظمات الجهادية التي تقول علناً إنّ هدفها تدمير إسرائيل وإزالتها من الوجود، مدعومة بتصريحات مماثلة على لسان أرفع المسؤولين الإيرانيين.

جرّبت إسرائيل لعبة التعايش مع حماس، وتغاضت عن بعدها الأيديولوجي، معتبرةً أنّ تمكينها من السلطة سيكون كافياً لإغراء الحركة بأن تضع على الرفّ خططها العسكرية ضدّ إسرائيل، إلى أن حصل هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

لا شيء يدعو إلى الاعتقاد بأنّ ما حدث هناك لن يحدث على الحدود اللبنانية الإسرائيلية. ففكرة العبور إلى الجليل هي وعد أطلقه حسن نصرالله مراراً وتكراراً.

الحرب خلال 12 شهراً

الاشتباكات الحالية هي مجرد تمهيد للصورة الكبرى التي تتهدّد لبنان ما لم يحصل تحوّل جذري وكبير في الواقع الأمنيّ والعسكري جنوب لبنان. فما لم يُصَر إلى تنفيذ صارم لمندرجات القرار 1701، بما يعنيه ذلك من انسحاب الحزب إلى شمال نهر الليطاني، وتمكين قوّة دولية ذات مصداقية وفاعلية تتحمّل مسؤولية مراقبة منطقة عمليات قوات اليونيفيل، تبدو الحرب هي الاحتمال الأرجح خلال الأشهر الـ 12 المقبلة.

الوقائع الديمغرافية على الأرض تصبّ لمصلحة احتمال الحرب. لقد ترك أكثر من مئة ألف إسرائيلي بيوتهم في البلدات الإسرائيلية الشمالية وتوجّهوا نحو تل أبيب وحيفا وغيرهما، ولن يعودوا إلى بيوتهم ما لم يحصل تغيير جدّي يقنعهم بأنّ أمنهم مصون. كذلك فرغت القرى الجنوبية من السكان، الذين تركوا بيوتهم نحو الضاحية الجنوبية لبيروت وأماكن أخرى. يوفّر معطى خلوّ منطقة النزاع المباشرة من المدنيين فرصة لإسرائيل لأن تطلق عملية ضدّ جنوب لبنان لفرض منطقة عازلة بالقوّة، من دون أن تكون أسيرة حسابات الإصابات في صفوف المدنيين اللبنانيين أو الإسرائيليين.

كما أنّ إسرائيل لن تغامر بتبديد حالة الاستنفار العسكري، الناتجة عن حرب غزة، والذهاب إلى تأجيل خيار الحرب مع لبنان، لتعيد تفعيل مناخات الحرب مرّة أخرى، من دون أن تكون المبادرة في يدها بالضرورة.

غالانت قالها علناً

يعرف الأميركيون والأوروبيون ما يدور في الخلد الإسرائيلي. وقد بعث كلّ من رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت ما يكفي من الإشارات إلى أنّ الحرب مع لبنان هي مسألة وقت لا مسألة مبدأ. وهذا ما يفسّر النشاط الاستخباري والدبلوماسي الأميركي والفرنسي تجاه لبنان في محاولة لابتكار ترتيبات ميدانية وسياسية تكون هي البديل عن الحرب التي تلوح في الأفق. بيد أنّ هذه الترتيبات تصطدم هي الأخرى بعقبات ناتجة عن تشدّد المزاج الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر (تشرين الأول). فمن غير المتوقّع أن توافق إسرائيل على أكثر من تنازلات محدّدة في قرية الغجر، في حين يبدو من المستحيل الآن أيّ بحث حقيقي في مصير مزارع شبعا وتلال كفرشوبا. وفي المقابل سيكون من الصعب على الحزب أن يكتفي "بانتصار" تحرير الجزء المحتلّ من قرية الغجر، ولا سيّما في ضوء الاستنزاف الذي ألحقته إسرائيل بسمعته وهيبته نتيجة عدد قتلاه، ورفع منسوب القصف العسكري على القرى والبلدات الجنوبية، والاستهداف الأمني الدقيق لقواته كما كشفت العملية ضدّ مجموعة من قوة الرضوان بينها نجل النائب محمد رعد. 

من الصعب تخيّل قبول الحزب بتنازلات كبيرة تبعد شبح الحرب، من دون تحقيق نتائج كبيرة، ولا سيّما وهو في حالة فقدان السيطرة على السردية المتعلّقة بدوره. فما يحصل في الجنوب أثبت أنّ الحزب ليس قوة الردع التي كان يتكنّى بها، وأنّه محشور في لعبة استفزاز إسرائيلية علنية قاسية. لا تفرق أحوال أهل الجنوب اليوم عن أحوالهم في الفترة الممتدّة بين منتصف السبعينيات واجتياح عام 1982، وهو ما بات يطرح في أذهان جمهوره أسئلة قلقة حول حقيقة قوة الحزب وقوة الردع والذعر الإسرائيلي وغيرها من المفردات التي بنى حولها سمعته وأسباب وجوده.

3  نقاط تنذر بالحرب

أمّا في ما يخصّ الحسابات الإسرائيلية، فثمّة 3 نقاط رئيسية تعمل لمصلحة خيار الحرب:

1- يحبّذون ضرب الحزب قبل أن يتحقّق احتمال حصول إيران على القنبلة النووية، ولا سيّما إن كان في حسابات إسرائيل أن تضرب النووي الإيراني لاحقاً.

2- يحبّذون ضرب الحزب وهم ليسوا في حالة استنفار مباشرة مع إيران، على النحو الذي ساد لبضع سنوات تميّزت بعمليات إسرائيلية داخل إيران.

3- يريدون استغلال الانتشار العسكري الأميركي غير المسبوق في المنطقة، قبل أن تطرأ على الحسابات العسكرية الأميركية مستجدّات تؤدّي إلى إعادة تموضع جديد. بالنسبة لإسرائيل فإنّ الانتشار العسكري الأميركي في الشرق الأوسط يوفّر فرصة لمغامرة إسرائيلية لتغيير الواقع في لبنان من دون الخوف من ردّ الفعل الإيراني المباشر أو عبر وكلاء طهران، لأنّ ذلك سيضع إيران في إطار مواجهة مباشرة مع أميركا.

الأكيد أن لا إمكانية لاستمرار الوضع على ما هو عليه في جنوب لبنان، لا لناحية الاشتباكات بصيغتها الحالية، ولا لناحية العودة ببساطة إلى ما قبل السابع من تشرين الأول. ثمّة معادلة جديدة قيد الولادة، وقد لا يكون المسار السياسي والدبلوماسي هو الطريق لتحقيقها. لبنان على حافة الحرب، واحتمالات سقوطه في هوّتها العميقة باتت أكبر من أيّ احتمال آخر.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار