"وحدة الساحات" هل تعيد لبنان الساحة؟ | أخبار اليوم

"وحدة الساحات" هل تعيد لبنان الساحة؟

| الخميس 04 يناير 2024

"وحدة الساحات" هل تعيد لبنان الساحة؟
ماذا عن أولوية المصلحة اللبنانية على ما عداها من حسابات إقليمية تجعله أداة لا أكثر

"النهار"- غسان حجار
يعيد اغتيال القيادي في "حماس" صالح العاروري فتح ملف "وحدة الساحات"، إذ يوصف الرجل بأنه مهندس هذه الوحدة، وتقول مصادر إنه "أُوكِل اليه إبلاغ الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بتنفيذ عملية 7 أكتوبر صباح ذلك اليوم".

لكن "وحدة الساحات" الشعار المرفوع منذ حين، والذي يمكن أن يحقق فائدة محدودة للمعنيين به، وخصوصاً لبنان، بات أمام تحدّ كبير لإظهار جديته من عدمها. فالشعار إيرانيّ الطابع والنشأة، إذ إن "وحدة الساحات" تتضمن دول ما يسمى "محور المقاومة" الذي لم يثبت جديته الفاعلة في حرب غزة، ومع اغتيال العاروري سيصبح الشعار على المحك أكثر من أي وقت مضى.

في الجانب الإيجابي لهذا الموضوع، أن "وحدة الساحات" يمكن أن تسبب عدم الاستفراد بأي دولة أو حزب، وتجعل إسرائيل تتحسب لردود فعل يمكن أن تقوم على غير جبهة، وعلى غير مستوى. ومنها أن فتحها أكثر من جبهة، يمكن أن يدفع إيران الى تحريك "المحور" إنْ في لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن، إضافة الى غزة، بما قد يربك الوجود الأميركي في المنطقة، وأيضاً القدرة الإسرائيلية على المضي في الحرب، التي إنْ طالت ستضاعف الخسائر المادية والمعنوية للكيان اليهودي.

لكن الأمر لا يقتصر على الإيجابيات المحدودة في المكان والزمان، إذ ان اعتماد "وحدة الساحات" يجعل الحرب مفتوحة ويورّط فيها أكثر من بلد، ومنها لبنان الذي دفع حتى الساعة أكثر من 120 ضحية وآلاف النازحين وخسائر في الممتلكات لم يتم إحصاؤها بعد، إضافة الى العبء الاقتصادي، والسياسي، الكبير الذي يثقل كاهل البلد المرهق أصلاً.

و"وحدة الساحات" شعاراً، يضعف استقلالية القرار الوطني، كما يضعف المناعة الوطنية الداخلية، إذ إنه مثار انقسام وتباعد بين مَن يرى فيه مناعة، وبين مَن ينظر إليه استتباعاً لإرادة إيرانية تتحكم بدول المنطقة التي تشكل "محور الممانعة" كما تسميها طهران، أو "الهلال الشيعي" كما يسميه آخرون.

و"وحدة الساحات" لم تتحقق كما يجب، ومحورها طهران لا تريد مواجهة شاملة، فيما هي تطلق مفاوضات في غير اتجاه، لذا تبرّأت من معرفتها بعملية 7 تشرين في غزة، ومثلها فعل "حزب الله" الذي أكد عدم علمه بالعملية، لكنه حرّك جبهة الجنوب للمناصرة والإلهاء والدعم، من دون أن "ينجرّ" الى حرب واسعة شاملة. كما تحركت فصائل في العراق وسوريا، ضد المصالح الأميركية، بشكل محدود جداً، لتحفظ ماء الوجه، ولا تظهر في موقع المتفرج أو المتخلّي عن غزة وأهلها.

لكن اغتيال العاروري في قلب الضاحية الجنوبية لبيروت، عرين "حزب الله"، يجعل التحدّي كبيراً، كما يجعل الموقف من "وحدة الساحات" على المحك، وينقض "عدم معرفة حزب الله" بالعملية، لأن "مهندس" هذه الوحدة يقيم في الضاحية إياها، بحماية الحزب ورعايته، وهو يلتقي الأمين العام للحزب وقياداته، ويطلعهم على كل جديد، وبالتالي لا يمكنه أن يهندس "وحدة ساحات" من دون تنسيق مع حماته ورعاته، ولا يمكنه أن يحقق "وحدة" بمفرده وفي معزل عن "الساحات" الأخرى.

اليوم، ومع تحويل لبنان من جديد ساحة لحروب الآخرين، يبرز التحدي الكبير في إظهار صدقية "وحدة الساحات"، أو تأكيد أولوية المصلحة اللبنانية على ما عداها من حسابات إقليمية تجعله أداة لا أكثر.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار