"القانون يدخل الى الهيئة العامة خنزيرا ويخرج منها نقانق" | أخبار اليوم

"القانون يدخل الى الهيئة العامة خنزيرا ويخرج منها نقانق"

عمر الراسي | الثلاثاء 06 فبراير 2024

"القانون يدخل الى الهيئة العامة خنزيرا ويخرج منها نقانق"

مخيبر لـ"أخبار اليوم": التشريع يتم بتسويات ما بين الكتل الكبرى

 

عمر الراسي - "أخبار اليوم"

شكلت المادّتان 93 و94  من قانون الموازنة العامة (فرض ضريبة استثنائية على المستفيدين من عمليات صيرفة وعلى الجهات التي استفادت من الدعم) مادة سجالية، فالى جانب البلبلة والتلويح بالاضراب من الجهات والشركات المستهدفة، فان المادتين اخرتا توقيع رئيس مجلس النواب نبيه بري على المشروع الى يوم امس وبالتالي احالته الى رئاسة مجلس الوزراء. أهم سبب وراء هذا التأخير يتعلق بصياغة نصوص المواد التي أضيفت في نهاية الجلسة، وسط هرج ومرج اصبح عادة لدى بعض النواب من اجل الانتهاء من القوانين المطروحة او للدفع نحو رفع الجلسة.

كل هذا يطرح مجددا فوضى التشريع السائدة منذ ما بعد اتفاق الطائف، حيث العديد من القوانين تبقى حبرا على ورق لغياب النصوص الواضحة او تعارضها مع قوانين اخرى... وصولا الى غياب المراسيم التطبيقية.

هذا الملف، ناقشته وكالة "اخبار اليوم "مع النائب السابق غسان مخيبر الذي ذكّر انه منذ بدء ولايته النيابية في العام 2002  "شهدت" على حالات مستمرة من ادارة العملية التشريعية على هذا النحو، قائلا:  ما زلت اعمل لغاية اليوم من اجل تطوير العمل التشريعي والدفع نحو فاعلية وجودة العمل البرلماني لناحية التشريع والرقابة.

اذ لفت الى وجود الكثير من الثغرات، شدد مخيبر على ان الحل يكون من خلال تصويب آلية التشريع  وتطوير القدرات، معتبرا ان اللجان تشكل المطبخ التشريعي في مجلس النواب، في حين ان العمل التشريعي الحقيقي هو في الهيئة العامة، وهناك اشكالية على المستويين.

وقال: الاشكالية على مستوى اللجان ان ليس لدى جميعها الامكانية للحصول على المساعدة الفنية القانونية التقنية من قبل مساعدين تقنيين لا سيما فيما يتعلق بالعديد من الملفات المطروحة والمعقدة التي تتطلب كفاءة عالية قانونيا وواقعيا، فهناك ملفات تتطلب حوارا مع اصحاب العلاقة، علما ان بعض اللجان لا تسعى الى التعاون مع اصحاب العلاقة والاختصاص، وتأخذ عملها من الباب الخاص او السيادي للنواب.

واعتبر مخيبر ان القوانين السيئة لا تأتي فقط من النصوص الخاطئة بل ربما ايضا من التقنيات التشريعية، وبالتالي العمل على مستوى الخيارات التشريعية لا يكون دائما ملائما لانه يحتاج الى اخصائيين في كل المواضيع المطروحة.

وشدد على انه يفترض باللجان النيابية ان تشكل مساحة حوار بين اصحاب المصالح التي غالبا ما تكون متضاربة، وافضل مثال على ذلك قوانين الايجارات التي ادت الى صراع واختلاف دائم وكبير ما بين المستأجرين والمالكين، كما انها تفتقر الى سياسة اسكانية شاملة ومتكاملة. وهنا ذكّر مخيبر ايضا انه حين درسنا قانون الايجارات تبين انه لا يوجد حل جدي لمشكلة الاسكان من دون مقاربة متكاملة جزء منها قانون الايجارات، لذا كنا قد وضعنا خارطة طريق تتضمن مقاربات اخرى، منها الايجار التملكي والنقل المشترك وغيرها من التدابير الضريبية لتحفيز وضع الابنية قيد الايجار...  لكن للاسف كلها لم يؤخذ بها، بل استعجل المجلس واقر القانون الذي ما زال حتى اليوم يثير الاشكالات.

اما بالنسبة الى الاشكالية في الهيئة العامة، فقال مخيبر: نصطدم بمشكلة التعديلات عند طرح اي قانون، حيث الرئيس نبيه بري كان يردد ان "القانون يدخل الى الهيئة العامة خنزيرا ويخرج منها نقانق"، بمعنى انه قد يكون مدروسا في اللجان او محضّرا وفيه افكار ايجابية، لكن العمل في الهيئة العامة غالبا ما يفتقر الى الروية التي يحتاجها العمل التشريعي. بمعنى ان القرار يبقى في الهيئة العامة، حيث لا حضور للخبراء، فضلا عن ان التعديلات ايضا تحتاج الى رأي الخبراء على غرار حضورهم جلسات اللجان الى جانب تقنيين او موظفين من القطاعات المعنية.

وردا على سؤال، لفت مخيبر الى ان النقاش في الهيئة العامة ينحو باتجاه الشعبوية والتسرع في اتخاذ القرارات أكان من خلال التعديل والاضافة والشطب او التغيير... وكل هذا مرده الى انه نادرا ما تكون التقارير المرفوعة من اللجان الى الهيئة العامة متضمنة للتفاصيل التي تمّ نقاشها في اللجان. فاللجنة على سبيل المثال تتابع مشروع او قتراح قانون على مدى 40 جلسة وتناقشه كلمة كلمة انما تقريرها يرفع بصفحة او بعدد قليل من الصفحات ولا تعبّر عن حقيقة المداولات، ناهيك عن العدد الكبير للاقتراحات ومشاريع القوانين المدرجة على جدول الاعمال، الامر الذي يدفع الى مناقشتها بشكل سريع، وهذا ما ينطبق ايضا على قانون الموازنة حيث "كلو بفوت ببعضو" ولا نعلم على اي امر او مادة يتم التصويت.

وتابع مخيبر: اذا كان تحضير التشريع يحصل في اللجان الا ان القرار يعود الى الهيئة العامة، وهنا نحن في نظام سياسي يحكمه قرار فوقي، او تسويات تحصل ما بين الكتل الكبرى، ما لا يعطي مجالا لأراء الاقلية، ولا يسمح لنواب لم يحضروا جلسات اللجان بالادلاء بدلوهم، فالكتل الكبيرة التي تشكل الاكثرية تضيق ذرعا من اي نقاش، والمشكلة هنا ليست فقط ان النائب يخسر حقه في النقاش في الهيئة العامة، بل ايضا هناك افكار جديدة قد تطرح في الهيئة العامة من دون دراسة كافية، علما ان الدراسة تحتاج الى نقاش مستفيض مع اهل الاختصاص، اما في الهيئة العامة، فنادرا ما يحصل هذا النوع من النقاش، حتى ولو كان هناك نقطة نزاعية يسارع المجلس الى بتها بالتصويت دون  التوضيح امام النواب ما هي الخيارات المطروحة.

واذ شدد على ان العمل التشريعي يجب ان يشمل ما اذا كان القانون قابلا للتطبيق وما هي كلفته وتأثيره على الناس، رأى مخيبر ان النواب يجب ان يكونوا متمرسين بالعمل التشريعي. وعلى الرغم من ذلك هذا العمل يحتاج الى تحضير مضنٍ، نجد ان معظم النواب يهتم بالكلام الاعلامي وبالخدمات، وبعضهم غير مؤهل وسط غياب تام للمساعدين البرلمانيين الذين يتمتعون بالخبرة الكافية.

وفي هذا السياق لفت مخيبر الى غياب الرقابة والاجتماعات الدورية للمجلس، قائلا: منذ الانتخابات الاولى لما بعد الطائف نادرا ما يجتمع المجلس بهيئته العامة لذا تحصل التراكمات، في حين انه في الدول المتطورة جلسات مجلس النواب تكون اسبوعية ويرد اليها القوانين بوتيرة متتالية حيث في كل جلسة لا يطرح اكثر من ثلاثة.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا

أخبار اليوم

المزيد من الأخبار

الأكثر قراءة