طموح فرنسا دور شرق أوسطي كبير مع أميركا | أخبار اليوم

طموح فرنسا دور شرق أوسطي كبير مع أميركا

| السبت 17 فبراير 2024

طموح فرنسا دور شرق أوسطي كبير مع أميركا

يتأرجح بين الإقتراب من النجاح حيناً ومن الفشل حيناً آخر

 "النهار"- سركيس نعوم

منذ الفراغ الرئاسي الطويل في لبنان و فرنسا رئيساً ومستشارين له وديبلوماسيين في وزارة الخارجية تحاول عبثاً إقناع قادة "الشعوب اللبنانية" بالتفاهم على شخصية تتولى الرئاسة وتسعى مع الخارجَين العربي والإسلامي كما الخارج الدولي من أجل النجاح في هذه المهمة التي بدأت تبدو أكثر استعصاءً على الإنجاز من أيّ مهمة سابقة. ومنذ عملية "طوفان الأقصى" الفلسطينية الناجحة داخل الغلاف الجنوبي لإسرائيل وردّ الأخيرة عليها بحرب بالغة الشراسة وفرنسا نفسها تحاول بالتعاون مع دول الغرب الكبرى البحث عن تفاهم لا عن حلّ يوقف الدمار والقتل ويُفسح في المجال أمام تبادل أسرى بين إسرائيل و"كتائب القسّام الفلسطينية".

يُفترض أن يلي ذلك إتفاق على هدنة طويلة أو على وقف لإطلاق النار يُفسح في المجال أمام إزالة حال الرعب التي يعيشها أبناء المنطقة من مستقبلٍ قاسٍ جداً في ظل تصلّب إسرائيل وعدم نجاح أميركا بايدن حتى الآن في إقناعها بالتروّي رغم أن وقوفه المطلق الى جانبها جنّبها على الأرجح ويلات كثيرة ومعه منطقة الشرق الأوسط. لكن الوقائع والمعلومات المتوافرة عن التحرّك الفرنسي المتنوّع جعلته يتأرجح بين الإقتراب من النجاح حيناً ومن الفشل حيناً آخر.
التحرّك الفرنسي هذا تناوله باحث مهم في مركز أبحاث أميركي جدّي رغم انحيازه الى إسرائيل بالقول إنه تعرّض لانتقادات منها كما من الفلسطينيين وربما بعض العرب جرّاء الإنحياز حيناً الى الأولى والى الآخرين حيناً آخر. وقد وصل بعضها الى حد اتهام فرنسا بالخروج من صفوف الغرب، علماً أنها دعت الى تبنّي موقف متوازن يقوم على الركائز الأمنية والإنسانية والسياسية، علماً أيضاً أنها كانت في مطلع القرن الحالي تركّز على إقامة علاقات مميزة مع العالم العربي ربما لأنه لم يكن منقسماً وضعيفاً كما هي حاله اليوم. لكنها انتقلت بعد ذلك الى المحافظة على علاقاتها العربية الجيّدة وفي الوقت نفسه الى تحسين علاقتها مع إسرائيل منذ عهد الرئيس ساركوزي. بدا هذا التوجه استراتيجياً بعد التضامن الثابت لفرنسا مع إسرائيل بعد "طوفان" 7 أكتوبر الأخير. ربما يكون ساهم في ذلك وجود 41 ضحية فرنسية جرّاءه وثلاثة أسرى لا يزالون بين أيدي " حماس" أو غيرها في غزة. دفعها ذلك الى إطلاق مبادرة "الإتحاد الأوروبي" مع إيطاليا وألمانيا هدفها تشكيل نظام أوروبي يستهدف قادة "حماس". لكن رغم ذلك كانت فرنسا أول من دعا الى وقف إطلاق النار في غزة. وشدّد مسؤولوها على اتخاذ خطوات لإقامة دولة فلسطينية بعد انتهاء حرب غزة. ودانت تصريحات الوزيرين الأكثر يمينية في حكومة نتنياهو التي تدعو الى تهجير الفلسطينيين قسراً وإعادة بناء مستوطنات غزة مع 1800 وحدة إستيطانية في القدس الشرقية. وهي نظّمت في 9 نوفمبر الماضي "المؤتمر الإنساني الأول" لفترة وزادت مساعدتها لها بحيث صارت 100 مليون يورو عام 2023 من بينها 77 مليوناً لمؤسسات الأمم المتحدة. وقد عزا مراقبون تأرجح فرنسا بين دعم كامل لإسرائيل واتّباعها نهجاً أكثر عدالة مع الفلسطينيين الى كون المجتمعَين اليهودي والمسلم في فرنسا من أكبر المجتمعات في أوروبا.

هل مارست باريس سياسة واحدة منذ "الطوفان" ولواحقه المأسوية؟ تفيد معلومات الباحث الأميركي نفسه أن فرنسا عملت في لبنان مع مصر وقطر والسعودية وتشاورت مع الولايات المتحدة. وبعد انفجار مرفأ بيروت عام 2020 دخلت شراكة مع الرياض لإنشاء آلية إنسانية مشتركة ووقّعت مع حلفاء غربيين إعلانات مشتركة عدة بعد "الطوفان" لكنها عادت الى نمطها المفضّل المتمثل في الشراكة الإقليمية. فاستقبل رئيسها ماكرون وزراء خارجية دول الجامعة العربية ووفداً من منظمة التعاون الإسلامي. وقام مع وزيري الخارجية والقوات المسلحة في بلاده برحلات عدة الى المنطقة وتحدّثوا هاتفياً مع كل قادتها ومنهم رئيس إيران الإسلامية إبراهيم رئيسي. وقدّمت فرنسا مساعدات إنسانية لفترة، وتقوم قوات فرنسية بعلاج المدنيين الفلسطينيين المنقولين من غزة الى قطر فيها وبأعمال أخرى كثيرة.

ماذا عن تعاطي فرنسا وأميركا بعد "الطوفان"؟ بصرف النظر عن التحفظات تُدرك فرنسا أن الثانية تحمل مفاتيح الإستقرار في الشرق الأوسط. وإذا كانت الهدنة في غزة في متناول اليد فبإمكان باريس وواشنطن توحيد جهودهما لإعادة السلطة الفلسطينية الى غزة مثلاً وتنفيذ حل الدولتين على مدى طويل، علماً أن واشنطن قد لا تنظر الى فرنسا كجهة فاعلة رئيسية في قضايا كثيرة، وفي إمكان باريس الإفادة من علاقتها الممتازة بالسعودية للإشتراك معها ودول أخرى في صياغة مستقبل المنطقة. أما في لبنان فتنسّق باريس وواشنطن جهودهما على نحو مفيد للغاية. وهما متفقتان على ضرورة منع حرب شاملة بين إسرائيل و"حزب الله" وتسعيان من أجل ذلك الى التوصل الى تسوية نوعية للحدود بينهما. ولباريس أدوات نفوذ عدة في لبنان مثل 700 عنصر فرنسي في "اليونيفيل"، ومثل تكثيف مشاركتها في حل الأزمات المتلاحقة في لبنان. وهي عضو في المجموعة الخماسية التي تعمل لإنهاء الشغور الرئاسي في لبنان. وفي مجالات أخرى تستطيع فرنسا التعاون مع أميركا لصياغة نهاية مهمة التحالف ضد "تنظيم الدولة الإسلامية" وتحديداً داخل العراق، كما لإدارة المرحلة الإنتقالية فيه وإعادة تحديد أهدافه الإستراتيجية، هذا فضلاً عن إمكان التعاون لمعالجة الملف النووي الإيراني.

انضم الى قناة " AkhbarAlYawm " على يوتيوب الان، اضغط هنا


المزيد من الأخبار