"خيط من أمل" مبادرة شبابيّة ناجحة دعمًا للنازحين... وهذه خطوتها التالية!

"خيط من أمل" مبادرة شبابيّة ناجحة دعمًا للنازحين... وهذه خطوتها التالية!

image

"خيط من أمل" مبادرة شبابيّة ناجحة دعمًا للنازحين... وهذه خطوتها التالية!

رغم تراجع التمويل... العمل على النشاطات الرمضانيّة قائم!

 

فالنتينا  سمعان – "أخبار اليوم"

انتهت الحرب لكنّ مفاعيلها لم تنته بعد! آلاف النازحين لا زالوا خارج بلداتهم ومنازلهم بسبب الدمار الكلي لعشرات القرى، ومئات غيرهم عادوا إلى مناطق تفتقد كلّ مقوّمات الحياة ومعاناتهم لا تزال مستمرّة!

من رحم معاناة النزوح ولدت مبادرات وجمعيات إنسانيّة لتحمل كتفًا عن مواطنين تركوا كلّ شيء وخرجوا بثيابهم هربًا من حرب كادت أن تفتك بهم كما فتكت بكلّ ممتلكاتهم وأرزاقهم، منها من توقّف عن العمل مع عودة جزء من الأهالي إلى قراهم ومنها من أدرك أنّ المعاناة لا تتوقّف مع انتهاء الحرب، بل تستمرّ وربما تزداد، فأيقنت أنّ عملها لم ينتهِ بعد وربمّا بدأ الآن!

"خيط من أمل" إحدى المبادرات التي تستحقّ الإضاءة على عملها، حيث إنّها مبادرة شبابيّة جامعة قدّمت ولا تزال تقدّم الدعم للنازحين والعائدين، وتسعى لمساعدة أكبر عدد من المحتاجين، فكيف تأسّست هذه المبادرة؟ ما المساعدات التي تقدّمها ومن أين تحصل عليها؟ وهل ستبقى في إطار المبادرات أم أنّها ستطوّر وتقونن نفسها؟

يقول مؤسّس المبادرة الشاب باسل شامي: "الفكرة بدأت في اليوم الأوّل لتوسّع الحرب، حيث كنت متواجدًا في الجنوب ورأيت جميع الناس تنزح في يوم "النزوح الكبير"، فحاولت أن أعرف ما كان ينقصهم وأحاول تأمينه، عندها لاحظت أنّ معظمهم كانت لديهم مشكلة "إلى أين يتجهون"، فالغالبية لم تكن تعلم إلى أي منطقة ستنزح، وكغيري ممّن عمل يومها على وسائل التواصل الإجتماعي، كنت أسجّل من هم الأشخاص الذين يقدّمون غرفًا، شققًا أو بنايات كانت مهجورة أو فارغة وكانوا يفتحون أبوابها للنازحين، ولعبت دور الوسيط بين هؤلاء والنازحين دون أن أعرف أي من الطرفين".

ويضيف في حديث لوكالة "أخبار اليوم": "في اليوم الثالث من النزوح، عدت إلى بيروت وكانت عائلة من النازحين بانتظاري للاستقرار في بيتنا، فدوّنت ما كانوا بحاجة إليه من "فرش، مخدات..." وفي حدود 3 أيّام أصبح لديّ 15 عائلة، وكنت لا زلت أعمل وحدي وأؤمّن الحاجات الضروريّة بالتعاون مع أهلي وأصدقائي ومعارفي، وأنا أتابع الموضوع وأؤمن الإحتياجات، لاحظت أنّ المتطلبات أكبر من "فرش وحرامات"، وكنت أتعرّف على عائلات إضافية تنزح إلى بيروت، فبدأ العدد بالتكاثر، وقمت بإنشاء قاعدة بيانات، وأصبح معي فريق من المتطوعين، وبدأنا بالمبادرة، فأمنّا ممولين وبدأنا بتأمين الاحتياجات إمّا مجانًا وإمّا بكلفة بسيطة، ويومًا بعد يوم بدأ عدد النازحين، الاحتياجات والمتطوعين بالازدياد، إلى ما بعد الهدنة حيث تراجعت الأعداد من جديد".

ويشرح شامي: "المتطوعون كان هدفهم إنساني بحت، ومنهم من عاش الأزمة إذ إنّهم كانوا من النازحين، وهم من جنسيّات عدّة (لبناني، فلسطيني، سوري، مصري، جزائري، عراقي). منذ بداية الحرب، قدّمنا فرش، مخدات، حرامات، حفاضات، حليب، مستلزمات نسائيّة، حصص غذائيّة وأدوات تنظيف، أدوية، غاز، برادات، مدافئ، غسالات وبساط للأرض بدل السجاد".

ويتابع: "الأدوات الكهربائيّة كانت توزّع حسب الأولويّات بين العائلات نظرًا لارتفاع سعرها، فكنّا نقوم بزيارات ميدانيّة لهم، ونقيّم ما ينقصهم وعلى هذا الأساس نقوم بتقديم ما لدينا للعائلات الأكثر حاجة، ونحاول لاحقًا تأمين المال لشراء أخرى جديدة لعائلة أقلّ حاجة".

أمّا عن المستفيدين من المبادرة فيقول: "المستفيدون كانوا النازحين ضمن نطاق بيروت وضواحيها التي تمتدّ إلى بشامون، عرمون، خلدة، انطلياس... وقبل بدء سريان اتفاق الهدنة بيوم واحد وصلنا إلى صيدا، ولكن توقفنا فيها لأنّ الأشخاص الذين كانوا مسجلين معنا عادوا إلى بيوتهم، والفئة المستهدفة هم الأشخاص الذين يسكنون في منازل وليس في مراكز الإيواء، لأنّنا اعتبرنا أنّ هؤلاء يصلهم ما يحتاجونه، ولكن من أمنّا لهم المنازل لم يملكوا أي شيء عند نزوحهم، فلا أموال ولا ملابس، ولا أغراض منزلية، وكنّا نتأكّد أنّه لا يصلهم أي دعم من أي جهة كانت تقدّم المساعدات لأسباب عدّة، فمن الممكن أنّهم لم يسجلوا في البلدية التي نزحوا إليها لأنّهم لا يعلمون، أو لأنّ البلدية حيث يتواجدون لا تساعد، أو لأنّهم كانوا خائفين... طبعًا لم نستطع الوصول إلى الجميع ولكن عملنا قدر المستطاع على ذلك".

ومع بدء سريان الهدنة وحتى اليوم، أحصت المبادرة أعداد العائلات المستفيدة عبر تواصل المتطوعين مع المستفيدين لمعرفة وضعهم وخلالها علموا من تهدّم بيته، أو تضرّر، وعلموا من بقي منزله صالحًا لكنّ البنى التحتيّة في المنطقة التي يجلس فيها بحاجة لإعادة ترميم وبالتالي بيته لا يصلح للسكن، وعلموا من عاد ولكنّه خسر مصدر رزقه... هؤلاء لا زلوا يتلقون الاحتياجات التي يطلبونها، وفي نفس الوقت يطلب المتطوعون منهم إعطاءهم معلومات عن أشخاص لا زالوا نازحين إذا كان لديهم أي فكرة، علّهم يستطيعون تغطية أكبر عدد منهم.

وعن عدد العائلات المستفيدة يوضّح شامي: "قبل الهدنة كنّا نساعد 270 إلى 280 عائلة، وكوننا لا زلنا مستمرين إلى اليوم فالعدد يزداد وينقص ولكنّه أصبح بحدود الـ300 عائلة".

أمّا مصدر التمويل فكان بأكثر من طريقة بحسب شامي، أوّلًا: التبرّع المادي الذي كان يقتصر على الأقارب والأصدقاء المغتربين، حيث كانوا ينشئون لنا روابط في البلدان حيث يتواجدون، أو يجمعون لنا الأموال من معارفهم ويرسلونها لنا، وكنّا نشتري أبرز الحاجات من خلالها خصوصًا ما لا نستطيع تأمينه مجانًا.

ثانيًا: التبرع العيني، من ثياب، صحون، أوعية، حليب، معلبات...

ثالثًا: التشبيك مع جمعيّات ومبادرات ومؤسسات كانت تعمل في هذه الأزمة، حيث تبادلنا الخدمات.

وعن مكان التخزين، يشرح شامي: "هناك شخص في منطقة الحمراء، قدّم لنا مستودعه المؤلف من طبقتين، و"حزب الخضر" الذي قدّم لنا مكتبه كمكان ندير منه عمليّات التوزيع، ونضع فيه بعض الأغراض".

ويعتبر مؤسّس المبادرة أنّ المتطوعين هم المتبرّع المعنوي الأكبر بالنسبة له، حيث قدّموا ولا زالوا يقدّمون من وقتهم وطاقتهم بهدف الخدمة فقط، كما يشكر النازحين على تفهّمهم وثقتهم، وعلى لطفهم وطيبتهم التي كانت سببًا في استمرارهم، ويكشف أنّهم يعملون حاليًّا على موضوع شهر رمضان، إذ يحاولون تأمين حصص غذائيّة كبيرة فيها تنوّع أكبر في المكونات، فالتمويل قلّ كثيرًا بعد الهدنة، إذ إنّ العالم الخارجي اعتبر أنّ الأزمة انتهت، في حين أنّ الواقع غير ذلك، اذ ان أعدادا كبيرة لا تزال نازحة، كما أنّهم يحاولون تنظيم نشاطات رمضانيّة للأطفال وكبار السّن والقيام بإفطار جماعي للنازحين.

ولإضفاء طابع قانوني على المبادرة، يعلن شامي أنّهم في طور تأسيس جمعيّة "خيوط الأمل".