التنمر...سيف موجّه على الثقة بالنفس ومدمّر للنمو
توفير بيئة آمنة تتيح الحوار المفتوح والدعم النفسي أمر أساسي
سليمة وهبه- شبكة الأمم المتحدة للسلام العالمي
التنمر يعد من أخطر الظواهر النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تصيب الفرد بأضرار تمتد لمدى بعيد، إذ لا يقتصر تأثيره على لحظة وقوعه، بل قد تتجاوز آثاره النفسية سنوات طويلة من حياة الضحية.
ويُعرف التنمر بأنه تصرف عدواني متعمد ومتكرر يهدف إلى إلحاق الأذى النفسي أو الجسدي أو الاجتماعي بالفرد، سواء كان ذلك بشكل لفظي، جسدي، أو إلكتروني.
تشير الدراسات إلى أن التنمر يؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للأفراد.
فالضحايا غالبًا ما يعانون من انخفاض شديد في تقدير الذات، ويجدون صعوبة في بناء الثقة بالنفس. ومن أبرز الأعراض النفسية التي يمكن أن تظهر نتيجة للتنمر: القلق المزمن، اضطرابات النوم، مشاعر العزلة، والاكتئاب الذي قد يصل في حالات شديدة إلى التفكير بالانتحار. بالإضافة إلى ذلك، يُظهر الكثير من الضحايا تراجعًا في الأداء الأكاديمي أو المهني، نتيجة لتأثير التنمر على تركيزهم وقدرتهم على التفاعل مع المحيط.
إن الأطفال والمراهقين هم الفئة الأكثر عرضة للتنمر، حيث تشكل هذه الظاهرة تهديدًا مباشرًا لنموهم النفسي والاجتماعي.
وقد يؤدي التعرض للتنمر في هذه المراحل العمرية الحساسة إلى نشوء أنماط سلوكية سلبية، مثل الانسحاب الاجتماعي، أو التردد في اتخاذ القرارات، أو حتى اللجوء إلى العنف كوسيلة للدفاع عن النفس.
للتنمر كذلك تأثيرات على الجانب الاجتماعي، حيث يفقد الضحايا أحيانًا القدرة على بناء علاقات صحية ومستدامة مع الآخرين. كما يمكن أن يُعرّضهم التنمر إلى انعدام الشعور بالأمان في البيئة المدرسية أو مكان العمل، مما يضعف قدرتهم على التكيف مع التحديات اليومية.
من ناحية أخرى، تبرز أهمية التدخل المجتمعي للحد من ظاهرة التنمر. يتطلب ذلك جهودًا مشتركة بين الأسرة، المدرسة، والمؤسسات المجتمعية.
فتعزيز ثقافة الاحترام والتسامح، وتوفير بيئة آمنة تتيح الحوار المفتوح والدعم النفسي، هما أمران أساسيان لمكافحة التنمر.
كما يُعد تقديم برامج توعية وتدريب للأهالي والمعلمين والمختصين النفسيين خطوة ضرورية لتمكينهم من التعرف على علامات التنمر المبكرة والتعامل معها بفعالية.
وفي الختام، فإن التعامل مع التنمر كظاهرة مجتمعية تتطلب استجابة جماعية واعية.
فمن خلال التكاتف وتبني استراتيجيات مبنية على المعرفة العلمية، يمكننا حماية الأفراد من آثاره السلبية، ودعمهم ليعيشوا حياة متوازنة ومستقرة نفسيًا واجتماعيًا..