وزير العدل من "بيت المستقبل": على اللبنانيين بناء مؤسساتهم لمنع العنف وتعزيز السلام

وزير العدل من "بيت المستقبل": على اللبنانيين بناء مؤسساتهم لمنع العنف وتعزيز السلام

image

في ندوة بمناسبة مرور 50 عاما على تأسيسه

شارك وزير العدل عادل نصار في ندوة أقامها "بيت المستقبل" بمناسبة مرور خمسين عاماً على تأسيسه، تحت عنوان "تجاوز الانقسامات من أجل مستقبل لبنان".

وقال في مداخلته "حلّ النزاعات الداخلية مسألة معقّدة وغالباً ما تكون مليئة بالمفاجآت، وفهم جذورها أمر صعب. وغالباً ما يكون الأوان قد فات لإيجاد حلول سلمية عندما تبدأ أعمال العنف". 

وأضاف: "للأسف، كثيراً ما يعلو صوت السلاح على صوت العقل، ونادراً ما تتشابه النزاعات الداخلية. أحياناً تبدأ بسبب عوامل خارجية، أو تجذب تدخلاً خارجياً. على سبيل المثال، رغم أن النزاع في لبنان يُعتبر داخلياً، إلا أنه لم يكن حرباً أهلية صرفة بسبب تدخل مقاتلين أجانب. وبالمثل، تحوّلت الحرب الأهلية الإسبانية بسرعة إلى نزاع دولي". 

واعتبر نصار أن "الديمقراطية تُعدّ في نظر الكثيرين الحلّ المثالي، إذ تتيح تسوية الخلافات عبر صناديق الاقتراع. لكن الواقع أكثر تعقيداً. فحتى لو كانت الديمقراطية "أقل الأنظمة سوءاً، فإنها لا تستطيع حلّ كل شيء، خصوصاً عندما تشعر الأقليات بأنها غير مسموعة".

وأضاف: "غالباً ما تهدف الانقلابات إلى الإطاحة بأنظمة ديمقراطية، وليس فقط أنظمة نُخَب حاكمة. وعندما يتم تجاهل الأقليات، قد تلجأ بعض المجموعات إلى العنف، كما حدث في كورسيكا، أو إقليم الباسك، أو أيرلندا الشمالية". 

وتابع: "لتجنّب العنف، من الضروري تحديد الدوافع التي تدفع الناس إلى القتال، وهي غالباً: الاضطهاد، الحاجات غير المُلبّاة، أو الأيديولوجيا. هذه العوامل تحرّك مشاعر الخوف والإحباط، وتخلق أحياناً قناعة بأن العنف هو الوسيلة الوحيدة لإيصال الصوت. كما أن السعي وراء الاستقلال أو الحفاظ على الهوية كثيراً ما يصطدم برغبة الأغلبية". 

وأشار إلى أن "الحركات الثورية كثيراً ما تتجاهل العملية الديمقراطية وتبرّر العنف بالأيديولوجيا. وعندما ينكسر الحوار وتفقد المؤسسات ثقة الناس، يندلع الصراع. ولمنع ذلك، يجب أن تكون الديمقراطية شاملة، وأن تستجيب المؤسسات لحاجات الجميع، بمن فيهم الأقليات". 

أما عن حلّ النزاعات، فاعتبر نصار أنه "يبدأ بشكل سلمي من خلال بناء الثقة في النظام الديمقراطي، وضمان تمثيل عادل. وتُعتبَر أدوات مثل الاستفتاءات، والنقابات، والأحزاب السياسية وسائل فعّالة للتعبير عن رأي الشعب ومنع تحوّل الإحباط إلى عنف".

ورأى أن "الرد المتوازن في أوقات الأزمات هو مفتاح أساسي"، مستشهداً بأحداث أيار/مايو 1968 في فرنسا، حيث أدّت الإدارة الذكية للأزمة إلى تقليص العنف وإحداث إصلاح سياسي.

وأكد  أن "الحوار أساسي. ولحلّ الخلافات، يجب أولاً الاعتراف بوجودها، ثم الالتزام الجاد بمعالجتها". وحدد ركائز السلام بثلاثة عناصر: **الثقة في مؤسسات الدولة، الإطار القانوني العادل، والإحساس بالإنصاف".

وحول الدستور، قال: "لا يكفي وجود دستور لضمان الرضى؛ إذ يجب أن يشعر المواطنون بأنهم جزء من النظام، وأن هذا النظام يخدمهم. وعندما تعكس القوانين هموم الناس، يكونون أكثر ميلاً لاحترامها. كما أن على اللبنانيين أن يتبنّوا مؤسساتهم لمنع العنف وتعزيز السلام."

وقال: "من الضروري مواجهة الماضي اللبناني وقبول تنوّعه، بدلاً من فرض رواية واحدة عن الحرب الأهلية. ويجب على البلد أن يعترف بجميع وجهات النظر ويحترمها. ويمكن بناء الوحدة من خلال تقبّل الحقائق التاريخية المختلفة والعمل نحو مستقبل وطني مشترك."

ووجّه نصار شكره للرئيس أمين الجميّل على تنظيم هذا المؤتمر من قِبَل "بيت المستقبل"، معتبراً أنه "يسهم بصورة فاعلة في إعادة النظر بكل الأسباب التي تؤدي إلى العنف الداخلي في مختلف الأوطان، واصفاً المبادرة بأنها مهمة جداً، لأن "لبنان أكثر من أي بلد آخر بحاجة إلى إيجاد السبل الصحيحة لمعالجة النزاعات الداخلية بشكل بنّاء."

وختم مُستذكراً "مبادرة رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل المتعلقة بالمصارحة والمصالحة"، معتبراً أن "المؤتمر سيفتح المجال أمام الكثير من الأفكار التي ستُبنى عليها خطوات مستقبلية".