رياح "رافال" الشديدة... من سماء الهند وباكستان الى أعاصير السماوات البعيدة...
شحيتلي: العنصر البشري يبقى الأساس في قيادة أي معركة مهما تطورت التكنولوجيا
أنطون الفتى - وكالة "أخبار اليوم"
تحظى الجولة الأخيرة من القتال بين الهند وباكستان، بحيّز كبير من المتابعة الأمنية العالمية، وباهتمام واسع من الخبراء الغربيين في الشؤون العسكرية منذ نحو أسبوع، الذين جذب انتباههم نجاح الجيش الباكستاني بإسقاط عدد من طائرات "رافال" الهندية فرنسية الصّنع، بنيران صينية الصّنع.
أخطاء هندية؟
وبين من يحذّر من أن التكنولوجيا الصينية تتقدم بغموض عن الدول الغربية، ومن أن الصين ستكون قادرة على منافسة كل بلدان حلف شمال الأطلسي، والولايات المتحدة الأميركية، في أسواق مبيعات الأسلحة العالمية بشراسة أكبر بعد مدة زمنية قليلة، وبين من يؤكد أن فرنسا تحقّق بما جرى بين نيودلهي وإسلام آباد، وبأنها ستقدّم توضيحات وأجوبة نهائية بشأنه، نظراً الى أن سمعة الصناعة والتكنولوجيا الفرنسية والأوروبية أُصيبت بالعمق في المواجهة الأخيرة، (بين كل ذلك) يؤكد خبراء في المجال العسكري أيضاً، أن إسقاط "رافال" قد لا يشكل قوة للصناعة العسكرية والتكنولوجيا الصينية، بقدر ما قد يكون معبّراً عن بعض الأخطاء الهندية خلال المواجهة الجوية.
الاستخدام التكتيكي
ففي بعض الأحيان، ومهما كانت الطائرة متطورة، يمكن لتسريب أو لكشف معلومة استخباراتية قبل وقت قليل من بدء الهجوم الجوي، أن يساهم بتسهيل إسقاط عدد من الطائرات. كما يمكن لخطأ في الاستخدام التكتيكي للطائرة، أو لسوء تقدير من جانب الطيار... أن يساهم بإسقاطها أيضاً. وهذا ليس ضعفاً في مواصفاتها التكنولوجية، ولا قوة للسلاح الذي استهدفها، بالضرورة.
وانطلاقاً مما سبق، ما هي حدود العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا؟ وهل يمكن لأحدث التكنولوجيات فائقة التطور أن تحلّ مكان الإنسان؟
العنصر البشري
أوضح اللواء المتقاعد الدكتور عبد الرحمن شحيتلي أن "العنصر البشري يبقى هو الأساس في قيادة أي معركة، سواء كانت برية أو بحرية أو جوية، وذلك مهما تطورت التكنولوجيا. فتلك الأخيرة لا تمتلك عنصر المناورة أو التخطيط للمواجهة أو لتغيير الخطة خلال المعركة، أو قبلها، ولا يمكن للتكنولوجيا أن تحلّ مكان الإنسان في هذا العمل، بل أن تساعد في تقديم المعلومات اللازمة والخيارات المتعددة للعنصر البشري، بموازاة إبقاء القرار النهائي لديه في تحديد الخيار الذي يريد اعتماده".
وشرح في حديث لوكالة "أخبار اليوم" أن "الطائرات تُصنَّع بشكل لا يجعلها قابلة للسقوط لمجرد ارتكاب خطأ واحد. وحتى بالطائرات المدنية، يقول الطيارون إن سبعة أخطاء متتالية، ومُرتكبة في وقت واحد، تُسقِط الطائرة. ولكن يمكن للقرار الذي يتّخذه الطيار مقابل السلاح المضاد الذي يقترب منه أن يفعل الكثير. فعلى سبيل المثال، قد تؤدي الحاجة الى مناورة أكبر كان يتوجب عليه أن يقوم بها، أو طريقه العلو أو الانخفاض الأُفُقي الذي يقوم به، أن تساعد صاروخاً على أن يُصيب الطائرة. فالكومبيوتر يعطي الطيار أكثر من خيار، ولكن يتوجب عليه هو أن يختار، وهنا يظهر الفارق بين (الطيار) الماهر وغير الماهر، ومدى قدرته على ضبط أعصابه لاتخاذ الخيار الصائب".
الغواصات النووية
وأشار شحيتلي الى أن "طائرات "رافال" الهندية مُجهزة بأجهزة تكنولوجية طبعاً، ولكنها ليست أحدث أنواع الصناعة الفرنسية. فيما تكنولوجيا السلاح الصيني الذي استخدمته باكستان قد تكون متقدمة عن تلك الموجودة بصناعة "رافال" الهندية. فالتكنولوجيا تتقدم بوتيرة غير عادية وبسرعة فائقة، سواء على مستوى الاتصالات أو الذكاء الاصطناعي أو كل باقي الأشياء، الى درجة أن كل يوم تقريباً تبرز تحديثات جديدة. وفي أي حال، يمكن لفرنسا أن تستفيد من التجربة الأخيرة من أجل المستقبل".
وختم:"في العلم العسكري الحديث، لم تَعُد الطائرات ملكة الحروب كما كانت عليه الأحوال في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى التسعينيات تقريباً. فقد أصبحت الغواصات النووية حالياً، ونِسَب امتلاكها، ومدى قدرتها على الاقتراب من الهدف أكثر من دون اكتشافها، مقياساً للقوة وللقدرات القتالية لدى الدول الكبرى. فمكانة الطيران الحربي تتراجع في المعارك مقابل التقدم التكنولوجي، الى درجة أن المسيّرات صارت أكثر استعمالاً من الطائرات الحربية في حروب كثيرة أيضاً، نظراً لكونها أرخص وأكثر سهولة في الاستخدام والتوجيه".