"طبّق حكم الإعدام"... جريمة موصوفة تفجر غضباً في تونس
"من قتل نفساً بغير حق جزاؤه الإعدام"
المصدر: النهار
هزت جريمة مروعة راح ضحيتها طفل لم يتجاوز عمره الأربع سنوات تونس مفجّرة موجة غضب شعبي ومعيدة النقاش في عقوبة الإعدام.
فقد عثر الثلاثاء على طفل لم يتجاوز الـ 4 سنوات مقتولاً في إحدى مناطق محافظة القصرين (وسط تونس)، وتبين أنه تعرض لاعتداء جنسي قبل قتله.
وكشفت التحقيقات الأمنية أن الطفل هارون قُتل على يد إبن عمته البالغ من العمر 20 عاماً بمشاركة قاصر لم يتجاوز عمره الـ 14عاماً وذلك بعد أن اعتديا عليه جنسياً.
غضب شعبي
وتناقل النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو لأم الطفل الضحية وهي تبكي طفلها ما أشعل موجة غضب كبيرة في تونس. وتعالت الأصوات مطالبة بإنزال أقصى العقوبات في حق المجرم.
وأعادت الجريمة البشعة النقاش في عقوبة الإعدام في تونس والتي دائماً ما كانت محل جدال بين من يدعو إلى عودتها من أجل ردع المجرمين، ومن يرفض ذلك مطالباً السلطات التونسية بإلغائها نهائياً.
وأطلق ناشطون حملة تحت وسم "طبّق الإعدام" يطالبون فيها بإعدام القاتل. وعلى "فايسبوك" تم إنشاء صفحة بعنوان "حملة تفعيل تطبيق حكم الاعدام في تونس" سرعان ما تجاوز عدد المشتركين فيها الألف في ظرف ساعات قليلة.
وهذه ليست المرة الأولى التي تحرك فيها جريمة مماثلة السجال في عقوبة الإعدام في تونس.
عقوبة لا تنفذ
وينص القانون التونسي على تنفيذ عقوبة الإعدام بعد أن يوقع الرئيس على ذلك، ولم تنفّذ تونس أي حكم بالإعدام منذ إعدام الناصر الدمرجي المشهور باسم "سفاح نابل" عام 1991، والذي أُدين بقتل 14 طفلاً واغتصابهم. لكن المحاكم التونسية تواصل، رغم ذلك، إصدار الأحكام بالإعدام،
ووفق تقارير حقوقية يوجد أكثر من 130محكوماً بالإعدام في السجون التونسية من بينهم 3 نساء.
والاثنين أصدر القضاء التونسي حكماً جديداً بالإعدام ضد متهم بارتكاب عملية إرهابية.
تصويت ضد عقوبة الإعدام
ورغم أنها لم تتوقف عن إصدار أحكام بالإعدام، إلا أن تونس تصوت منذ العام 2012 لمصلحة قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعية إلى وقف استخدام عقوبة الإعدام.
والتزمت تونس فعلياً منذ عام 1991بتعليق تنفيذ الإعدامات وفق رئيس الائتلاف التونسي لإلغاء عقوبة الإعدام شكري لطيف، لكنها لم تصدر قراراً رسمياً بإلغائه وهو ما يشكل تضارباً في مواقفها وفق الحقوقي التونسي الذي يدعو إلى "ترجمة هذا الالتزام بإلغاء شامل ورسمي في القريب العاجل والإيفاء بالتزاماتها الدولية".
ويخشى الحقوقيون أن تتحول هذه العقوبة إلى أداة للضغط على السياسيين "خصوصاً في ظل المناخ الحالي" وفق لطيف.
ورداً على الأصوات التي تعتبر أن عدم تنفيذ عقوبة الإعدام ساهم في ارتفاع منسوب العنف وارتكاب جرائم موصوفة يقول لطيف:"نحن لسنا ضد تنفيذ القانون والردع، لكن الحل لا يكمن في تنفيذ عقوبة الإعدام، إذ لا بد من معالجة أصل المشكلة والذهاب نحو تشخيص ظاهرة العنف وتحديد أسبابها وإيجاد حلول لها بدلاً من اللجوء إلى الحلول السهلة".
وكان الرئيس قيس سعيد أبدى تأييده إعادة تنفيذ عقوبة الإعدام، ففي عام 2020 قال في اجتماع لمجلس الأمن القومي تعليقاً على جريمة هزت الرأي العام حينها وراحت ضحيتها فتاة شابة: "من قتل نفساً بغير حق جزاؤه الإعدام".