الشماع في رسالة مفتوحة الى سلام: إذا كنتم جادين في محاربة الفساد فلا يكفي الإشارة إلى من سرق

الشماع في رسالة مفتوحة الى سلام: إذا كنتم جادين في محاربة الفساد فلا يكفي الإشارة إلى من سرق

image

الشماع في رسالة مفتوحة الى سلام: إذا كنتم جادين في محاربة الفساد، فلا يكفي الإشارة إلى من سرق

الفساد لا يقتصر على الجرائم المالية

وجه "مٌطلِق البرنامج الاصلاحي السياسي والاقتصادي التنموي "الشعب يريد" السفير الأممي السابق رغيد الشماع، رسالة مفتوحة الى رئيس مجلس الوزراء نواف سلام قال فيها:

لقد تسلّمتم رئاسة الحكومة في لبنان، بلد يحتضر، استنزفته عقود من النهب والظلم وخيانة نخبته لشعبه. ترفعون شعار مكافحة الفساد، لكن دعوني أذكّركم أن الفساد لا يقتصر على اختلاس الأموال والرشاوى. للـفساد وجوهٌ كثيرة، وأخطرها ليس دائماً ذاك الذي يملأ الحسابات المصرفية في الخارج.

الفساد، يا دولة الرئيس، هو أيضاً – بل وأساساً – المحسوبية، المحاصصة، استغلال السلطة، تضارب المصالح، الاتجار بالنفوذ، والخيانة الوظيفية. هو احتكار مؤسسات الدولة من قبل العائلات السياسية، وتعيين الموالين غير الأكفاء في المواقع الحساسة، وإعطاء المناقصات للأقارب، واستخدام أدوات الدولة لخدمة الأجندات الشخصية والطائفية. إنه الخلط الخطير بين الدولة والمصالح الخاصة، ذلك الخلط الذي يبدو أنكم، كسابقيكم، تتجاهلونه أو تتغاضون عنه.

إذا كنتم جادين في محاربة الفساد، فلا يكفي الإشارة إلى من سرق المال العام؛ بل يجب تسمية الأمور بأسمائها الحقيقية، وكشف جوهر العلّة اللبنانية. يجب أن لا نغفل عن دور أولئك الذين، تحت غطاء الاحترام الظاهري، حوّلوا لبنان إلى ساحة خراب مؤسسي.

لكن الفساد لا يقتصر فقط على الداخل السياسي، بل يمتد أيضاً إلى الهروب المتواصل للدبلوماسية اللبنانية من مسؤولياتها القومية، عبر تجاهلها لحقيقة أننا دخلنا مرحلة جديدة من التاريخ السياسي للمنطقة.

آن الأوان لأن يعترف لبنان بأن عليه اتخاذ خطوة شجاعة نحو السلام مع جيرانه في الجنوب.

إن استعادة أراضينا المفقودة واسترجاع كرامتنا الوطنية لن تتحقق بالمزايدات الشعبوية أو المواقف العقائدية البالية. بل تحتاج إلى مبادرة مسؤولة وجريئة نحو التهدئة، يكون هدفها النهائي فتح حوار مباشر مع إسرائيل – من دون وسطاء – لأن حماية سيادة لبنان وأمن شعبه هي مسؤولية الدولة وحدها.

لا يمكن للبنان أن يبقى رهينة حجج ومواقف تجاوزها الزمن. الحفاظ على أمن اللبنانيين وحماية حدودنا ليست مسؤولية ميليشيات أو قوى خارجية، بل هي حصراً مسؤولية الدولة اللبنانية.

إن البقاء خارج سياق الأحداث الكبرى التي تُرسم اليوم سيكون خطأً قاتلاً. علينا أن نكون فاعلين وشركاء في هذا التحوّل، لا مجرد متفرّجين أو ضحايا له.

لبنان، الذي لطالما كان وفياً لقيمه، عليه أن يثبت ذلك اليوم أكثر من أي وقت مضى، وأن يشارك بفعالية في جميع المبادرات العربية للسلام، وعلى رأسها المبادرة السعودية، التي باتت تقود مسيرة إعادة رسم خريطة الشرق الأوسط الجديد.

إن مستقبل لبنان لا يُمكن أن يُكتب بدونه، ولن نسمح بأن يُكتب على حسابه.

و تفضلوا بقبول فائق التقدير و بالغ الاحترام