عزوف الحريري: بيروت الأكثر تضرراً... انتقال ضمان المناصفة إلى "الثنائي"

عزوف الحريري: بيروت الأكثر تضرراً... انتقال ضمان المناصفة إلى "الثنائي"

image

عزوف الحريري: بيروت الأكثر تضرراً... انتقال ضمان المناصفة إلى "الثنائي"
الإشكالية الكبرى في انتخابات العاصمة لم تجد حلولاً بعد


اسكندر خشاشو -  "النهار"

حسم رئيس "تيار المستقبل" الرئيس سعد الحريري مسألة الانتخابات البلدية بإعلانه عدم مشاركة التيار فيها، باعتبارها "انتخابات أهلية إنمائية غير سياسية، وحفاظا على طابعها العائلي والإنمائي، واحتراما لواقع أن لكل بلدة ومدينة شؤونها الإنمائية المحلية الخاصة".

هذا القرار لم يفاجئ الكثيرين، وخصوصاً العاملين في الشأن البلدي، إذ بدأت التسريبات تصدر منذ نحو عشرة أيام، لكن مشاركة بعض المسؤولين في "المستقبل" كرئيس جمعية بيروت للتنمية أحمد هاشمية والأمين العام للتيار أحمد الحريري في بعض الاتصالات، أبقت نافذة مفتوحة على إمكان المشاركة.
القرار الصارم من الحريري تبعه مباشرة تعليق هاشمية الاتصالات كافة، وإعلانه التزام عدم التدخل، ما زاد في إرباك الساحة البيروتية التي كانت تعتبر أن هاشمية يمكنه أن يؤدي دورا مستقبليا، حتى بعد إعلان الحريري.
من حيث المبدأ، التأثير المباشر لقرار "المستقبل" سيظهر في العاصمة بيروت فقط. فمن لحظة إعلان نية المشاركة في الاستحقاقات في شباط/فبراير 2025 كان واضحاً أن اهتمامه سيكون بمدن بيروت وصيدا وطرابلس، مع ترك الخيار للحزبيين والمناصرين في القرى والبلدات من دون دعم سياسي، إذ يمكن أن يكون في الكثير في البلدات لوائح متنافسة جميع أعضائها من أنصار "المستقبل"، وبالتالي لن يتدخل ليدعم فئة ضد أخرى.
وفي حين أن لا إشكالية كبيرة في مدينة صيدا باعتبار أنه سيكون للنائبة السابقة بهية الحريري اليد الطولى في البلدية وانتقاء من سيتولى المسؤولية، بغض النظر عن مشاركة "التيار" الرسمية أو عدمها، هناك شبه إجماع حتى من الخصوم على التأثير الكبير الذي تحظى به الحريري في المدينة، ما يجعل صيدا من الأساس خارج حسابات المعارك الدقيقة نظراً إلى الحيثية التي تتمتع بها الحريري.
أما في طرابلس، وبعد إعلان الرئيس نجيب ميقاتي حياده عن المعركة، فقد اتجهت المنافسة الانتخابية في المدينة لتكون عائلية أكثر منها سياسية. وعلى الرغم من ذلك فإن إعلان الحريري عدم المشاركة لا يعني أن أنصار "المستقبل" سيكونون خارج المعركة، بل من ضمنها، ولم يخفف بيان العزوف حركتهم البلدية، ولكن من خارج "مظلة المستقبل".
وعليه، بحسب مصادر شمالية، سيكون الوضع مريحاً لـ"المستقبل" بعد القرار نظرا إلى كثرة اللاعبين على الساحة الطرابلسية، وهم في النهاية لن يكونوا بعيدين عن جو الحريري بغض النظر عمّن يتبنى الفوز لاحقاً في عاصمة الشمال.
الإشكالية الكبرى في بيروت لم تجد حلولاً بعد، وخصوصاً أنه منذ تسعينيات القرن الماضي كان "المستقبل" هو الضامن الرئيسي للمناصفة الاسلامية-المسيحية في المجلس البلدي، وفي غيابه أضحى هناك خطر حقيقي على هذه المناصفة.
وبدا لافتاً أن بيان عزوف الحريري تضمن هجوماً على الأحزاب والقوى التي تجهد للتفاهم لمحاولة المحافظة على المناصفة، معتبراً أن "هناك تشويها لدور بيروت ومحاولات للسيطرة على قرارها عبر لوائح هجينة وسجال طائفي ومذهبي غير مسبوق"، ومعرباً عن عدم رغبته في أن "يتحمل تيار المستقبل مرة جديدة وحده وزر وضع إدراي لا سيطرة له عليه، وتحالفات انتخابية منقلبة على ذاتها".
وأكد أن "الأحزاب السياسية التي ترتكز على التيار ليكون عماد التحالف الانتخابي وقاطرتها للوصول إلى المجلس البلدي كانت تتحامل عليه متغاضية عن أسباب إفشال المجلس ورئيسه".
هذا الهجوم على الأحزاب، على الرغم من الإرباك الذي تركه، لم يوقف محاولات تشكيل لائحة توافقية تضم الفاعلين على الساحة البيروتية، وتنشط في هذا الإطار الأحزاب المسيحية (القوات، التيار، الكتائب، الطاشناق، الهانشاك وبعض البيوتات السياسية المسيحية) لحسم مسألة التسميات والحصص وتقديم 12 اسماً مسيحياً متفقاً عليها تضمن حضوراً شعبيا، في مقابل عمل كل من النواب فؤاد مخزومي ونبيل بدر و"الجماعة الإسلامية" والثنائي الشيعي للتفاهم على 12 اسماً من ضمنها اسم الرئيس، والخروج بلائحة ائئتلافية بين الأحزاب والقوى. إلّا أن الإشكاليات ما زالت كبيرة لدى الطرفين المسيحي والمسلم، في ظل ضيق الوقت، بما يؤكد المخاوف من طرح تحالف هجين وغير متناسق يكون له تأثيره السيئ والمباشر على العاصمة.
والإشكالية الأخرى هي التي تشكل إحراجاً لدى عدد من القوى وخصوصاً تلك التي تُعرف بـ"السيادية"، وتتمثل في انتقال ضمان المناصفة من "المستقبل" إلى "الثنائي الشيعي" باعتباره يملك بلوك الأصوات الأكبر والأكثر تنظيماً ويجعل الجميع تحت مظلته.