مجلة "الأمن العام" تنشر تقريرا شاملا عن الانتخابات البلدية والاختيارية عشية الاستحقاق

مجلة "الأمن العام" تنشر تقريرا شاملا عن الانتخابات البلدية والاختيارية عشية الاستحقاق

image

مجلة "الأمن العام" تنشر تقريرا شاملا عن الانتخابات البلدية والاختيارية عشية الاستحقاق

عشية بدء الانتخابات البلدية يوم الاحد 4 ايار 2025

اعلنت مجلة "الأمن العام" انها عشية بدء الانتخابات البلدية يوم الاحد 4 ايار 2025، ومن اجل توضيح دور المجلس البلدي في مجالات الانماء والتطوير وحسن الادارة والشفافية في كل قرية ومدينة، بالاضافة الى انتظام العلاقة بين المواطنين والمجلس البلدي وبين المجلس البلدي والدولة. ومن اجل ان يطّلع المنتخِب على صلاحيات البلدية ومهماتها كي يقرر كيف ينتخِب، وكيف يختار الاعضاء بعيدا من العوامل والمصالح الحزبية والشخصية والعائلية الضيقة التي تجتاح معظم بلدات لبنان ومدنه، تضع امام المواطنين في عددها الرقم 140 الصادر اليوم، تقريرا شاملا عن هذا الملف ليكون في متناول الجميع.

في ما يلي نص التقرير: 

"الانتخابات البلدية، التي تعد من ارقى وجوه الديموقراطية، تشكل اهم فرصة للمواطن كي يختار الافضل لادارة شؤون بلدته او مدينته. البلدية ادارة محلية تقوم ضمن نطاقها بممارسة الصلاحيات التي يخولها اياها القانون، وهي تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلالين المالي والاداري. يتألف جهاز البلدية من سلطة تقريرية يتولاها المجلس البلدي، وسلطة تنفيذية يتولاها رئيس المجلس البلدي، ما عدا بلدية بيروت حيث يتولاها المحافظ. مدة ولاية المجالس البلدية ست سنوات.

ما هي واجبات البلدية وصلاحياتها في مختلف المجالات؟ هل لها دور محوري في حماية البيئة، صحة المواطنين، حفظ الامن وقمع المخالفات والتعديات؟ هل ان تقاعسها عن ابسط واجباتها القانونية، كإقفال المحال التي يستثمرها اجانب بشكل غير قانوني مثلا، مرده فعلا الى ضعف الامكانات او يخفي في طياته منافع مالية او غيرها من وجوه الفساد؟

صوتك صدى لعقلك:
صوت الناخب هو صدى لمستوى عقله، اخلاقه، نضجه السياسي، ووطنيته. فالعقل المتخلف، الذي يعبد ويؤله الزعيم، ينتخب من يختاره الاخير له دون اي نقاش و"على العمياني". العقل الفاسد اخلاقيا ينتخب من يدفع له اكثر. اما العقل الناضج فكريا وسياسيا، الشريف اخلاقيا، الذي يتحسس بالمسؤولية تجاه مستقبل وطنه واولاده، فهو لا ينتخب الا من يدل تاريخه، ومستوى اخلاقه وعلمه، وحريته في اتخاذ القرارات، بأنه الافضل بين المرشحين الموجودين، من دون ان يكترث الى أي اعتبارات مادية او شخصية او عائلية او حزبية او سياسية اخرى. هكذا فقط نستطيع دفع عجلة الحياة السياسية والوطنية نحو التطور والتحضر والاصلاح، ولو ببطء، كون كل تحضر سياسي ووطني، وكل خروج من قمقم العبودية السياسية والطائفية التي من مصلحة الكثر ابقاء الناس فيها، يتم على مراحل ويحتاج الى اشخاص عندهم مواقف.

مالية البلدية:
تتكون مالية البلديات من :
· الرسوم التي تستوفيها البلدية مباشرة من المكلفين.
· الرسوم التي تستوفيها الدولة او المصالح المستقلة او المؤسسات العامة لحساب البلديات ويتم توزيعها مباشرة على كل بلدية.
· الرسوم التي تستوفيها الدولة لحساب جميع البلديات.
· المساعدات والقروض.
· حاصلات املاك البلدية، بما في ذلك كامل ايرادات المشاعات الخاصة بها.
· الغرامات.
· الهبات والوصايا
الرقابة الادارية:
تمارس الرقابة الادارية على قرارات المجلس البلدي، السلطات التالية :
- القائمقام.
-لمحافظ.
- وزير الداخلية.
تمارس الرقابة الادارية على قرارات مجلس بلدية بيروت من وزير الداخلية فقط.
المبدأ هو عدم خضوع قرارات المجلس البلدي الى الرقابة الادارية. الاستثناء، خضوع بعض قراراته لرقابة ادارية من القائمقام او المحافظ او وزير الداخلية.

اختصاص المجلس البلدي:
تنص المادة 47 من قانون البلديات على ان: "كل عمل ذي طابع او منفعة عامة، في النطاق البلدي، من اختصاص المجلس البلدي". كما تنص المادة 49 منه على ان "يتولى المجلس البلدي دون ان يكون ذلك على سبيل الحصر الامور التالية"، ومن ثم تسترسل تلك المادة في تعداد الكثير من الامور التي يتولاها المجلس البلدي في كل المجالات الانمائية، الصحية، البيئية، الخدماتية، الامنية وسواها. على سبيل المثال لا الحصر، كون صلاحيات البلدية شبه مطلقة شرط ان تكون تحت سقف الدستور والقانون وهادفة الى تحقيق الصالح العام. بهدف توضيح تلك الحقائق القانونية سنتوقف عند استعراض بعض اختصاصات المجلس البلدي بشكل عام، ومن ثم واجباته وصلاحياته ودوره المحوري في اهم المواضيع التي تهم المواطنين ويشتكون منها خلال السنوات الاخيرة كمواضيع البيئة، الصحة وسلامة الغذاء، حفظ الامن، مشكلة العمالة الاجنبية غير الشرعية لاسيما استثمار محلات ومؤسسات تجارية بطريقة غير شرعية من الوافدين السوريين كونهم الاكثر عددا.

صلاحيات شاملة:
يمكن القول ان صلاحيات المجلس البلدي ضمن النطاق البلدي واسعة الى درجة تشبه صلاحيات الحكومة ضمن الدولة، اي انها تشمل كل المجالات والقطاعات في المجتمع. في ما يلي عينة عن بعضها:
· السهر على تطبيق القوانين النافذة وحفظ الامن والاستقرار ومكافحة كل انواع الجرائم.
· مراقبة سير المرافق العامة واعداد تقارير عن سير العمل فيها الى الادارات المعنية.
· اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية البيئة والصحة العامة.
· تخطيط الطرق وتقويمها وتوسيعها وانشاء الحدائق والساحات العامة.
· انشاء الاسواق والمتنزهات واماكن السباق والملاعب والحمامات والمتاحف والمستشفيات والمستوصفات والملاجئ والمكتبات والمساكن الشعبية والمغاسل والمجارير ومصارف النفايات وامثالها.
· تنظيم النقل على انواعه وتحديد التعرفة عند الاقتضاء ضمن النطاق البلدي، ومع مراعاة احكام القوانين النافذة.
· البرامج العامة للاشغال والتجميل والتنظيفات والشؤون الصحية ولمشاريع المياه والانارة.

في حفظ الامن:
ان قانون البلديات الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 118 في تاريخ 30 حزيران1977، وفي معرض استعراضه صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية في البلدية ضمن المادة 74 منه، ذكر انه: "يتولى شؤون الامن بواسطة الشرطة البلدية التي تتمتع بصفة الضابطة العدلية، وله ان يطلب مؤازرة قوى الامن الداخلي عند وقوع اي جرم او احتمال حدوث ما قد يهدد السلامة العامة وان يباشر التحقيقات اللازمة".

الشرطة البلدة ضابطة عدلية واجبها مكافحة كل انواع الجرائم ضمن النطاق البلدي، واذا كانت هناك مهمة تفوق امكاناتها يمكنها طلب مؤازرة قوى الامن الداخلي، مما يعني انه لا توجد اي حجة لعدم مكافحة الشرطة البلدية لأي مخالفات او جرائم او تعديات من اي نوع كانت.

في حماية البيئة:
في هذا السياق، لا بد من التوقف عند ثلاثة عناوين:

اولا: ان المادة 49 من قانون البلديات نصت، في سياق تعداد واجبات البلدية، على انه من واجبها ان تتخذ جميع الاجراءات اللازمة، في كل المجالات من دون استثناء، من اجل حماية البيئة ومنع تلوث صحة الانسان والمياه والهواء والتربة والمزروعات والحيوانات، الخ. 

ثانيا: من ابسط واجبات البلدية ان تطبق ضمن نطاقها الاداري جميع القوانين النافذة ضمن الدولة. في ما خص موضوع البيئة، واجبها السهر على حسن تطبيق كل القوانين البيئية كقانون حماية البيئة رقم 444/2002. قانون المحافظة على البيئة ضد التلوث من النفايات الضارة والخطرة رقم 64/1988. قانون المحافظة على النظافة العامة الصادر بالمرسوم رقم 8735 / 1974. قانون اصول تقييم الاثر البيئي الصادر بالمرسوم رقم 8633 / 2012، وسواها. من جهة اخرى، في حال وجود محل او شركة او معمل يخالف اي منهم الشروط البيئية، فانه من واجب البلدية قمع تلك المخالفات والافعال الجرمية فورا، سواء قبل او بعد مخابرة القضاء المختص بحسب كل حالة قانونية على حدة.

ثالثا: من واجب البلدية، ومن حقها القانوني، ان ترفض اساسا منح اي موافقة او ترخيص لأي مؤسسة او شركة او مصنع لا يستوفي اي منهم الشروط البيئية المطلوبة. في هذا السياق، نشير الى ان المادة 51 من قانون البلديات تنص على انه يجب موافقة المجلس البلدي في الامور التالية: "طلبات رخص استثمار المحلات المصنفة والمطاعم... وفي حال عدم موافقة المجلس البلدي واصرار السلطة المختصة على اتخاذ تدبير مخالف، يعرض الموضوع على مجلس الوزراء عن طريق الوزير المختص، لبته بالصورة النهائية".

في الاستنتاج، امام كل هذه الواجبات القانونية الواضحة فان غض نظر اي بلدية عن مخالفات لقوانين البيئة يطرح الف شبهة وشبهة حول وجود فساد ما، سواء لمصالح مالية او انتخابية او ما شابه ذلك.

صحة المواطن:
الواقع القانوني الذي استعرضناه في ما خص موضوع البيئة ينطبق ايضا بشكل كامل على موضوع صحة المواطنين ضمن النطاق البلدي، لناحية ان واجب البلدية ان تطبق كل القوانين ذات الصلة في موضوع حماية صحة المواطنين. ويجب ان تتخذ كل الاجراءات العملانية والقانونية التي من شأنها حماية صحة الافراد والصحة العامة، كالمراقبة الصحية على اماكن الاجتماعات والفنادق ومنازل البغاء والمقاهي والمطاعم والافران وحوانيت اللحامين والحلاقين... اضافة الى اتخاذ كل الاجراءات اللازمة لمكافحة الامراض الوبائية والسارية وامراض الحيوانات وسواها. اي ممارسة الرقابة الصحية في المجالات كافة بما يضمن سلامة المواطنين. استطرادا، يجوز للمجلس البلدي ضمن منطقته ان ينشئ او يدير بالذات او بالواسطة او يساهم او يساعد في انشاء المستوصفات والمصحات والمستشفيات، وغير ذلك من المنشآت الصحية.

امكانات او فساد مقنع؟
مفهوم مكافحة الفساد حديث العهد نسبيا، اذ بدا التداول به عالميا في منتصف التسعينات، لذا تبرر تلك الحداثة عدم وجود تعريف عالمي موحد له حتى اليوم. على الصعيد اللبناني، نجد ان قانون حماية كاشفي الفساد الصادر تحت الرقم 83 في تاريخ 10 تشرين الاول 2018، عرف في مادته الاولى الفساد بأنه: "استغلال الموظف للسلطة او الوظيفة او العمل بهدف تحقيق مكاسب او منافع غير متوجبة قانونا". من الناحية القانونية ان استغلال الوظيفة قد يأخذ اشكالا عدة عملانيا، من ضمنها مثلا غض النظر عن تطبيق القانون او عن ملاحقة مرتكب او مرتكبي افعال جرمية معينة مقابل منافع مخفية، مالية او انتخابية او سياسية او غير ذلك. هذا التفسير يتطابق مع اغلب تعاريف الفساد في العالم التي تتمحور في بعض اقسامها حول ان الفساد يتمثل في منع او تجاهل او غض النظر عن تطبيق القانون لمنفعة ما. في مقابل ذلك، وعندما نعلم ان من بين ابسط واجبات البلدية مثلا التأكد من مدى قانونية اي محل تجاري يستثمره اي لبناني او اجنبي مثلا، لاسيما الوافدين السوريين غير الشرعيين كونهم الاكثر عددا. كما ان ابسط واجباتها ايضا اجراء كشف على المواد الغذائية في محلات السوبرماركت والسمانة وسواها للتأكد من سلامة المواد الغذائية وصلاحية المعلبات. هذان الاجراءان لا يتطلبان اي كلفة مالية تذكر، بل مجرد جولة لشرطة او مراقبي البلدية كل اسبوعين او كل شهر مرة. بالتالي، ان تقاعس البلدية عن تطبيق القانون على افعال جرمية واضحة وضوح الشمس كهذه، ومن السهل مكافحتها، يستدعي وضع علامة استفهام وطرح الف سؤال وسؤال حول مدى كونه مغطى من قبل جهة ما او جهات عدة ضمن البلدية، مقابل منافع مالية او انتخابية او سياسية او حزبية وغير ذلك. هذه الاسئلة المشروعة، على كل ناخب ان يتذكرها، او يسأل المرشحين عن كيفية التعاطي معها في المستقبل، قبل عملية الاقتراع.

غض النظر جرم:
ان اهمال او غض النظر عن تطبيق القانون، او بالمعنى القانوني الاخلال بالواجبات، يشكل في ذاته مخالفة مسلكية تستوجب معاقبة الموظف المسؤول عنه من رؤسائه، وقد يعرضه ايضا الى الملاحقة المدنية والجزائية امام القضاء المختص. في هذا السياق، نوضح انه يعتبر رئيس المجلس البلدي او نائبه او العضو الذي يتولى اعمال السلطة التنفيذية مسؤولا من الوجهة المسلكية ويتعرض للعقوبات التاديبية اذا اخل بالواجبات التي تفرضها عليه الانظمة والقوانين، رغم انذاره، وادى ذلك الى الحاق الضرر بمصالح البلدية.

لا تحول الملاحقة التأديبية دون الملاحقة عند الاقتضاء امام المحاكم المدنية والجزائية المختصة. غير انه لا يمكن ملاحقة الرئيس او نائبه او العضو البلدي جزائيا من اجل جرم يتعلق بمهامهم، الا بناء على موافقة المحافظ الخطية.
ان المحاسبة الفعلية لكل من غض النظر عن تطبيق القانون في اي مجال كان يستطيع تطبيقه فيه، كغض النظر عن المحلات التي يستثمرها اجانب بطريقة غير قانونية او اهمال الرقابة على الأغذية، وعدم معالجة مواضيع البيئة والصحة وسواها، يكون من الناخبين في صناديق الاقتراع يوم الانتخاب".