خشية من استهدافات إسرائيلية.. تهديد بضربات عسكرية بعد مهلة زمنية محددة بأسابيع
قطار انتخابات «البلديات» ينطلق اليوم من «جبل لبنان»
الأنباء الكويتية - ناجي شربل وأحمد عزالدين
مضت الدولة اللبنانية في التصدي لإنجاز الملفات الدستورية المتراكمة، وفي طليعتها الانتخابات البلدية والاختيارية المتأخرة عن موعدها 3 أعوام. وتنطلق اليوم من محافظة جبل لبنان، بمواكبة إدارية لافتة من وزارة الداخلية والبلديات، لتأمين سلامة الاقتراع وحفظ الأمن من جميع الأجهزة الأمنية اللبنانية التي حجزت جميع أفرادها للمواكبة.
وأكد وزير الداخلية والبلديات العميد أحمد الحجار في حديث إذاعي أن الانتخابات مهمة «جدا خصوصا بعد تأجيلها 3 مرات»، مشيرا إلى أنها تتزامن مع انطلاق عهد جديد في البلاد.
وكان الحجار تابع منذ صباح أمس توزيع صناديق الاقتراع في مختلف المناطق اللبنانية، مشيرا إلى بعض الشكاوى التي وردت من سرايا بيت الدين (في الشوف)، ما استدعى حضوره شخصيا لتسريع وتيرة العمل وضمان تسليم الصناديق إلى رؤساء الأقلام والكتبة في الوقت المناسب.
وطمأن وزير الداخلية إلى الجاهزية التامة في كل المناطق اللبنانية، لكنه لفت إلى استمرار المخاوف من الاستهدافات الإسرائيلية.
وأمل أن تمر بأمان وسلاسة، مؤكدا أن الانتخابات في العاصمة بيروت ستجري في موعدها المحدد، قاطعا الجدل الذي أثير في الأيام الماضية.
كلام وزير الداخلية والبلديات تزامن مع معلومات متقاطعة لـ «الأنباء» عن تهديد مقرون بمهلة زمنية إسرائيلية للمباشرة في نزع سلاح «الحزب» شمال الليطاني، بمدة أقصاها 6 أسابيع، تحت طائلة شن ضربات عسكرية على أهداف مختلفة يقول الإسرائيليون انها عائدة إلى الحزب.
معلومات لم تشأ مصادر سياسية وأمنية رسمية لبنانية التعليق عليها، من دون التقليل من خطر التهديدات الإسرائيلية المستمرة، والتأكيد على ان إسرائيل تريد «خربطة» جهود الدولة اللبنانية المدعومة بتفهم دولي، لجهة معالجة مسألة كل سلاح غير شرعي على الأراضي اللبنانية.
ولفتت المصادر السياسية والأمنية الرسمية اللبنانية إلى خطوة المجلس الأعلى للدفاع تجاه حركة «حماس»، وما تتضمنه من جدية على حسم الدولة قرارها بعدم جعل لبنان منصة لتوجيه رسائل لا قدرة للدولة اللبنانية وأهل البلاد على تحمل تداعياتها. وأشارت إلى دقة المرحلة في ضوء معرفة الجهة التي تزود حركة «حماس» بالسلاح وتشرف على تدريب مقاتليها، وتدرك تحركاتهم مسبقا جنوب الليطاني وشماله.
توازيا، تؤكد الدولة اللبنانية على انتفاء وجود مبرر لأي سلاح خارج سلطتها، منطلقة مما آلت إليه الحرب الإسرائيلية الموسعة الأخيرة (20 سبتمبر - 27 نوفمبر 2024) والتي أعادت الاحتلال الإسرائيلي إلى أراض لبنانية، وأعطت الذراع العسكرية الإسرائيلية المجال واسعا لمد يدها في جميع المناطق. وللغاية ترى الدولة اللبنانية ان السلطة الشرعية وحدها قادرة على المواجهة، بالتعويل على مساعدة المجتمعين الدولي والعربي.
واعتبرت مختلف الأوساط السياسية الموقف العلني الذي وجهته الدولة اللبنانية إلى حركة «حماس» بعد اجتماع المجلس الأعلى للدفاع على خلفية إطلاق صواريخ من الجنوب الشهر الماضي وتسليم المتورطين، نقطة تحول في سياسة الدولة في مواجهة التحديات، وعدم إدارة الظهر لها. وأكدت ان «حماس» مضطرة إلى التجاوب مع مطلب الحكومة وليس أمامها خيارات أخرى، خصوصا ان الدولة عازمة على بسط سيادتها على كامل أراضيها وحصر السلاح بيد القوى الشرعية اللبنانية وحدها، وعدم تحويل الساحة اللبنانية إلى مناطق نفوذ لتنفيذ أجندات خارجية. وقد أكدت ذلك في كل مناسبة، وهي تحظى بثقة وتأييد دولي على هذا الأساس لإعادة بناء الدولة.
كما تواصل الحكومة اللبنانية خططها الإصلاحية من دون تردد أو تراجع، رغم العواصف المحلية والإقليمية التي تجتاح المنطقة. وتأتي خطواتها في وقت تترقب الدوائر اللبنانية ما ستقوم به لجنة الإشراف على اتفاق وقف إطلاق النار من تحرك جديد يلجم الاعتداءات الإسرائيلية والتجاوزات لمنطوق الاتفاق حول وقف الحرب.
وقالت مصادر نيابية لـ «الأنباء» إن وعودا أعطيت للبنان بإنهاء حالة الشلل التي سيطرت على عمل لجنة تنفيذ وقف الحرب، بعد تسلم الجنرال الأميركي مايكل ليني رئاستها خلفا لسلفه جاسبر جيفرز. وترددت معلومات من بعض المصادر الديبلوماسية ان جيفرز أبدى استياء من عدم التجاوب الإسرائيلي وعرقلة عمل اللجنة، فيما وصفته المصادر بمحاولة من حكومة بنيامين نتنياهو لدفع الاتصالات نحو لجان تواصل سياسي وديبلوماسي، من خلال شل عمل العسكريين برعاية الأمم المتحدة وقواتها في جنوب لبنان، وهذا الأمر رفضه لبنان جملة وتفصيلا. كما رفض البحث في أي تواصل سياسي قبل إتمام الانسحاب الإسرائيلي كاملا، معتبرا ان أي بحث سيكون في معالجة النقاط الخلافية لجهة تثبيت الحدود المرسمة بموجب الاتفاق الموقع في العام 1923 بين فرنسا وبريطانيا برعاية المنظمة الدولية.
من جهة ثانية، أكد قائد القوات الدولية «اليونيفيل» في جنوب لبنان الجنرال أرالدو لازارو «ان الوضع في جنوب لبنان أكثر استقرارا ولكنه لا يزال هشا، ويجب تجنب أي وضع قد يؤدي إلى تصعيد المواجهة».
وأضاف لازارو في لقاء مع رؤساء بلديات جنوبية ان «اليونيفيل» لاتزال ملتزمة تماما العمل جنبا إلى جنب مع الجيش اللبناني الشريك الاستراتيجي، وستستمر بالتنسيق الدقيق معه دائما، إلى مواصلة تقديم الدعم بكل الطرق الممكنة.
في مجال الإصلاح، أقرت الحكومة مشروع قانون استقلالية القضاء الذي قوبل بارتياح لدى الأوساط السياسية على اختلافها، باعتبار ان هذه الاستقلالية تشكل حجر الزاوية في الإصلاح. ولطالما أسهم غياب هذه الاستقلالية بشكل كبير في استمرار الفساد في مختلف مرافق الدولة، وفي القضاء نفسه. وكان هذا المشروع قد تنقل في الأعوام الماضية بين الحكومة والمجلس النيابي ذهابا وإيابا دون إقراره. وهو يشكل مع هيكلة المصارف، إضافة إلى السرية المصرفية التي أقرها المجلس النيابي الأسبوع الماضي، الركيزة الأساسية للإصلاح في البلاد.
ومع دخول البلاد العد التنازلي للانتخابات البلدية والاختيارية في جميع المحافظات تباعا في كل أحد من شهر مايو، وتاليا الانتقال إلى العد العكسي للانتخابات النيابية السنة المقبلة، نشطت الحركة الخاصة بالإنفاق الانتخابي سواء في المصاريف الخاصة بالانتخابات أو تشغيل الحركة في مراكز المأكولات، وتلك الخاصة بخدمات القرطاسية والنقليات. وهذا يعني ان البلاد ستستمر في عيش الأجواء الانتخابية حتى ربيع 2026، مع ما تحمله هذه الأجواء من رخاء اقتصادي وصرف في قطاعات خدماتية داخلية.