الحكومة أقرّت تعديلات قانون تنظيم القضاء وهذه تفصيله

الحكومة أقرّت تعديلات قانون تنظيم القضاء وهذه تفصيله

image

الحكومة أقرّت تعديلات قانون تنظيم القضاء وهذه تفصيله
التعديلات طالت آلية تشكيل مجلس القضاء الأعلى وأعطي القاضي حرية الظهور الاعلامي

فرح منصور - المدن
تحت عنوان "تنظيم القضاء العدلي"، أقرّت الحكومة مشروع القانون الرامي إلى تعزيز استقلاليّة القضاء في لبنان.  والذي يُعدّ الخطوة الأولى الأساسية في مسار إصلاح السلطة القضائية، من خلال تأمين استقلالية القضاء وتحريره من التدخلات السياسيّة.
وبموجب هذا القانون تم ادخال تعديلات على آلية تشكيل مجلس القضاء الأعلى. فأقر مبدأ  الانتخاب بدلًا من التعيين لنصف أعضائه. وجرى تعزيز الاستقلالية من خلال تنظيم المناقلات والتعيينات القضائية، بحيث أصبحت تصدر وفق الآلية المنصوص عليها في المشروع. أما في ما يتعلّق بتعزيز استقلالية القاضي، فقد تمّ تحصين موقعه باعتماد معايير موضوعية، وإقرار قاعدة الثبات في مركزه لمدة خمس سنوات.

تأليف مجلس القضاء الأعلى
طالت التعديلات آلية تأليف مجلس القضاء الأعلى، وأصبحت على الشكل التالي:
الأعضاء الحكميّون (عددهم ثلاثة): الرئيس الأول لمحكمة التمييز (رئيسًا)، النائب العام لدى محكمة التمييز (نائبًا للرئيس)، رئيس هيئة التفتيش القضائي (عضوًا).

يُعيَّن هؤلاء بناءً على اقتراح وزير العدل ولمدة ست سنوات. يرفع مجلس القضاء الأعلى لائحة من ثلاثة أسماء إلى مجلس الوزراء، مرفقة بالسير الذاتية، بواسطة وزير العدل. ويقوم مجلس الوزراء باختيار أحد الأسماء الثلاثة لتعيينه عضوًا حكميًا مكان العضو المنتهية ولايته. وفي السابق، كان مجلس الوزراء هو الجهة التي تختار الأعضاء مباشرةً دون لائحة مسبقة.

الأعضاء المُنتخبون: -قاضٍ أصيل من بين الرؤساء والمستشارين في محكمة التمييز، تنتخبه هيئة مؤلفة من: قضاة محكمة التمييز، قضاة النيابة العامة التمييزية، النيابة العامة المالية، رئيس هيئة القضايا، رئيس هيئة التشريع والاستشارات، ورئيس معهد الدروس القضائية.
-قاضٍ أصيل من بين رؤساء محاكم الاستئناف، وقاضٍ أصيل من بين الرؤساء والمستشارين في محاكم الاستئناف وقضاة التحقيق، ينتخبهما هيئة مؤلفة من: قضاة محاكم الاستئناف، قضاة التحقيق العدلي، قضاة التحقيق لدى المحكمة العسكرية، قضاة النيابة العامة الاستئنافية، قضاة النيابة العامة لدى المحكمة العسكرية، مديرو معهد الدروس القضائية، والقضاة الملحقون بوزارة العدل.
-قاضٍ أصيل من بين رؤساء الغرف في محاكم الدرجة الأولى، وقاضٍ أصيل من بين القضاة المنفردين من الدرجة الخامسة وما فوق، ينتخبهما هيئة مؤلفة من: قضاة محاكم الدرجة الأولى والقضاة المنفردون والقضاة الملحقون بوزارة العدل.

الأعضاء المعيّنون (اثنان): قاضٍ أصيل من بين رؤساء الغرف لدى محكمة التمييز، وقاضٍ أصيل من بين رؤساء غرف محاكم الاستئناف

يُعيَّن هذان العضوان من بين ثلاثة أسماء يُرشّحها على التوالي: قضاة محكمة التمييز، ورؤساء غرف محاكم الاستئناف.
يصدر التعيين بمرسوم، بناءً على اقتراح وزير العدل، وبعد استطلاع رأي مجلس القضاء الأعلى.

التشكيلات القضائية
أُضيفت تعديلات على آلية التشكيلات والمناقلات القضائية، التي يضعها مجلس القضاء الأعلى ويرفعها إلى وزير العدل لتصدر بمرسوم بناءً على اقتراحه.
وفي حال حصول اختلاف في وجهات النظر بين وزير العدل ومجلس القضاء الأعلى، يدعو الوزير المجلس إلى جلسة مشتركة خلال مهلة 15 يومًا.
وإذا استمر الخلاف، يفصل المجلس بالأمر ويتخذ قراره بأكثرية سبعة من أعضائه، ويرفعه إلى الوزير، ويُعدّ القرار في هذه الحالة نهائيًا وملزمًا.
أما النقطة الأهم، فهي أن التشكيلات القضائية تُعتبر نافذة ويبدأ العمل بها إذا لم تصدر بمرسوم خلال مهلة شهر من تاريخ ورود المشروع إلى ديوان وزارة العدل.

وهذا يعني أن القرار النهائي في ما يتعلق بالتشكيلات القضائية أصبح بيد مجلس القضاء الأعلى، خلافًا لما كان معمولًا به سابقًا.
ويجدر التذكير بأن التشكيلات الأخيرة كانت قد تعطّلت لأكثر من ست سنوات، بسبب امتناع السلطة السياسية عن توقيعها والموافقة عليها.

استقلالية القاضي
وفي هذا المشروع، لا يُنقل القاضي إلا وفقًا لأحكام القانون، ولا يجوز نقله من مركزه من دون رضاه، حتى لو كان ذلك على سبيل الترقية، إلا إذا تعرّض لعقوبة تأديبية أو جاء تقييم عمله سلبيًا. وفي المقابل، لا يجوز للقاضي أن يشغل المركز نفسه لأكثر من خمس سنوات، ويُنقل حكمًا حتى من دون رضاه إلى مركز موازٍ أو أعلى من المركز الذي يشغله.

معايير تشكيل القضاة
وذكر في مشروع قانون تنظيم القضاء العدلي أن التشكيلات ستُجرى بناءً على أسس موضوعية، وأن معايير اختيار القضاة هي المناقبية والكفاءة العلمية والقضائية، الشخصية والإنتاجية، والأقدمية، والحضور، ونتائج التقييم. ويحظر إجراء أي تمييز خلال التشكيلات على أساس العنصر أو الجنس أو الدين أو المذهب.

حرية التعبير
وبعد خلافات طويلة حول مسألة الظهور الإعلامي وإحالة قضاة للمجلس التأديبي من قبل وزير العدل السابق هنري الخوري، سُمح في هذا المشروع للقاضي بالظهور الإعلامي دون إذن. وقد ذُكر في المشروع أنه يتمتع بحرية التعبير والعقيدة والتجمع والانتساب إلى جمعيات، على أن يحافظ على هيبة المنصب القضائي وحياد السلطة القضائية واستقلالها ومبادئ أخلاقيات القاضي.

ويتوجب على القاضي الذي يرغب في الظهور الإعلامي عبر وسائل الإعلام أن يُطلع رئيس مجلس القضاء الأعلى بذلك قبل 48 ساعة. ويحظر على القضاة ممارسة العمل السياسي أو المشاركة بأي شكل من الأشكال في أي تجمع أو جمعية تكون أهدافها تتنافى مع حقوق الإنسان والعدالة والمساواة.

العقوبات التأديبية
وأوضح المشروع أن العقوبات التأديبية للقضاة هي على الشكل التالي: التنبيه، اللوم، تأخير الترقية لمدة لا تتجاوز السنتين، إنزال الدرجة، التوقيف عن العمل من دون راتب لمدة لا تتجاوز السنة، الصرف من الخدمة، العزل مع الحرمان من تعويض الصرف أو معاش للتقاعد.

تقييم العمل القضائي
في القانون، ذُكر أنه سيتم إنشاء لجنة لتقييم العمل القضائي، تتولى إجراء الزيارات التقييمية للمحاكم والدوائر القضائية الخاضعة لرقابتها في المحافظات، وتقييم عمل كل قاضٍ وإصدار التوصيات والاقتراحات اللازمة. ويخضع جميع القضاة العدليين، باستثناء الرئيس الأول لمحكمة التمييز، لتقييم دوري كل أربع سنوات. وفي حال حصول قاضٍ على أدنى درجة تقييم، يتم تقييمه مرة أخرى بعد ستة أشهر.

وحسب معلومات "المدن"، فإنه بعد تشكيل الحكومة في شباط الماضي، بدأ العمل على تطوير وتحسين هذا القانون، واستغرق تجهيزه حوالي الشهرين. وقد تم الأخذ بأكثرية ملاحظات مجلس القضاء الأعلى عليه الذي شارك وزارة العدل في إعداده.

ووصف مرجع قضائي رفيع لـ"المدن" هذا القانون بأنه "خطوة متقدمة للإصلاح القضائي، بعد أن شُلّ العمل القضائي في لبنان لسنوات طويلة نتيجة التدخلات السياسية في التشكيلات القضائية وسواها. وحرصًا على تحرير القضاء بشكل كامل، وُضع هذا القانون بعد أن خضع لتعديلات عديدة لمواد كانت قد أدت إلى عرقلة القضاء.

نادي القضاة يناشد الحكومة
في المقابل، ناشد نادي القضاة مجلس الوزراء، طالبًا منه اغتنام الفرصة المصيرية وإيلاء المشروع الوقت الكافي واللازم لدراسته، والتمعّن في مضمونه، بهدف الوصول إلى تضمينه الاستقلالية الفعلية للقضاء العدلي من الناحيتين الإدارية والمالية. وخصوصًا أن هذا المشروع لم يُحقق الاستقلالية المنشودة، لا سيما لجهة الطبيعة القانونية لمجلس القضاء الأعلى، وطريقة تكوين أعضائه، وإعداد التشكيلات القضائية، وكيفية إجراء التقييم للقضاة. فضلًا عن تضمّنه مواد تتعارض مع الدستور، ومع التوصيات التي وضعتها كل من لجنة البندقية ومنتدى العدالة. يُذكر أن النادي قد أعدّ دراسة موضوعية نقدية لهذا المشروع، سلّمها إلى الجهات المعنية، وسُجّلت أيضًا لدى الأمانة العامة لمجلس الوزراء، وسيتم الإعلان عنها في وقت لاحق.