إنتر وPSG مناسبان للنهائي... كانا الأفضل

إنتر وPSG مناسبان للنهائي... كانا الأفضل

image

إنتر وPSG مناسبان للنهائي... كانا الأفضل

تيم سبيرز- نيويورك تايمز
نظراً للطبيعة غير المتوقعة لكرة القدم الإقصائية، سواء بالمباريات أو القرعة، فإنّه من النادر أن تستطيع أن تقول بلا تردّد إنّ أفضل فريقَين قد بلغا نهائي أي بطولة معيّنة. ما لم يكن هناك نظام تصنيف مثالي وتفوز الفرق الكبرى والمرشحة في كل فرصة (ويجدر بالذكر أنّ الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يحاول بجدّية تنفيذه)، فإنّ النهائي يبقى دوماً مُعرَّضاً إلى عدم استضافة أفضل فريقَين.
وهذا شيء جيد تماماً. فمثل هذا التصوّر قد يجعل كرة القدم متوقعة إلى حدٍ كبير، بالتالي مملة (أكثر ممّا يظنّه البعض بالفعل). لكنّ القرعة المفتوحة غالباً ما تُنتج، في المقابل، مواجهةً تحمل موهبة وثقلاً وشعوراً بنهائي، لكنّها تُلعب في مرحلة مبكرة جداً إذ لا تكون مرضية.

وهذا يحدث كثيراً في كأس العالم أو أمم أوروبا، عندما واجهت إسبانيا ألمانيا المضيفة في ربع نهائي أمم أوروبا الأخيرة، ثم المرشحة قبل البطولة فرنسا في نصف النهائي. أمّا إنكلترا، فتعثرت خلال المسار الأسهل من القرعة، وعلى رغم من أنّها قدّمت أداءً لا بأس به في النهائي، فإنّ مستواها كان دون مستوى إسبانيا الفائزة. لم يكن نهائياً مثالياً بأي حال.

وحدث أمر مشابه في دوري الأبطال الموسم الماضي، عندما قدّم بوروسيا دورتموند، الذي كان من أقل الفرق ترشيحاً، أداءً قوياً في «ويمبلي»، قبل أن يخضع في نهاية المطاف لأفضلية خصمه ريال مدريد البطل. وكانت انتصارات مدريد الدرامية السابقة في المواجهات الثقيلة، ضدّ مانشستر سيتي وبايرن ميونيخ في ربع ونصف النهائي توالياً، تحمل شعور «مَن يفوز بهذه المواجهة، قد أو يجب، أن يفوز بالبطولة».

هل تتذكرون عند مقارنة فرنسا والأرجنتين في الدور الثاني من كأس العالم 2018؟ نعم، كان ذلك مبكراً جداً. أو واحدة من أكثر الأمثلة شهرة في إنكلترا، عندما أُجبر نوتنغهام فورست (الفائز بالدوري آنذاك) على مواجهة ليفربول حامل اللقب الأوروبي في الدور الأول من دوري الأبطال 1978-79، ضمن قرعة مفتوحة تماماً من دون تصنيفات أو قيود بين الدول.

ويُمثل الشكل الجديد لدوري الأبطال نقيضاً تاماً لتلك المواجهة في عام 1978 (فاز فورست 2-0 في مجموع المباراتَين وواصل طريقه نحو رفع الكأس)، مع وجود 8 مباريات في دور المجموعات وقرعة مَوزونة تهدف إلى تحقيق مستوى متكافئ من المنافسة، بالإضافة إلى التصنيفات في الأدوار الإقصائية، وكل ذلك يساعد في ضمان وصول أفضل الفرق إلى المراحل المتقدّمة.

وعلى رغم من أنّ سان جيرمان عانى من أجل إنهاء دور المجموعات ضمن أفضل 24 فريقاً، واضطرّ لخوض مباراة فاصلة للوصول إلى دور الـ16، فإنّ الشعور السائد هو أنّ البطولة قد انتهت بوصول أفضل فريقَين إلى النهائي.

إنّه تحليل شخصي طبعاً، ويمكن طرح حجج تدعم فرقاً مثل برشلونة، بايرن ميونيخ، وربما ليفربول كأحد أفضل الفرق. مع ذلك، وعلى رغم من أنّ برشلونة كان ربما الفريق الأكثر إمتاعاً، فإنّ دفاعه كان هشاً لدرجة يمكن تشبيهه بوعاء من الكاسترد يعاني من عقدة نقص.

كان بايرن جيداً، لكنّ نقاط ضعفه الدفاعية جعلته يخسر 4 مباريات، ونجا بصعوبة أمام سلتيك. في حين أنّ أفضل فريق إنكليزي، ليفربول، اجتاز دور المجموعات بسهولة، لكنّه، على رغم من خروجه بركلات الترجيح أمام سان جيرمان في دور الـ16، تعرّض إلى تفوّق فرنسي واضح ذهاباً وإياباً.

وبما أنّنا نتحدّث عن أفضل الفرق، فمن الواجب ذكر أرسنال، الخاسر في نصف النهائي، وصرّح مدربه ميكيل أرتيتا في باريس: «لا أعتقد أنّ هناك فريقاً أفضل (من أرسنال) في البطولة حتى الآن».

لنَكن مُنصفين لأرتيتا، حقق أرسنال ربما النتيجة الأكثر إثارة للإعجاب في البطولة عندما أطاح بريال مدريد (5-1 في مجموع مباراتي ربع النهائي)، لكن بعد أن خسر بجدارة ذهاباً وإياباً أمام سان جيرمان الرائع، ربما كانت تصريحاته تفتقر إلى بعض التواضع.

على أي حال، إليكم كيف توقعت «أوبتا» لأداء كل فريق بعد إجراء قرعة دور المجموعات في بداية الموسم. مانشستر سيتي كان المرشح الأقوى (25,3%) في وقت لم يكن بإمكان لا أجهزة الكمبيوتر ولا البشر التنبّؤ بأنّ فريق بيب غوارديولا على وشك أن يمر بموسم من الإحباطات ينهي مرحلة سيطرته.

تصنيف سان جيرمان في المرتبة التاسعة المتدنّية، جزئياً بسبب القرعة الصعبة التي وقع فيها (تضمنت خصوماً مثل أرسنال، أتلتيكو مدريد، بايرن ميونيخ، ومانشستر سيتي)، وجزئياً لأنّه لم يُنظر إليه باعتباره مرشحاً للفوز، إذ لا يزال يتأقلم مع مرحلة ما بعد كيليان مبابي.

قد يكون عثمان ديمبيلي سجّل 24 هدفاً في 18 مباراة في أكثر مواسمه غزارة تهديفية، لكنّه بعد أن سجّل فقط 7 أهداف في 52 مباراة مع النادي والمنتخب الموسم الماضي، لم يكن متوقعاً منه أن يُعوّض أهداف مبابي. أمّا خفيتشا كفاراتسخيليا الجريء، فلم يكن قد انضمّ بعد إلى باريس عندما صدرت توقعات «أوبتا».

بلغ سان جيرمان ذروته تدريجاً خلال الموسم ويبدو الآن شبه مثالي: فريق مليء بالطاقة، القدرة البدنية، المهارة، السرعة الفائقة على الأطراف، التحكّم المتقن في خط الوسط، يضمّ ربما أفضل ظهير أيسر في العالم حالياً، نونو مينديز، أحد أفضل الخطوط الأمامية في أوروبا، والحارس جيانلويجي دوناروما الذي قام بتصدّيات بطولية طوال الأدوار الإقصائية. والأهم من كل ذلك، هم يلعبون كوحدة واحدة، يعملون كفريق، ويدافعون ويضغطون كمجموعة.

وأوضح لاعب وسط أرسنال السابق جاك ويلشير (TNT Sports)، عن PSG بعد الفوز على أرسنال: «ترى فريقاً لديه وضوح تام في كل مرحلة من مراحل اللعب وكل تصرّف يقومون به، سواء في الحيازة أو مندونها».

وكرر آرسين فينغر المديح عبر beIN Sports: «رأينا الليلة سان جيرمان مختلفاً، ليس بقيادة الاستحواذ واللعب الجميل، بل بقيادة فكرة رفض استقبال الأهداف والاستفادة من الهجمات المرتدة والكرات الثابتة، وهو ما منحهم النجاح الليلة. قلتُ منذ زمن طويل إنّهم لن يكونوا بعيدين عن الفوز بدوري الأبطال. ولا ننسى، لا يزال بإمكانهم أن يكونوا الفريق الوحيد الذي يحقق موسماً مثالياً، يمكنهم الفوز بدوري الأبطال، وتحقيق الثنائية في فرنسا، والفوز بكأس العالم للأندية. سيكون ذلك إنجازاً استثنائياً للويس إنريكي وباريس سان جيرمان».

سيكون كذلك بالفعل، فعلى رغم من أنّهم يدخلون النهائي كمرشحين للفوز، فإنّ إنتر يستحق الدعم الكبير أيضاً. أحد الأمور التي تُقال عن سان جيرمان في دوري الأبطال هو أنّه تغلّب على 4 من أفضل الفرق الإنكليزية: مانشستر سيتي، ليفربول، أستون فيلا، وأرسنال.

وهذا ما يُميِّز إنتر المتماسك، الذي اجتاز اختبارات أكثر صرامة ضدّ بايرن ميونيخ وبرشلونة في ربع ونصف النهائي توالياً. أيضاً أظهر إنتر عدة جوانب مختلفة من لعبه. بدأ البطولة بسجل دفاعي استثنائي، مستقبلاً هدفَين فقط في أول 10 مباريات (8 مباريات في المجموعات، ومباراتَي دور الـ16 ضدّ فينورد)، وفق تسلسل ثنائي للأهداف المستقبلة: 0-0-0-0-0-1-0-0-0-1.

طبعاً، استقبل أهدافاً ضدّ بايرن وبرشلونة، لكنّه سجّل بمعدّل مرتفع، بإجمالي أهداف في تلك المواجهتَين بلغ 11-9، شملت 7 هدّافين مختلفين لإنتر.

حان الوقت لأخذه على محمل الجدّ كقوة أوروبية. فحتى الآن في هذا العقد، بلغ نهائي الدوري الأوروبي (2020)، فاز بالدوري الإيطالي (2021 و2024) وكأس إيطاليا (2022 و2023)، وكان وصيفاً في دوري الأبطال (2023).

وقد يُحقّق إنتر (يتقدّم نابولي بـ3 نقاط مع تبقّي 3 مباريات) لقب «سيري أ»، ووصل إلى نهائي دوري الأبطال مرّة أخرى. إنّه سجل مذهل، لكن بسبب غياب الأسماء اللامعة، وقلة العناصر الشابة المبهرة، وربما أيضاً لأنّه لم يفز فريق إيطالي بالبطولة منذ عام 2010 (انتصار إنتر تحت قيادة جوزيه مورينيو)، فإنّهم يُغفلون بسهولة («أوبتا» لم تغفلهم، صنّفت إنتر كمرشح ثالث).

وأكّد لويس إنريكي أنّها «ستكون مباراة صعبة ضدّ إنتر، لكن أعتقد أنّهم يشعرون بالأمر نفسه. ستكون مباراة نهائية مثيرة وصعبة جداً على الفريقَين وخصوصاً لنا جميعاً. إنّها النهائي الثاني لهم في 3 سنوات، وهذا يظهر أنّهم فريق رائع».

فريقان رائعان، نهائيان مستحقان، وربما نهائي دوري أبطال عظيم. إنّه شعور صائب تماماً.


الأكثر قراءةً