سفينة روسية نحو مرفأ بيروت محمّلة بقمح أوكراني مسروق!
شهد لبنان محاولة تصدير منتجات زراعية أوكرانية مسروقة في تموز 2022
بسام مقداد - المدن
من المتوقع أن تصل إلى مرفأ بيروت الجمعة في 16 الجاري السفينة الروسية Nikolai Leonov وعلى متنها 7714.3 طناً من القمح الأوكراني المسروق، وفقاً لما جاء في المذكرة التي سلمتها في 12 الجاري السفارة الأوكرانية في لبنان لوزارة الخارجية اللبنانية والوزارات المعنية وإدارة الجمارك وهيئة إدارة مرفأ بيروت.
المذكرة التي حصلت "المدن" على نسخة منها تشير إلى أن السفينة الروسية يقودها القبطان فاليري إيفانوفيتش بولديريف وتملكها شركة "ألفا"، وهي تخضع لعقوبات أميركية منذ العام 2023 بسبب "مشاركتها المستمرة في أنشطة غير قانونية في الأراضي الأوكرانية المحتلة. وتشير المذكرة إلى أن السفينة تشحن القمح لصالح الشركة اللبنانية Dahrouj General Trading SARL، وعنوانها في الحدث جنوب بيروت، بناية البيطار.
تواصلت "المدن" مع الصحافية الاستقصائية الأوكرانية Katerina Yaresko العاملة في مركز SeaKrime لملاحقة جرائم الإحتلال الروسي في الأراضي الأوكرانية المحتلة، وطرحت عليها بضعة أسئلة متعلقة بالسفينة الروسية التي تنقل القمح الأوكراني، الذي تسرقه روسيا من إهراءات القمح في ميناء أوكراني محتل، وتزور مستنداته وتصدره للخارج على أنه قمح روسي.
في الرد على سؤالها عن آلية التحقق من مصدر الحبوب التي تحملها السفينة، قالت الصحافية إن ميناء Berdyansk يقع في منطقة زاباروجيا المحتلة المعروفة بإنتاجها الكبير من لحبوب. ومن المرفأ هذا لا يمكن تصدير أي حبوب أخرى، سوى من المناطق المجاورة. إضافة إلى ذلك، لقد ثبت أن "الشركة التجارية الأولى" المصدرة للحبوب أشارت إلى المصدر في بوليصة الشحن. والشركة هذه، هي إحدى الشركات المعتمدة من قبل "الشركة الرسمية للحبوب"، التي أنشأها الروس خصيصًا لتصدير الحبوب من الجزء المحتل من منطقة زاباروجيا.
وعن سؤالها عن بلدان الشرق الأوسط التي تصدر إليها روسيا الحبوب الأوكرانية المسروقة، وهل سبق أن تمكنوا من الكشف عن وقائع أخرى من تصدير روسيا للحبوب المسروقة إلى الخارج، قالت Katerina بأن روسيا تصدر كميات كبيرة من الحبوب من المناطق المحتلة في أوكرانيا، وخصوصاً إلى الشرق الأوسط، وتستخدم أساليب احتيال وتزوير وثائق مختلفة. وأشارت إلى أن لبنان شهد مثل هذه المحاولة في تموز/يوليو 2022، عندما وصلت سفينة LAODICEA إلى ميناء طرابلس، محملة بالمنتجات الزراعية من مدينة فيودوسيا الأوكرانية الواقعة في القرم المحتل. وتحركت حينها السفارة الأوكرانية في لبنان، ولم يُسمح للسفينة بتفريغ حمولتها.
وتضيف الصحافية الأوكرانية بالقول، إنه حتى شهر كانون الأول/ ديسمبر 2024، كان يتم تصدير الحبوب من الأراضي المحتلة في أوكرانيا بكميات كبيرة إلى طرطوس أو اللاذقية في سوريا. لكن، بعد تغير الأوضاع في سوريا، توقف ذلك، وأصبحت مصر تتلقى مثل هذا النوع من الحبوب. وأثبت فريق الصحافية أن مثل هذه الشحنات البحرية من الحبوب الأوكرانية المسروقة كانت تصل إلى إيران وإلى ميناء في اليمن يسيطر عليه الحوثيون.
تنفي الصحافية أن تكون مع فريقها الطرف الوحيد الذي يرصد شحنات الحبوب البحرية هذه، بل يرصدها أيضاً صحافيون إستقصائيون آخرون إضافة إلى هيئات تنفيذ القانون الأوكرانية.
وهل سبق أن تمكنت أوكرانيا من إعادة السفن التي تشحن الحبوب الأوكرانية من حيث أبحرت؟ تقول الصحافية أنه لم يحدث أن تمكنت أوكرانيا من ذلك، على الرغم من أنها تطالب بذلك دائماً. وعادة ما يرفض الطرف المتلقي السماح للسفينة بالدخول إلى الميناء، أو لا يسمح بتفريغ حمولتها من الحبوب. وإذا حدث هذا في لبنان الآن، فستكون هذه المرة الأولى.
العضو في تجمع للصحافيين ومتخصصي تكنولوجيا المعلومات KibOrg لمحاربة المعتدي في مجال المعلومات Maksym Dudchenko كتب في 13 الجاري خصيصاً لـ"المدن" نصا حول السفينة الروسية المحملة بالحبوب الأوكرانية المسروقة والآتية إلى مرفا بيروت. عنون الصحافي نصه بالأوكرانية بالقول "رحلة السفينة "نيكولاي ليونوف" في البحر الأبيض المتوسط. تجمّع KibOrg يتعقب الحبوب المسروقة التي يتم تصديرها من ميناء Berdyansk.
يقول الصحافي الإستقصائي في مطلع نصه، إن روسيا، ومنذ غزوها في العام 2022، أصبح ميناء Berdyansk على ساحل بحر آزوف، نقطة انطلاق عمليات شحن الحبوب الأوكرانية التي سرقها المحتلون، والتي يتم إرسالها بعد ذلك للتصدير إلى الخارج تحت غطاء المنتجات الزراعية الروسية. إن تعقب المخطط الإجرامي ليس بالأمر السهل: قبل الدخول إلى Berdyansk، يتم إيقاف تشغيل أجهزة إرسال AIS على السفن، مما يمنع جمع البيانات حول مكالمات السفن، بما في ذلك من خلال المراقبة المستقلة. ومع ذلك، فقد حصلت مجموعته على وثائق تسجل كل خطوة في مخطط تصدير الحبوب المسروقة، وصولاً إلى تزوير الوثائق المصاحبة.
ويقول الصحافي الأوكراني أن مجموعته تمكنت من تعقب التفاصيل المتعلقة برحلة السفينة الروسية "نيكولاي ليونوف" الخاضعة للعقوبات. خلال النصف الأول من الشهر الجاري، أبحرت السفينة من بحر آزوف إلى البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت تنتظرها شحنة من الحبوب الأوكرانية المنهوبة لتيحر بها إلى ميناء بيروت.