شربل عازار: كيف يُمكننا بعد اليوم المزاوجة بين بقاء السلاح والاعفاءات الضريبيّة؟
عندما تَعفي الدولة البعض من الضرائب يعني أنّ على بقيّة المواطنين سَدّ الفجوة
كتب الدكتور شربل عازار تحت عنوان، بين صَبْرِ أيّوب وصَبْرِ أم كلثوم.
في الجلسة النيابيّة التشريعيّة الأخيرة، والتي اختلط فيها حابِل النقاش بنابِل التصويت على موضوع الإعفاءات من الرسوم والاشتراكات والضرائب لمتضرّري حرب "الإسناد والإلهاء والإشغال" يبقى السؤال الأساسي المطروح:
عندما تَعفي الدولة جزءاً من مواطنيها من دفع واجباتهم الضرائبيّة لأي سَبَب كان، ألا يعني ذلك أنّ على بقيّة المواطنين سَدّ الفجوة الماليّة للدولة وبالتالي إضافة الرسوم بشكل مباشر او غير مباشر على غير المعفيّين؟
بلا، هذه هي الحقيقة.
عندما تكون الأضرار الحاصلة على جزء من المواطنين وعلى بعض المناطق اللبنانيّة ناتجة عن كوارث طبيعيّة من زلازل وعواصف وفياضانات وما شابه، يكون من أولى الواجبات الإنسانيّة والوطنيّة والأخلاقيّة أن تهبّ الدولة وجميع مواطنيها لمساعدة أخوتهم وشركائهم في الوطن في كلّ المجالات الماليّة والماديّة والاستشفائيّة وغيرها لأنّ غَضَب الطبيعة يَنزل على الجميع بِغَضّ النظر عن انتماءاتهم الطائفيّة وأرائهم السياسيّة ومسيرتهم الحربيّة.
لذلك ومنطقيّاً، مِن حقّ كلّ مواطن دافع للضرائب والرسوم أن يسأل عن العدالة في تَحمِيله مسؤوليّة أضرار ناتجة عن تصرّفات فريق من خارج قرار الدولة. وللمواطن الحقّ في السؤال أيضاً، الى متى ستسمرّ هذه التصرّفات الخارجة عن سلطة الدولة؟
واستطراداً، أَهَل هي آخر مرّة نُدَمِّر فيها جنوبَنا وبقاعَنا وضاحيتَنا الجنوبيّة باستدعائنا القوة التدميريّة الإسرائيليّة التي لا قلب لها ولا رادع، والمحميّة والمُغطّاة من كلّ الدول "النافذة" في العالم، فيما لم يبقَ لنا "نافذة" واحدة في العشرات من بلداتنا الجنوبيّة الحبيبة على طول الشريط الحدودي بعد تدمير القرى والبلدات بالكامل؟
وفي السياق، كيف يُمكن أن نُبقِيَ على "الخطاب المُمَانع" ذاته وعلى السلاح ذاته بعد كلً هذه التطورات الدراماتيكيّة التي أصابت كلّ بلدان الشرق الأوسط من فلسطين وغزّة ولبنان وسوريا والعراق واليمن وكلّ دول الخليج وصولاً الى إيران نفسها؟
وكيف يُمكننا بعد اليوم المزاوجة،
بين بقاء السلاح والاعفاءات الضريبيّة؟
وبين بقاء السلاح وإعادة الإعمار؟
وبين بقاء السلاح وبناء الدولة؟
وبين بقاء السلاح والنمو الاقتصادي؟
وبين بقاء السلاح وقدوم السوّاح والمغتربين؟
وبين بقاء السلاح وقدوم الاستثمارات والمستثمرين، لبنانيّين كانوا أم عرباً أم غيرهم؟
وبين بقاء السلاح ومنع التهريب؟
وبين بقاء السلاح وانتظام عمل المؤسّسات القضائيّة والعسكريّة والأمنيّة والاقتصاديّة وغيرها؟
في حديث صحفي له منذ أيام قال رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه برّي:
"إنّ قرارنا الآن هو أن نَصبر وسنبقى صابرين، وبالصَبرِ نُقاتلهم".
دولة الرئيس،
صَبَر اللبنانيّون جميعاً، من أقصى الجنوب الى أقصى الشمال عشرات السنين، وصَبْرُهم فاق صَبْرَ أيّوب،
فَارحَمْ بيئتَك وَارحَمْ لبنان وأقدِم على حَصر السلاح فقط بيد القوى الشرعيّة وانتم على ذلك قادرون، اليوم قَبل الغد، لكي لا نَصرخ مع أم كلثوم، إنّما للصَبرِ حدود يا دولة الرئيس.