تعيين رئيس «الإنماء والإعمار»: روايات متضاربة بشأن التلاعب في النتائج
بعد جلسة المقابلات الثانية تبدّلت الأسماء
محمد وهبة - الاخبار
ثمّة روايات متضاربة بشأن ما حصل في تعيينات رئيس مجلس الإنماء والإعمار. الرواية الرسمية تقول إنّ كل شيء سار وفقاً للمعايير المحدّدة من قبل اللّجنة، بينما هناك رواية يتبنّاها عدد من المرشحين لهذا المنصب عن تلاعب بالنتائج أفضى إلى اختيار اسم «بيروتي» بدلاً من أسماء أخرى رُفعت أسماؤها إلى مجلس الوزراء.
«الأخبار» ستقدّم الروايتين علماً أن رواية المرشحين، لو تبيّن أن فيها من الدقّة ما يجعلها ذات مصداقية لتحوّل الأمر إلى فضيحة كبيرة، بدأت في اختيار رئيس لمجلس الإنماء والإعمار، ويمكن أن تنسحب لاحقاً على الكثير من التعيينات، مثل نواب رئيس مجلس الإنماء وأعضاء مجلس الإدارة ومفوّض الحكومة والأمين العام، بالإضافة إلى تعيينات في أوجيرو وفي الهيئات الناظمة وسواها. إضافة إلى التعيينات الحسّاسة نسبيّاً في القطاع المالي ومصرف لبنان.
إثر انتهاء جلسة مجلس الوزراء التي عُيّن فيها محمد قبّاني رئيساً للمجلس، تناقل عدد من المتابعين معلومات مثيرة للشكوك. وتزامن الأمر مع اعتراض سجّله وزير الصناعة جو عيسى الخوري على طريقة رفع الأسماء من اللجنة المعنية التي يرأسها وزير التنمية الإدارية فادي مكي، إلى مجلس الوزراء. وتبيّن أيضاً أن الخبير المعيّن في اللجنة وهو وزير الطاقة جو صدّي، كان هو قد اعترض، على نتائج التقييم التي أجرتها اللجنة عبر ممارسة الصمت.
وبحسب هذه المعطيات، فإن اللجنة اختارت إجراء المقابلات ثم توقّفت لمدّة أسبوع قبل أن تستأنف المقابلات، وأنه في المدة الفاصلة كانت هناك ثلاثة أسماء تتصدّر التقييم: هيثم عمر، ناصر ياسين، حسان الدغيلي. إنما بعد جلسة المقابلات الثانية، تبدّلت أسماء ناصر ياسين وحسان الدغيلي ليحلّ بدلاً منهما ربيع الخطيب ومحمد قباني. وهذه الأسماء الثلاثة هي التي رُفعت إلى مجلس الوزراء لاختيار واحد من بينها.
وتقول المصادر، إنّ قباني كان من اختيار رئيس الحكومة نواف سلام. تردّد أيضاً أن سلام سبق أن أبلغ أحد المرشحين بنيّته تعيين قباني على أن يتم التعويض على هذا المرشّح.
وقال أحد المرشحين إنّ الأسئلة التي سئلت في المقابلات كانت تعدّ اعتباطية إلى حد ما مثل سؤال: أين ترى نفسك بعد خمس سنوات؟ فلماذا يُسأل المرشحون إلى هذه الوظيفة سؤالاً كهذا رغم أن السيرة الذاتية فيها الكثير من الشهادات والمواقع التي شغلها المرشح. أصلاً ما هو الداعي إلى هذا السؤال، لا سيما أن المرشح لهذه الوظيفة يرغب في وظيفة تمتدّ لخمس سنوات؟
ويؤكّد هؤلاء، أن قباني لم يكن من الخمسة الأوائل إلى حين استئناف المقابلات التي كان من المفترض أنها انتهت ثم استؤنفت فجأة. وبحسب هؤلاء، فإن الخبراء المعينين في اللجنة هما زينة زيدان وعلي حسن خليل (مقيم في الكويت) وقد فوجئا بالنتيجة التي خلُصت إليها اللجنة من جهة اختيار قباني.
هذه المعطيات جرى تداولها على نطاق واسع بين المرشحين وبين موظفين على صلة بهذه العملية، من بينهم أشخاص كانوا على اتصال بأشخاص في اللجنة.
وكان المشترك بين هؤلاء، أن معايير التقييم غير شفافة ولم تعلن، كما لم تكشف اللجنة المعنية عن ترتيب العلامات التي حظي بها المرشحون الذين أجريت معهم مقابلات ولا عن معايير اختيار اللائحة المصغّرة من بين المرشحين الذين قدّموا طلبات التأهيل إلى هذه الوظيفة. علماً أن مبدأ الشفافية لا يمنع اللجنة من نشر نتائج التقييم والعلامات التي حصل عليها كل المرشحين.
اتصلت «الأخبار» بوزير التنمية الإدارية - رئيس اللجنة فادي مكّي، وسألته عن حقيقة هذا الأمر. وقال مكي تعليقاً على الرواية المتداولة: «هذا حكي مزيّف»، مشيراً إلى أنه هو المعني شخصياً بهذا الأمر، وأن كل وزير كان يضع العلامات لكل مرشح على حدة على أساس معايير حدّدتها اللجنة على الشكل الآتي: الخبرة، المؤهل العلمي، التطور المهني.
بالنسبة إلى الخبرة، فإن عدد السنوات أدى دوراً إلى جانب المؤهلات القيادية للمرشح، فيما الشهادات العلمية كان لها وزن في الاختيار، إلى جانب المقالات والمؤتمرات التي شارك فيها المرشح.
العلامة التي توضع في هذا المجال تحدّد انتقال المرشح إلى إجراء المقابلة، ويضيف مكي:«وعلى هذا الأساس اخترنا 33 شخصاً للمشاركة في المقابلات».
أما بالنسبة إلى المقابلات، فإن الأسئلة قسّمت إلى ثلاثة أقسام: سلوكية، تقنية، قيادية. إذاً، هل مكي على استعداد لنشر العلامات والترتيب؟ يجيب مكي: «لا أعرف، ليس امتحاناً، ولا أعرف إذا كان الأمر يخالف قواعد السرية». ويؤكد أنه «لم تكن هناك مقابلات إضافية، علماً أن ما قيل لجهة لقاء بين رئيس الحكومة ومرشحين قد يكون صحيحاً، لكن من اخترناهم هم الأوائل. ويقول مكي: «ناصر ياسين لم يكن من أول ثلاثة، والدغيلي لم يكن من بينهم أيضاً، بل كان من أول عشرة».
وبدا مكي غير محبّذ لعرض الروايتين، كونه يعتبر أن روايته هي الحقيقية، ولا يجب تقديمها مقابل رواية متداولة عن وجود تلاعب في الآلية. ويقول: «سُمعتي على المحكّ وأنا شخص مستقل ولست حزبياً. ولا استثناءات لدينا. كما إنه ليس لدي ما أخسره. اللجنة أجرت تقييماً وحتى إذا تساوت العلامات بين المرشحين فإنه يتم إجراء تقييم ثالث مستقلّ».