الرياضي يُدوّن اسمه بالذهب ثلاثية تاريخية وبلا هزيمة في WASL

الرياضي يُدوّن اسمه بالذهب ثلاثية تاريخية وبلا هزيمة في WASL

image

لانا نجدي - الجمهورية
في مشهد نادر لا يتكرّر كثيراً، وأمام جمهور لبناني متعطش للإنجازات، حقق الرياضي بيروت إنجازاً تاريخياً جديداً، بعد أن تُوّج بطلاً لدوري سوبر غرب آسيا (WASL) لعام 2025، بفوزه الكبير والمقنع على فريق تبيعات الإيراني 101-77، في المباراة النهائية التي جرت مساء السبت 18 أيار، على أرضية ملعب نهاد نوفل في زوق ميكايل.
 
هذه ليست مجرّد بطولة جديدة تُضاف إلى خزائن النادي البيروتي العريق، بل هي تتويج لمسيرة مثالية خاضها الفريق هذا الموسم، إذ أنهى البطولة بسجل خارق بلغ 13 انتصاراً من دون أي هزيمة، ليُحقق الثلاثية التاريخية في دوري WASL: لقب منطقة غرب آسيا، لقب نهائي الغرب، ولقب السوبر القاري.

سيناريو المباراة: قلبٌ نابض وذهنٌ حاد
دخل الرياضي المباراة بثقة البطل، لكنّه واجه مقاومة حقيقية من تبيعات في الربع الأول، إذ بدأ الفريق الإيراني اللقاء بحدّة هجومية أربكت دفاعات الفريق اللبناني، لينهي هذا الربع متفوّقاً 27-23، وسط قلق نسبي في صفوف الجماهير اللبنانية من احتمال سيناريو مفاجئ.
لكن كما عوّد الرياضي جمهوره، جاء الردّ سريعاً ومباشراً في الربع الثاني، بقيادة النجم وائل عرقجي الذي تولّى زمام المبادرة، فسجّل بفعالية مذهلة من مختلف المسافات، وأدار الهجوم بحكمة وثقة.
إلى جانبه، تألّق أمير سعود بتسجيله 13 من نقاطه الـ16 في هذا الربع فقط، ممّا ساعد الفريق على قلب النتيجة، وإنهاء الشوط الأول متقدّماً 50-41 إثر تفوّق صريح في الربع الثاني بنتيجة 27-14.
في الربع الثالث، رفع الرياضي من نسق المباراة، وبدأ ماركوس جورجيس-هانت بفرض حضوره الهجومي، مسجّلاً نقاطاً حاسمة، إلى جانب مساهمات فعّالة من هايك غيوكجيان ومارين ماريتش. والفارق اتسع تدريجاً إلى أكثر من 15 نقطة، وسط ارتباك واضح في دفاعات تبيعات، وفشل في مجاراة السرعة والتنظيم اللبناني.

الهجوم والدفاع في فريق واحد
ما ميّز أداء الرياضي هذا الموسم عموماً، وفي النهائي خصوصاً، هو المرونة التكتيكية والانضباط الدفاعي والهجومي. فالفريق لا يعتمد على نجم واحد، بل يُظهر تعدّدية واضحة في الحلول الهجومية، عبر تناوب ثلاثي القوة: وائل عرقجي، ماركوس جورجيس-هانت، وأمير سعود، الذي كانت له لمسات حاسمة في الربع الثاني تحديداً، حين أعاد الفريق إلى أجواء السيطرة.
هذا التنوّع سمح للرياضي بأن يُبقي تبيعات في حالة ارتباك دائم، خصوصاً في الانتقال الدفاعي والضغط على حامل الكرة، ممّا أدّى إلى تراجع فعالية الفريق الإيراني مع مرور الوقت.
أمّا من جهة تبيعات، فعلى رغم من الأداء القتالي لإيفان بوفا، الذي قدّم مباراة كبيرة بتسجيله 29 نقطة و10 متابعات، إلّا أنّ الفريق الإيراني افتقر إلى العمق والانسجام الجماعي، واعتمد بشكل مفرط على الحلول الفردية، خصوصاً مع تراجع نسبة التسديد من خارج القوس وضعف التمرير الجماعي، في ظل غياب منظومة هجومية قادرة على فك التكتلات الدفاعية اللبنانية.
 
وائل عرقجي: MVP اللعبة
لا شك أنّ عرقجي أثبت نفسه كأحد أفضل اللاعبين في القارة الآسيوية، إن لم يكن الأفضل في مركزه حالياً. حصل على جائزة أفضل لاعب في البطولة (MVP) عن جدارة واستحقاق، بعدما قاد فريقه بثقة وعقلية البطل، وسجّل في المباراة النهائية 27 نقطة و6 تمريرات حاسمة، بنسبة تسديد مذهلة بلغت 73,3% (11 من 15 محاولة).
عرقجي لم يكن مجرّد هدّاف، بل كان موزّع لعب، وقائداً ميدانياً حقيقياً، يقرأ دفاعات الخصم بحسّ استثنائي، ويتخذ القرارات في اللحظة المناسبة، ما يجعله لاعباً ناضجاً تكتيكياً ومؤهلاً لتمثيل الأندية أو المنتخبات في أكبر المحافل القارية والعالمية.

المدرب أحمد فرّان: صانع المجد الجديد
قليلٌ من المدربين في المنطقة استطاعوا أن يصنعوا مشروعاً متكاملاً كما فعل المدرب اللبناني أحمد فرّان. كانت قيادته الفنية للرياضي هذا الموسم مثالية من كافة النواحي: تحضير ذهني، توزيع أدوار، إدارة دقائق اللعب، والتحكّم في مجريات المباريات الكبيرة.
فرّان لم يكتفِ بالنجاحات المحلية، بل أثبت أنّ الرياضي هو فريق قاري بامتياز، ينافس على كل الجبهات، ويُعيد إلى كرة السلة اللبنانية هيبتها الإقليمية.

نظرة مستقبلية: الرياضي إلى BCL Asia
بفوزه بلقب WASL 2025، ضَمَن الرياضي بيروت تأهله رسمياً إلى دوري أبطال آسيا لكرة السلة (BCL Asia)، المقرّرة في شهر حزيران المقبل.
التحدّي المقبل سيكون حتماً أصعب، لكن بثقة هذا الفريق، وانسجام لاعبيه، والخبرة التي راكمها في البطولات الإقليمية، بالإضافة إلى دعم جماهيره المتواصل، يبدو أنّ الرياضي في طريقه إلى كتابة فصول جديدة من المجد، وهذه المرّة على الساحة القارية الأوسع.
أمّا تبيعات الإيراني، وعلى رغم من الخسارة، فإنّه يمتلك فريقاً شاباً وطموحاً بقيادة نجمه إيفان بوفا. وقد تكون هذه المشاركة درساً مهمّاً وتجربة بنّاءة للفريق قبل خوض غمار دوري الأبطال أيضاً، بعد أن حصل بدوره على بطاقة التأهل.

زعامة ذهبية من قلب بيروت
ما فعله الرياضي بيروت هذا الموسم لا يندرج فقط في خانة «الإنجاز»، بل هو تاريخ يُكتب بحروف من ذهب. بطولة من دون أي هزيمة، أداء فني راقٍ، وانسجام جماعي أفرز نجوماً تألّقوا كالكواكب في سماء كرة السلة الآسيوية. وأكّد الرياضي أنّ قلب اللعبة في غرب آسيا ينبض من بيروت، حيث يُصنع المجد وتُرفع الرايات.