تصحيح التعميمين ١٥٨ و١٦٦ برسم الحاكم الجديد

تصحيح التعميمين ١٥٨ و١٦٦ برسم الحاكم الجديد

image

تصحيح التعميمين ١٥٨ و١٦٦ برسم الحاكم الجديد
التغرة الكبرى لا تمتّ للعدالة بأيّ صلة وتضع جميع المودعين في سلة واحدة

 

بقلم  العميد المتقاعد دانيال الحداد

يبدو أن حاكم مصرف لبنان الجديد كريم سعيد قد أتمّ الاطلاع على مختلف تفاصيل الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بلبنان مع نهاية العام ٢٠١٩، وأصبح لديه التصور الأولي لمعالجة أوضاع المصارف وحل قضية المودعين بطريقة تدريجية.

وبانتظار إقرار القوانين الخاصة بذلك، لا بدّ من معالجة سريعة للثغرات التي تشوب التعميمين ١٥٨ و١٦٦، اللذين صدرا في أيام الحاكم السابق رياض سلامة، سواء لجهة كيفية احتساب الدفعات الشهرية أو لجهة قيمة هذه الدفعات.

 التغرة الكبرى في التعميمين والتي لا تمتّ للعدالة بأيّ صلة هي وضع جميع المودعين في سلة واحدة، وهو القرار الذي اعتمده الحاكم السابق رياض سلامة، تجنّباً لثورة صغار المودعين الذين يشكلون العدد الأكبر من المودعين، بحيث ساوى بين الجميع في الدفعات الشهرية بمعزل عن حجم الودائع، فمثلاً من لديه وديعة بقيمة ١٠ ملايين دولار في المصرف يستطيع حالياً سحب ٥٠٠ دولار شهرياً  من خلال التعميم ١٥٨، و٢٥٠ دولاراً  من خلال  التعميم ١٦٦، ومن لديه ٥ آلاف دولار يستطيع سحب المبلغ نفسه في التعميمين، وهو أمرٌ لا يقبله عقل أو منطق، وهو بمثابة رسالة شديدة السلبية لكبار المستثمرين في المصارف مستقبلاً، لأن اعتماد سياسة الرأس الواحد، لا تصلح للاستثمار في لبنان ولا في أيّ بلد آخر.

معالجة هذه الثغرة الخطيرة، لا تحتاج إلى الكثير من العناء والدراسات، ، بل الى اعتماد طريقة من اثنتين :

- قاعدة الشطور: وهي احتساب قيمة الدفعات الشهرية لكل مودع وفق حجم وديعته، فمثلاً  إذا انطلقنا من أن قيمة الدفعة الشهرية لوديعة بقيمة ١٠٠ ألف دولار وما دون هي ٥٠٠ دولار، تزاد هذه الدفعة تدريجياً في حال تخطّى حجم الوديعة الـ ١٠٠ الف دولار، وذلك ضمن حد أدنى وحد أقصى للسحب الشهري، يتراوح على سبيل المثال بين ٥٠٠ دولار و٣٠٠٠ دولار.

- قاعدة النسبية: وهي تمكين المودع من سحب نسبة معينة من وديعته سنوياً ضمن حدّ أدنى وحدّ أقصى للسحب الشهري، وعلى سبيل المثال، نسبة ٦ أو ٧٪ من الوديعة سنوياً شرط على الاّ يقل السحب الشهري عن ٥٠٠ دولار ولا يزيد عن ٣٠٠٠ دولار مهما كان حجم الوديعة.

في الخلاصة، اعتماد إحدى هاتين الطريقتين،  يؤدي إلى شيء من العدالة النسبية بين المودعين، لا العدالة الكاملة بطبيعة الحال، والرهان يبقى على قرار الحاكم المشهود له بخبرته الواسعة في مجالات القانون والاقتصاد والمال، والأهم أنه بات اليوم بحكم الظروف الراهنة، متحرّراً من موبقات السياسة والشعبوية الرخيصة.