رنا البايع - المدن
تشهد العقارية في طرابلس حملة توقيفات واسعة للتحقيق في تورّط بعض الموظفين ومعقبي المعاملات في قضايا رشاوى وفساد وتزوير سجلات. الحملة التي بدأت البارحة لا تزال مستمرة وكان آخرها استدعاء أمينة السجل العقاري في طرابلس إيفلين موسى التي حُقّق معها واستمع إلى إفادتها لكنّه لم يتخذ قراراً بتوقيفها بناء على إشارة المدعي العام الذي اطّلع على أقوالها وقرّر إخلاء سبيلها. وكان قد اسُتدعي أيضاً الموظفان في العقارية م. قبضاكي وع. عباس، وهما لا يزالان موقوفين في نظارة أمن الدولة بانتظار قرار المدعي العام.
وفي التفاصيل، يشير مصدر أمنيّ مطّلع إلى أن أكثر من شكوى كانت تقدّمت بحق هذين الاثنين وغيرهما في تهم فساد وقبض ودفع رشاوى، ما استدعي تدخّل جهاز أمن الدولة الذي أرسل دورية من بيروت دخلت عقارية طرابلس بلباس مدني مجهّزة بكاميرات خفية وعاينت المكان، وتمكّنت من تصوير فيديو يوثّق تسلّم قبضاكي وعباس رشاوى في العقارية.
ويضيف المصدر نفسه أنّه تمّ التحقيق أيضًا مع المدعو س. الخير وهو موظف تخليص معاملات ويبدو أنّه بمثابة بنك للمعلومات ومتورّط بعمليات فساد كثيرة لكنّه كان يتمتع بغطاء سياسي وأمني.
ويشير إلى أنّ الخير أوقفه فرع المعلومات بتهم تزوير توقيع وزير الداخلية، ورئيس مصلحة السجل العقاري، من أجل بيع أراضٍ ومشاعات للدولة. وهناك أسماء أخرى لم يعلن عنها قد تكون متورّطة وستساق إلى التحقيق في الأيام المقبلة.
معلومات أخرى تحدّثت عن أنّ الخير اعترف ووشى بأحد شركائه وهو أحد الظباط الكبار في الدولة الذي قد يتمّ استدعاؤه للتحقيق.
إستحسان طرابلسي
حملة التوقيفات هذه لاقت استحساناً لدى الشارع الطرابلسي الذي يعتبر أنّه آن الاوان لفرض هيبة الدولة والاقتصاص من المخالفين، وتفاءل الكثيرون بأنّ شبكات الفساد المستشرية في المدينة ستضرب الواحدة تلو الأخرى، وسيعمل بتوجيهات الرئيس جوزاف عون إلى معاقبة الفاسدين أينما وجدوا.
معلومات "المدن" تقول إن سقوط المحافظ رمزي نهرا، وفي حال سيق إلى التحقيق سيسقط معه الكثير من الأسماء ومنها أمين سر محافظة عكار ل. الكردي الذي كان يده اليمنى، فالمحافظ سجله حافل بقضايا فساد لم يحاسب عليها لأنّه كان مغطى من بعض السياسيين المنتفعين من وجوده.
في سياق آخر، تتضارب المعلومات حول توقيف المهندس ب. الأيوبي وسط تكتّم رسميّ، وتتداول أخبار عن أنّه أوقف بسبب فيديو نشر على وسائل التواصل يتّهمه مباشرة مع خ. السلو بقضايا تزوير، فتحرّك جهاز أمن الدولة بناء على الشبهة، في وقت لم يعرف ما إذا كان لدى أمن الدولة معطيات أخرى عن الأيوبي وتمّ توقيفه على أساسها. لكن لا تبدو التّهم الموجّهة إليه متّصلة بالعقارية، بحسب مصدر "المدن" الذي يشير إلى أنّه في حال كان "التوقيف على الشبهة فقط من دون أدلة، فهذه سقطة لأمن الدولة".
وكان مكتب المهندس الايوبي أصدر بياناً نفى فيه ما تمّ تداوله، مشيراً إلى أنّ الحملة قوية عليه لأنه هناك تعيينات في وزارة الاتصالات "ويريدون إزاحة اسمه لكي يتسنى لهم متابعة أعمالهم الفاسدة".
توقيت الحملات
لا تزال الصورة غير واضحة تماماً فيما يبدو أن رئيس الجمهوررية جوزاف عون، أطلق يد المدير العام لأمن الدولة اللواء الركن إدغار لاوندوس، لملاحقة المخالفات والفساد في مؤسسات ومراكز الدولة، وأعطى صلاحية كبيرة له للتصرّف بما يجده مناسباً. ويتساءل البعض عن توقيت الحملة من كفّ يد المحافظ نهرا إلى توقيفات العقارية وصولاً إلى التحقيق مع الأيوبي، ويعتبرون أنّ التوقيت مشبوه، وهي تبدو كأنّها تستقوي على المسلمين في المدينة. فيما يرى الآخرون أن لا احد فوق القانون والملاحقة يجب أن تستمرّ وتطال الجميع من دون استثناء.
هذه الحملة وصفها مصدر من العقارية بأنّها قاسية بحقّ موظفين يعملون بكدّ وينتظرون تصحيح الأجور ليعيشوا بكرامة من دون الحاجة إلى "إكراميات" فدائرة طرابلس وبيروت الكبرى وصيدا ليس لديهم "كسر بريد" أي أن المعاملات منجزة بكاملها، فيما دوائر أخرى فيها ركود معاملات وتأخير، مشيراً إلى أنّ "الملاحقة يجب أن تطال كبار الموظفين قبل الموظفين الصغار الذين يتلقون إكراميات فقط".
ويضيف أنّه " قد عمل مع ايفلين موسى وهي معروفة بنزاهتها واستقامتها وربما زجّ إسمها في التحقيق لتكون كبش محرقة لأنّه قد تكون هناك أسماء كبيرة متورّطة"، مشيراً إلى أنّ محاربة الفساد تبدو استسابية وحملات التطهير ناقصة ويشوبها الخلل، حيث أنّ "المحافظ نهرا الذي كفّت يده وعليه شبهات فساد كثيرة، محميّ في منتجع البالما من جهاز أمن مؤلّف من 30 عنصر".
تسعيرة موحّدة للمولدّات
وفي طرابلس أيضاً، وفي ما يمكن وصفه باستكمال للحملة على الفساد، استدعت المحافظ بالوكالة ايمان الرافعي أصحاب المولّدات وطالبتهم بالإلتزام التّام بتسعيرات الدولة بما خصّ الاشتراكات، مشيرة إلى أنّ من لا يلتزم بهذا القرار إبتداء من أوّل حزيران سيتعرّض للملاحقة القانونية والقضائية. واكّدت للحاضرين أنّ هذا الملفّ سيكون تحت مراقبة جهاز أمن الدولة. ويتوقّع بعد هذا القرار أن تشهد طرابلس في حال الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة انخفاضاً بتسعيرة مولدات الكهرباء.