متى تُنشئ الدول وزارات للذكاء الاصطناعي؟ الإمارات نموذجاً... ولبنان يحاول فهل ينجح!

متى تُنشئ الدول وزارات للذكاء الاصطناعي؟ الإمارات نموذجاً... ولبنان يحاول فهل ينجح!

image

سلوى بعلبكي- النهار

تعد دولة الإمارات العربية المتحدة الدولة الخليجية الوحيدة التي أنشأت وزارة مستقلة تعنى بالذكاء الاصطناعي، وجاءت في إطار رؤية طموحة لقيادة التحول الرقمي على مستوى العالم العربي، وانعكاس لتوجه الدولة نحو تبني أحدث التقنيات وتطبيقاتها في مختلف القطاعات الحيوية.


 

بيد أن بقية دول الخليج التي لم تنشئ وزارات مستقلة للذكاء الاصطناعي، أولت هذا المجال اهتماماً متزايداً من خلال هياكل ومؤسسات حكومية قائمة. في المملكة العربية السعودية، تتولى الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي، المعروفة باسم سدايا، مسؤولية قيادة الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي، ومرتبطة بمجلس الوزراء. في قطر، يدمج الذكاء الاصطناعي ضمن مهام وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. أما في البحرين، فتقع مسؤوليات الذكاء الاصطناعي ضمن هيئة المعلومات والحكومة الإلكترونية وتحت إشراف وزارة المواصلات والاتصالات. وفي الكويت يتولى الجهاز المركزي لتكنولوجيا المعلومات متابعة السياسات الرقمية، دون وجود كيان متخصص في الذكاء الاصطناعي. في سلطنة عمان، تشرف وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات على مبادرات الذكاء الاصطناعي.

 

ماذا عن لبنان؟ في 13 ايار /مايو الجاري صدر عن المكتب الاعلامي لرئاسة الجمهورية ان الرئيس عون شدد خلال لقائه وزير المهجرين ووزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، على "ضرورة إنشاء الوزارة في أقرب وقت ممكن، لكي تقوم بمهامها وتنفّذ المشاريع المنتظرة منها وفقاً لأفضل المعايير الدولية...". فهل تبصر النور قريباً؟

 

 

شركة G42 الإماراتية تشتري شرائح Nvidia المتطورة
 

 

لا يرى الخبير في إدارة الاتصالات جبران الخوري ضرورة انشاء وزارة للذكاء الاصطناعي في لبنان " كون أفضل المعايير المعتمدة دولياً لا تقوم على إنشاء وزارة متخصصة للذكاء الاصطناعي، فيما الدول  المتقدمة في هذا المجال مثل الولايات المتحدة الأميركية والصين ودول الاتحاد الأوروبي واليابان، لا تخصص وزارات للذكاء الاصطناعي، بل تعتمد على هيئات تنظيمية أو مجالس وطنية. الاستثناء الوحيد هو دولة الامارات، وكندا أخيراً. فكيف للبنان أن يقدم على إنشاء هذه الوزارة؟

 

ويعتبر الخوري ان "التوقيت غير مناسب لإنشاء وزارة كاملة للذكاء الاصطناعي، كون لبنان يفتقر حاليا إلى المقومات الأساسية لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي، ولاسيما كهرباء وإنترنت موثوق بهما، وكادر فني مؤهل، وأنظمة بيانات مترابطة بين الوزارات. فبدون هذه الأسس، قد تصبح وزارة الذكاء الاصطناعي مجرد خطوة رمزية بلا تأثير حقيقي".

 

وفي حين تبرز حجة غياب التمويل أو الدعم الدولي قبل الاصلاحات، يقول خوري "الاصلاحات لا تشمل فقط في انشاء الهيئات الناظمة، بل ان الاصلاحات الحقيقية تبدأ بتقديم مشاريع محددة وشفافة وواضحة الميزانية للانشاء والتجهيز والتشغيل والفترة الزمنية للتنفيذ.  ومجرد طرح إنشاء وزارة لتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي وعرضها على مجلس النواب، قد يؤدي الى نقاش حول التداخل في الصلاحيات مع بقية الوزارات. إذ على الاقل ثمة تداخل في الصلاحيات بين الوزارة التي ستستحدث ووزارتي الدولة للتنمية الادارية والاتصالات. التنمية الادارية كونها الجهة التي تقوم بمشاريع التحول الرقمي، وعادة ما تكون "تكنولوجيا المعلومات" وفقا للمعايير الدولية من ضمن مهام وزارة الاتصالات". 

 

من هنا يعتبر الخوري ان المسار الأكثر واقعية وفعالية "يقوم على إنشاء مشاريع تجريبية مرئية وسريعة التنفيذ مثل الهوية الرقمية، وأنظمة الدفع الرقمي، ومنصات الشفافية الحكومية، والتركيز على أهداف قصيرة المدى قابلة للقياس ضمن جداول زمنية واضحة، بالإضافة الى التعاون مع مؤسسات عربية ودولية لتطبيق استخدامات الذكاء الاصطناعي في الصحة، والتعليم، والإدارة العامة". 

 

وفي ما يشبه خريطة طريق للوصول الى إنشاء وزارة للذكاء الاصطناعي، يعتبر خوري انه "علينا أولا بناء الأنظمة، وتطوير القدرات، وكسب ثقة المجتمع، وتطوير قطاع الاتصالات من خدمة مرفقية تقليدية إلى جزء من منظومة أوسع تشمل البنية التحتية الرقمية والابتكار التكنولوجي، فيصبح الدمج واقعاً بين وزارة الاتصالات والوزارات التي تشرف على التحول الرقمي وتكنولوجيا المعلومات والنقل والبنية التحتية والشؤون الاقتصادية أو الابتكار. بعد ذلك كله، يمكن النظر في تأسيس وزارة تستحق أن تكون واجهة الذكاء الاصطناعي في لبنان، مثل دولة الامارات، تعمل على تطوير ونشر الذكاء الاصطناعي بشكل فعال."

 

يختم الخوري بالقول ان "إنشاء وزارة الذكاء الاصطناعي في لبنان يجب ان يكون نتيجة لتقدم رقمي حقيقي، لا نقطة انطلاق".