"البادل" "تراند" واللاعبون بين الشغف والألم...
الإصابات تتزايد والعلاج الفيزيائي يتدخل!
شانتال عاصي - "الديار"
بالتزامن مع الشعبية المتزايدة التي تشهدها رياضة البادل في لبنان، والتي باتت تستقطب مختلف الفئات العمرية، وتحتل المراتب الأولى بين الرياضات الترفيهية والاجتماعية، يبرز تحدٍّ مهم يغفل عنه كثيرون: "الإصابات التي قد تنتج عن ممارسة هذه الرياضة، في حال عدم الالتزام بالإجراءات الوقائية الأساسية". فعلى الرغم من طابعها الممتع والمحبّب، تُعدّ البادل رياضة تتطلب مجهودًا بدنيًا عاليًا، وحركات متكررة وسريعة قد تؤدي إلى إصابات خطيرة، خصوصًا إذا تمّ تجاهل أهمية الإحماء، استخدام المعدات الملائمة، أو تطوير التقنية المناسبة للعب.
في هذا السياق، تحدث المعالج الفيزيائي الدكتور وائل الخوري حنّا عن أبرز أنواع الإصابات المرتبطة برياضة البادل، ودور العلاج الفيزيائي في الوقاية منها ومعالجتها.
أبرز الإصابات الشائعة
ومناطق الجسم الأكثر تأثّراً
يؤكد الدكتور حنا أن أكثر الإصابات شيوعًا لدى ممارسي البادل، هي التهاب اللقيمة أو ما يُعرف بمرفق التنس (Tennis Elbow)، الناتج عن الضغط المتكرر على عضلات الساعد. هذا النوع من الإصابات يتسبب بآلام حادّة في الكوع، ويؤثر سلبًا على قدرة اللاعب في الإمساك بالمضرب. كذلك، يُعتبر التواء الكاحل من الإصابات المتكررة، خاصة بسبب التوقفات السريعة أو التحركات غير المتوقعة أثناء اللعب، ويصحبه عادة تورّم وصعوبة في المشي.
اضاف : من بين الإصابات الشائعة أيضًا، تمزّق عضلات ربلة الساق نتيجة القفز والجري المتكرر، ما يسبب ألمًا شديدًا يستلزم راحة طويلة. كما يُعاني بعض اللاعبين من آلام أسفل الظهر، الناتجة عن الوضعية المنحنية أو الحركات الملتوية التي تتكرر أثناء المباراة. ولا يمكن إغفال التهاب وتر العرقوب (Achilles Tendonitis)، الذي ينتج عن الإجهاد المتكرر لهذا الوتر الحيوي خلال الجري، بالإضافة إلى إصابات الكتف مثل التهاب الكفة المدورة أو تمزق الشفا، وهي شائعة لدى اللاعبين الذين يعتمدون على التسديدات العلوية. أما إصابات الركبة، فقد تتراوح بين التهاب الجراب إلى تمزقات داخلية نتيجة التغييرات السريعة في الاتجاه.
وبحسب المعالج الفيزيائي، فإن المناطق الأكثر عرضة للإصابة أثناء لعب البادل تشمل: الكتف، الكوع، الكاحل، الركبة، أسفل الظهر، عضلات الساق ووتر العرقوب، ما يفرض وعيًا أكبر عند كل لاعب بشأن كيفية حماية هذه المناطق الحساسة.
الفروقات بين المحترفين والهواة... وأسباب الإصابات
ويشرح المعالج الفيزيائي أن الفرق بين إصابات المحترفين والهواة، يكمن في طبيعة الجهد المبذول. فالمحترفون غالبًا ما يعانون من إصابات ناتجة عن الحمل الزائد، كالتهاب الأوتار المزمن، نتيجة كثافة التدريب وتكرار المباريات، ما قد يؤدي إلى تمزقات عضلية بسبب الشدة العالية. بالمقابل، فإن الهواة يتعرضون للإصابات نتيجة ضعف في التقنية أو استخدام معدات غير مناسبة مثل الأحذية أو المضرب.
ويشير إلى أن الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى إصابات البادل متعددة، أبرزها اعتماد تقنيات غير صحيحة أو مجهدة، إهمال تمارين الإحماء والتمدد، ضعف اللياقة البدنية، وعدم تقوية العضلات الداعمة للمفاصل. كما أن الإجهاد المتكرر على الأوتار والعضلات، بالإضافة إلى ارتداء معدات غير ملائمة، يُعدّ من العوامل المسببة لإصابات قد تتفاقم مع الوقت في حال عدم معالجتها.
أهمية العلاج الفيزيائي ونصائح للوقاية
يلعب العلاج الفيزيائي دورًا جوهريًا ليس فقط في علاج الإصابات، بل أيضًا في الوقاية منها. فبحسب المعالج الفيزيائي، يمكن عبر جلسات العلاج الفيزيائي تقوية العضلات الأساسية، تحسين مرونة الأوتار، معالجة الالتهابات، وتعديل وضعية الجسم وتقنيات الحركة، لتصبح أكثر أمانًا وكفاءة. كما يمكن للمعالج الفيزيائي تصميم برامج تدريبية خاصة، تهدف إلى تقليل الضغط على المفاصل وتقوية العضلات التي تحميها، مع التركيز على تمارين الإطالة خصوصًا لمنطقة الكتف، الكاحل، وعضلات الساق.
ولتفادي الإصابات، يوصي الدكتور حنا كل لاعب بضرورة الالتزام الدقيق بتمارين الإحماء قبل اللعب وتمارين التمدد بعده، مع ضرورة استخدام معدات مناسبة وذات جودة. كما يشدد على أهمية تقوية العضلات الأساسية، تجنب الحركات العنيفة أو المفاجئة، والحفاظ على مستوى جيد من اللياقة البدنية. وفي حال الشعور بأي ألم مستمر، يجب مراجعة أخصائي العلاج الفيزيائي فورًا وعدم تجاهل الإشارات التحذيرية التي يطلقها الجسم.
وعند الحديث عن تمارين الإحماء والتمدد تحديدًا، يلفت إلى أنها تساهم في الحدّ من خطر التمزقات والتواءات المفاصل، كما تعزز من مرونة الأوتار وتحضّر الجسم للجهد البدني السريع والمتكرر الذي تتطلبه لعبة البادل، مما ينعكس إيجابيًا على الأداء ويقلل من الشعور بالتعب.
أما بالنسبة لمدة التعافي من الإصابات، يقول : تختلف باختلاف نوع الإصابة وحدّتها. فالتواء الكاحل قد يحتاج إلى أسبوعين أو أكثر بحسب شدّته، فيما قد يتطلب التهاب مرفق التنس أشهرًا من العلاج. أما التمزق العضلي البسيط، فقد يُشفى في غضون 3 إلى 6 أسابيع، في حين أن الإصابات الحادة كتمزق الأوتار أو إصابات الكتف قد تحتاج إلى علاج فيزيائي يمتد لعدة أشهر.
رسالة توعوية
ويوجّه رسالة لهواة رياضة البادل في لبنان، داعيًا إياهم إلى ممارستها بوعي صحي ومسؤولية. ويشدد على ضرورة إعطاء الأولوية للإحماء، استخدام معدات مناسبة، الحفاظ على اللياقة البدنية، وتطوير التقنيات تدريجيًا. كما يحثهم على عدم تجاهل أي ألم أو شعور غير طبيعي، بل التوجه مباشرة إلى أخصائي العلاج الفيزيائي لتقييم الحالة واتخاذ الخطوات العلاجية اللازمة.
ويختم الدكتور حنّا "استمتعوا بهذه الرياضة الجميلة، لكن لا تنسوا أن الوقاية والوعي هما مفتاح الاستمرارية والصحة الطويلة الأمد".