ميليشيات إيران بالعراق تلجأ إلى "فيزا" ‏و"ماستركارد" لتأمين الدولار

ميليشيات إيران بالعراق تلجأ إلى "فيزا" ‏و"ماستركارد" لتأمين الدولار

image

 ميليشيات إيران بالعراق تلجأ إلى "فيزا" ‏و"ماستركارد" لتأمين الدولار
‏"وول ستريت جورنال": شركات الدفع الأميركية أسهمت في تنشيط هذه السوق


قبل بضع سنوات فقط، كان العراق سوقاً ثانوية لشركتَي فيزا وماستركارد، حيث لم تتجاوز المعاملات العابرة للحدود 50 مليون دولار شهرياً في أوائل عام 2023. ثم فجأة انفجرت هذه المعاملات لتصل إلى نحو 1.5 مليار دولار في نيسان من العام نفسه، أي بزيادة تقارب 2900% بين عشية وضحاها.

‎ما الذي تغيّر؟ وفقاً لمسؤولين أميركيين وعراقيين ووثائق اطّلعت عليها صحيفة وول ستريت جورنال، اكتشفت الميليشيات العراقية طريقة لاستخراج الدولارات على نطاق صناعي من شبكات الدفع الخاصة بفيزا وماستركارد لصالحها ولصالح حلفائها في إيران.

‎جاء التحوّل نحو البطاقات بعد أن أغلقت وزارة الخزانة الأميركية وبنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك أواخر عام 2022 ثغرة ضخمة كانت تُستخدم للاحتيال – وهي تحويلات مالية دولية عبر مصارف عراقية لا تطبّق إجراءات مكافحة غسل الأموال. الثغرات في هذا النظام، الذي أنشأته الولايات المتحدة خلال احتلالها للعراق، سمحت لإيران والميليشيات المدعومة منها بالوصول إلى مليارات الدولارات على مدى أكثر من عقد من الزمن.

‎وبعدما أغلقت الولايات المتحدة هذا المنفذ، سارعت الميليشيات إلى إيجاد طرق جديدة للاستفادة من نظام البطاقات.

‎شركات الدفع الأميركية أسهمت في تنشيط هذه السوق من خلال توقيع شراكات مع جهات عراقية لإصدار بطاقات نقدية وبطاقات خصم تحمل علامات فيزا وماستركارد، وقدمت حوافز مالية لزيادة حجم المعاملات. تُظهر الوثائق أن بعض هذه الجهات العراقية كانت على صلة بميليشيات وتفتقر إلى ضوابط فعالة لمكافحة الاحتيال في بلد معروف بتفشي الفساد.
‎ورغم إبلاغ وزارة الخزانة الشركتين بتورط جماعات مسلّحة، استغرق الأمر عدة أشهر قبل أن تخفضا المعاملات بشكل ملحوظ – التي، رغم تراجعها من الذروة، ظلّت تتراوح بين 400 مليون إلى 1.1 مليار دولار شهرياً حتى أوائل هذا العام. في محاولة للسيطرة على المدفوعات عبر البطاقات، حدّد البنك المركزي العراقي سقفاً شهرياً قدره 300 مليون دولار، وفقاً لمطلعين على الموضوع.

‎يمتلك العراق سعري صرف للدولار: رسمي وآخر غير رسمي أعلى. ما يعني أن شخصاً ما يمكنه شراء بطاقات نقدية أو بطاقات خصم مسبقة الدفع في العراق، وسحب الأموال كدولارات في دول أخرى بالشرق الأوسط وفق السعر الرسمي، ثم إعادة الأموال إلى العراق وتحويلها إلى الدينار بالسعر غير الرسمي، ما يولّد أرباحاً تصل إلى 21%.

‎وكانت النتيجة نشاطاً اقتصادياً مزدهراً لصالح ميليشيات العراق النافذة، التي نشأت بدعم إيراني قبل أكثر من عقدين وما زالت خاضعة لعقوبات أميركية بسبب هجماتها على القوات الأميركية في العراق وسوريا. واستفادت فيزا وماستركارد من خلال فرض رسوم تراوح بين 1% و1.4% على المعاملات العابرة للحدود – أو أكثر في بعض الأسواق العالية المخاطر.

‎يُقدّر أن حاملي البطاقات العراقيين المشاركين في هذا المخطط حققوا أرباحاً بنحو 450 مليون دولار في عام 2023 وحده، بينما يُقدّر أن شبكتي البطاقات الأجنبيتين جمعتا معاً نحو 120 مليون دولار، بحسب أحد المطلعين. وتشير التقديرات إلى أن العائدات زادت في عام 2024 بعد ارتفاع المعاملات بنحو 60%.

إجراءات هامة
بدورهم، قال مسؤولون أميركيون وعراقيون إن التحذيرات الموجهة إلى ‏شركتي فيزا وماستركارد بشأن دور الميليشيات في الارتفاع الحاد في ‏مدفوعات النقد وبطاقات الخصم لم تُؤخذ في الاعتبار على مدار أشهر.‏

وأضاف المسؤولون الأميركيون والعراقيون أن مسؤولي بنك الاحتياطي ‏الفيدرالي في نيويورك ووزارة الخزانة بدأوا بمطالبة فيزا ‏وماستركارد بتفسير ارتفاع المعاملات في أيار/مايو 2023.‏
وعقدوا اجتماعات منتظمة حول السوق العراقية، شارك فيها أيضاً ‏مسؤولون من البنك المركزي العراقي في عام 2024 ومطلع هذا العام. ‏وبدأت شركات البطاقات باتخاذ إجراءات هامة في آذار/مارس.‏


ولم تكن شركات إصدار البطاقات العراقية التي دخلت في شراكة مع فيزا ‏وماستركارد خاضعة لعقوبات، ولا توجد أي مزاعم علنية بانتهاك فيزا أو ‏ماستركارد لأي عقوبات.‏