واشنطن تريد شطب "سايكس- بيكو"... وفرض "خارطة حدود ديبلوماسيّة" في المنطقة!!

واشنطن تريد شطب "سايكس- بيكو"... وفرض "خارطة حدود ديبلوماسيّة" في المنطقة!!

image


واشنطن تريد شطب "سايكس- بيكو"... وفرض "خارطة حدود ديبلوماسيّة" في المنطقة!!
حلّ جميع المشاكل الحدودية بما فيها مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من الغجر


 
دوللي بشعلاني- الديار
مع الإهتمام الأميركي السريع لتحسين الوضع العام في سوريا، بعد قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب برفع العقوبات الإقتصادية المعروفة بـ "قانون قيصر" عنها، يُتوقّع أن تكون الخطوة التالية "ترسيم الحدود البريّة" بين لبنان وسوريا و"إسرائيل"، لجعل المنطقة أكثر استقراراً وسلاماً. ولكن كيف سيحصل هذا الترسيم، في الوقت الذي يخشى فيه البعض في الداخل اللبناني من الكلام الأخير- "حمّال الأوجه" - الذي أطلقه سفير الولايات المتحدة الأميركية لدى تركيا والمبعوث الأميركي الخاص الى سوريا طوم باراك؟! فقد أكّد أنّ "عصر اتفاقية سايكس- بيكو قد انتهى، كما عصر التدخّل الغربي"... فمن سيُعيد إذاً رسم الخارطة الجديدة للشرق الأوسط، وعلى أي أسس، إذا لم تتمّ العودة الى الخرائط والوثائق واتفاقيات الحدود القديمة المتفق عليها؟ وفي حال قامت الديبلوماسية "المحلية" برسم هذه الخارطة، وفق اعتباراتها الخاصّة، ألا يؤدّي مثل هذا الأمر الى خسارة لبنان جزءاً من أراضيه، بعد أن سبق وخسر القرى السبع التي ضمّتها "إسرائيل" عن غير وجه حقّ اليها؟!

تقول مصادر سياسية مطّلعة بأنّ ما قاله باراك منذ أيّام، بعد أن رفع علم بلاده في مقرّ إقامة السفير الأميركي في دمشق، بعد إغلاق السفارة الأميركية فيها مع اندلاع الأزمة السورية في العام 2011، يؤكّد على ما يجري رسمه دولياً للمنطقة، وإن تحدّث عن "انتهاء عصر التدخّل الغربي". فقد قال باراك إنّ "الغرب فرض قبل قرن من الزمن خرائط وانتدابات وحدوداً مرسومة وحُكماً أجنبياً. وقسّمت إتفاقية "سايكس- بيكو" سوريا والمنطقة الأوسع، ليس من أجل السلام، إنمّا من أجل المكاسب الإمبريالية. وقد كلّف هذا الخطأ أجيالاً عديدة. لن نُكرّر هذا الخطأ مرة أخرى. انتهى عصر التدخّل الغربي، المستقبل هو للديبلوماسية التي تقوم على الحلول الإقليمية والشراكات والإحترام".

كلام باراك يعني، بحسب المصادر، بأنّ واشنطن تصرّ على ما سبق وأن طالبت به لبنان من إنشاء لجان مدنية أو ديبلوماسية وليس عسكرية، وهي تملك الوثائق والخرائط القديمة التي تقوم عليها الحدود بين لبنان ودول المنطقة، للإتفاق على ثلاثة عناوين هي: الإنسحاب "الإسرائيلي" من التلال الخمس، وحلّ النقاط الـ 13 المتنازع عليها، وإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين.

وثمّة من يخشى أن يكون كلام باراك مقدّمة لما تنويه واشنطن في المنطقة. فهل ستُقدّم الديبلوماسية الدولية (أو الأميركية – "الإسرائيلية") خارطة جديدة للمنطقة، وتفرضها على الدول المعنية لا سيما على لبنان، كونه الحلقة الأضعف اليوم، بدلاً من الذهاب الى مفاوضات ترسيم الحدود البريّة بطريقة غير مباشرة مع "إسرائيل"، على ما نصّت عليه الإتفاقيات والقرارات الدولية، وذلك خلافاً لما حصل خلال توقيع اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الجانبين بوساطة آموس هوكشتاين في 27 تشرين الأول 2022؟!

يُصرّ لبنان الرسمي اليوم، في حال بدء مفاوضات ترسيم الحدود البريّة بينه وبين "إسرائيل"، على ما كان يُنتظر، بالإنطلاق منها من اتفاقية "بوليه- نيو كومب" التي تعود الى العام 1923، والتي جرى تثبيت حدودها في اتفاقية الهدنة في العام 1949، على ما أشارت المصادر، لكي يُحصّل لبنان كامل حقوقه في حدوده البريّة والنهائية. كما يُطالب بضرورة أن تضمّ لجنة

الترسيم عسكريين وخبراء وتقنيين، الى جانب المدنيين، بهدف حلّ جميع المشاكل الحدودية بما فيها مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والجزء الشمالي من بلدة الغجر التي ينصّ عليها

القرار 1701.

ويبدو أنّ الجديد في مسألة ترسيم الحدود البريّة، على ما تلفت المصادر السياسية، هو أنّ واشنطن تريد أن تشمل المفاوضات سوريا أيضاً، أي أن يُصار الى التوافق على رسم الخريطة الجديدة ديبلوماسياً بين لبنان وسوريا و"إسرائيل"، لا سيما وأنّ هذه الأخيرة تحتلّ اليوم المزارع التي تدّعي واشنطن أنّها سوريا، كما الجولان. كما ستسعى الى تسريع هذا الأمر الذي من شأنه إعادة الأمن والاستقرار الى المنطقة، الأمر الذي يريده ترامب ويرفضه رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو. غير أنّه من الصعب قبول لبنان بما تريد واشنطن فرضه عليه، وأن يتخلّى بالتالي عن الورقة الرابحة بيده، وهي الإتفاقيات والخرائط القديمة المودعة لدى الأمم المتحدة، والتي يبدو أنّ واشنطن وعلى لسان باراك، تريد شطبها بواسطة الكلام الشفهي.

ولهذا تتوقّع المصادر أن تقوم واشنطن ببعض الإجراءات لطمأنة لبنان، مثل الضغط على "إسرائيل" لتنفيذ الإنسحاب من التلال الخمس كخطوة أولى، خلافاً لما يُقال حالياً بأنّها تربط هذا الإنسحاب بنزع سلاح حزب الله من جنوب وشمالي الليطاني، وحتى من البلد ككلّ. وأوضحت المصادر هنا، أنّ واشنطن كانت قد وافقت حتى الساعة على احتلال "القوّات الإسرائيلية" للتلال الحدودية وبقائها فيها، ليس لتأمين أمن المستوطنات، على ما ادّعت "إسرائيل"، وليس لمراقبة جنوب لبنان ومنع إعادة تسلّح حزب الله وما الى ذلك، إذ يُمكن للأقمار الصناعية والطائرات من دون طيّار والميركافا وسواها القيام بمثل هذه المهام، سيما وأنّها تُحلّق في الأجواء اللبنانية متى تشاء، وتخرق السيادة فضلاً عن اتفاق وقف إطلاق النار (الذي لا ينصّ على حرية تحرّكها في لبنان) والقرار 1701 اللذين يُطالبانها بوقف الأعمال العدائية والإنسحاب من الأراضي اللبنانية. أمّا الهدف الكامن وراء موافقة ترامب على بقاء "إسرائيل" في المواقع الحدودية، فيكتسي بُعداً استراتيجياً، إذ كان ينوي استخدامها كمراكز للإنذار المُبكر، في حال اضطرّ الى ضرب المنشآت النووية الإيرانية من "إسرائيل".

أمّا اليوم، على ما أضافت المصادر، في الوقت الذي يسير فيه ترامب بخطوات متقدّمة نحو إنجاح اتفاق بلاده النووي مع إيران، فهو يريد تمهيد الطريق أمام توقيع هذا الإتفاق. ولهذا يدرس بالتالي إمكانية إزالة العقبات التي تحول دون ذلك، ومن بينها التهديد "الإسرائيلي" المستمر للبنان، من خلال عدم تنفيذ الإنسحاب من المواقع الحدودية والأراضي اللبنانية. من هنا، فإنّ أي محادثات بين المبعوثين الأميركيين الى لبنان والمنطقة، لبدء مفاوضات ترسيم الحدود البريّة بين لبنان و"إسرائيل"، ستشمل في مرحلة أولى تلبية طلب لبنان في ما يتعلّق بالإنسحاب "الإسرائيلي" من التلال الخمس الحدودية، ليُصار بعد ذلك الى التفاوض حول النقاط الـ 13 المتنازع عليها، وحلّ مسألة مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء الشمالي من بلدة الغجر، وفق الرؤية الأميركية الجديدة.