الجيش يقرر وفق الظروف المتاحة للحفاظ على أمن لبنان

الجيش يقرر وفق الظروف المتاحة للحفاظ على أمن لبنان

image

الجيش يقرر وفق الظروف المتاحة للحفاظ على أمن لبنان
أصدر بياناً غير مسبوق هدد فيه بتجميد التعاون مع لجنة الإشراف 



عباس صباغ -"النهار"

لم يسبق منذ الإعلان عن وقف النار في 27 تشرين الثاني/نوفمبر الفائت، أن أصدر الجيش اللبناني بياناً هدد فيه بتجميد التعاون مع لجنة الإشراف على تنفيذ اتفاق وقف اطلاق النار (الميكانيسم)، فالجيش يقوم بما يضمن الحفاظ على أمن لبنان وفق الظروف المتاحة، وقد فتش بعض المباني في الضاحية الجنوبية لبيروت على الرغم من استمرار الغارات التحذيرية الإسرائيلية مساء الخامس من حزيران/يونيو الحالي.

ولم يسبق أن وجد الجيش نفسه ضمن معادلة تفرضها الوقائع الميدانية، على الرغم من البنود الصريحة في اتفاق وقف النار والتي تدعو تل أبيب إلى الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية وعودة الجنوبيين إلى قراهم الحدودية، وعدم الاعتداء على لبنان بما يسهل مهمة الجيش في الانتشار حتى الحدود اللبنانية وتنفيذ بنود الاتفاق "بما في ذلك تفكيك المواقع والبنية الأساسية غير المصرح بها ومصادرة الأسلحة غير المصرح بها (...)"، بحسب ما جاء في الاتفاق.

لكن العدوان الأخير على الضاحية الجنوبية عشية الذكرى الـ43 للاجتياح الإسرائيلي للبنان، رسم الكثير من علامات الاستفهام حول التفسير الإسرائيلي للاتفاق، وسط غياب كامل للجنة الإشراف التي ترأسها الولايات المتحدة الأميركية والتي لم تعقد سوى اجتماعين على الرغم من استمرار احتلال أراض لبنانية واستمرار الانتهاكات الإسرائيلية.

وسط كل ذلك، أصدر الجيش بياناً غير مسبوق هدد فيه بتجميد التعاون مع لجنة الإشراف على الاتفاق، وخصوصاً أن دوريات منه توجهت إلى الأماكن التي هددت تل أبيب باستهدافها في الضاحية وكشفت على بعضها على الرغم من استمرار الغارات التحذيرية عليها بهدف منع الجيش من دحض المزاعم الإسرائيلية في شأن منشآت عسكرية في تلك المباني.

وبعد أقل من 48 ساعة، نقلت لجنة الإشراف تهديداً جديداً في شأن مبان مدمرة في الضاحية، مشيرة إلى أن فيها منشآت عسكرية. وصل الطلب إلى الجيش بعد ظهر الأحد، وتريث في التعامل معه إلى أن بات أمام أحد خيارين: الكشف على الموقع أو ترك الضاحية تحت العدوان مجدداً. 

اختار الجيش المصلحة الوطنية والكشف على المواقع التي تحددتها لجنة الإشراف، على الرغم من تداعيات ذلك الخيار وتفسيره وكأن الجيش بات ينفذ طلبات ولا يناقش فيها.

وفي مقابل عشرات الطلبات التي تلقاها في شأن مواقع تزعم تل أبيب أن فيها نشاطا عسكريا، لم تقم لجنة الإشراف بأي خطوة لمنع الاعتداءات الإسرائيلية، ما يرسي واقعاً غير متعارف عليه في لبنان ولا أحد يعلم المدى الزمني لاستمراره.

يفرض ذلك الواقع أنماطاً من التعامل معه تجعل لبنان في مرمى الابتزاز الإسرائيلي ومسرحاً للاعتداءات في جغرافيا لبنانية مفتوحة، ما دامت الاتصالات التي يقوم بها لبنان الرسمي لا تؤتي أكلها في ظل الدعم الخارجي الذي يوفر لتل أبيب كل الغطاء لاعتداءاتها.

كل ذلك يُعطف على انقسام داخلي بين موقف رسمي رافض لتلك الاعتداءات وتبريرات تعطيها بعض القوى السياسية لاستمرار سفك دماء اللبنانيين.