سلام في مؤتمر اعادة بناء لبنان:"أنجزنا تقدمًا حقيقيًّا لإعادة حقوق المودعين "

سلام في مؤتمر اعادة بناء لبنان:"أنجزنا تقدمًا حقيقيًّا لإعادة حقوق المودعين "

image

سلام في مؤتمر اعادة بناء لبنان:"أنجزنا تقدمًا حقيقيًّا لإعادة حقوق المودعين "

نعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وحصلنا على تمويل لبرنامج "أمان"

أكد رئيس الحكومة نواف سلام أنّ "انهيار القطاع المالي في لبنان هو نتيجة الحوكمة السيئة والإفلات من العقاب والبلد يواجه تحديات كبرى".

وقال سلام في مؤتمر "إعادة بناء لبنان: إطار الاستثمار وفرص الأعمال"، فب السرايا الحكومية، إنّ "الهجمات الإسرائيلية دمرّت البنى التحتيّة وأثّرت على حياة اللبنانيين والشعب صمد بثبات وإصرار كما صمدت الشركات والمؤسسات رغم الانهيار"

أضاف: "حان الوقت لبناء الدولة الذي هو من أولى مهمّات حكومتي، وأعمدة رؤيتها هي استعادة السيادة وضمان الأمن والاستقرار على كل مساحة الأراضي اللبنانية".
وحول الوضع الأمني في جنوب لبنان، أكد سلام أنّه "على الدولة أن يكون لديها السيطرة الكاملة على كل القوات المسلّحة وتحقيق السلام وتطبيق القرارات الدولية بما فيها القرار 1701".

وقال: "نزعنا السلاح من أكثر من 500 مخزن في الجنوب، وعزّزنا الأمن في مطار بيروت"، مشيراً إلى أنّه نعمل مع القنوات الدبلوماسية لتوقف إسرائيل هجماتها على لبنان وتنسحب من النقاط الـ5".

وتابع قائلاً: "إنّ استعادة سيادة بلدنا أمر أساسي لبناء الثقة مع المجتمع الدولي وتشجيع المستثمرين للعودة إلى لبنان"، مؤكداً أنّ "القضاء المستقلّ هو حجر الزاوية ليكون بلدنا مركزاً للتحكيم الدولي وإعادة رسم دوره في حلّ النزاعات".
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة من "مؤتمر إعادة إعمار لبنان"، أنّه "نعمل مع الأسرة الدولية لضمان العودة الآمنة للاجئين السوريين، كما نعمل على وضع قانون منصف لتحقيق العادلة للمودعين وإعادة الثقة بالنظام المصرفي".

وقال: "أنجزنا تقدمًا حقيقيًّا لإعادة حقوق المودعين وقد أدخلنا معايير شفافة في التعيينات".

ولفت سلام إلى أنّ الحكومة تعمل على "إعادة إرساء السيطرة والمراقبة في كل القطاعات وخاصة مطار بيروت وقريباً مطار القليعات في غضون عام".

وتابع:"نعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية وحصلنا على تمويل لبرنامج "أمان" وعلى قرض لاعادة الاعمار من البنك الدولي ويبقى الكثير للقيام به وأمام التحديات ننظم مؤتمرين دوليين في الأشهر المقبلة".

وفي ما يلي نص الكلمة:

كلمة رئيس مجلس الوزراء نواف سلام في مؤتمر إعادة بناء لبنان: أطر الاستثمار، آفاق الأعمال، حل النزاعات

يسرّني أن أخاطبكم اليوم في هذا المؤتمر الدولي المرموق، الذي ينظّمه المعهد المعتمد للمحكّمين (Chartered Institute of Arbitrators). إن جمع هذا المنتدى نخبةً من الأصوات الرائدة من مجالات الحكومة والأعمال والأوساط الأكاديمية والقانون، يُجسّد بأفضل صورة كيف يمكن للقطاعين العام والخاص أن يتكاتفا في خدمة الأولويات الأكثر إلحاحاً التي يواجهها لبنان اليوم: إعادة بناء المؤسّسات والبُنى التحتية، إنعاش الاقتصاد، وإطلاق كامل إمكانات الشعب اللبناني. كما يُعدّ هذا المؤتمر دليلاً حيًّا على نهضة بيروت المستمرّة، وتجديد دور لبنان كمركز نابض يلتقي فيه تنوّع الآراء، وتتشكّل الأفكار، ويُبنى المستقبل".
اضاف:"نجتمع اليوم في لحظةٍ مفصلية لوطننا. يواجه لبنان تحديات عميقة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. فقد أدّت سنواتٌ من الفساد، والمحسوبيات، والطائفية، وسوء الإدارة الفادح، إلى إنهاك المجتمع اللبناني وإضعاف بنيته. لقد أدّى شبه الانهيار الكامل في القطاعين المالي والمصرفي في لبنان إلى نتائج كارثية، سببها الحوكمة المالية السيئة، والسياسات النقدية الخاطئة، وقبل كل شيء، ثقافة الإفلات من العقاب. فمنذ عام 2019، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 98% من قيمتها، وانكمش الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 60%، في حين تُحتجز أكثر من 80 مليار دولار من ودائع المودعين في النظام المصرفي، مع فرض قيود صارمة على عمليات السحب والتحويل".
تابع سلام:"وقد تسبّبت البطالة والفقر واليأس المنتشر في استنزاف رأس المال البشري الحيوي للبنان، وأجبرت العديد من اللبنانيين، وخاصة من الشباب المتعلّم والمهنيين، على الهجرة بحثاً عن الاستقرار والفرص في الخارج.
وفي أغسطس من العام 2020، بلغ هذا الخلل المؤسّسي المزمن ذروته في واحدةٍ من أحلك اللحظات التي شهدها لبنان: انفجار مرفأ بيروت. هذا الانفجار المدمّر أودى بحياة أكثر من مئتي شخص، وأصاب الآلاف، ودمّر أجزاءً واسعة من العاصمة، ليُصبح رمزًا صارخاً للحاجة العاجلة إلى المساءلة، والعدالة، والإصلاح، والحوكمة الفعّالة.
ومما زاد في تعقيد الأزمة الإنسانية والاقتصادية في لبنان، أن الحرب الأخيرة التي شنّتها إسرائيل قد أدّت إلى تهجير مجتمعات بأكملها، وتدمير سُبل العيش، وإلحاق أضرار جسيمة بالبُنى التحتية الحيوية. وتشير التقديرات الأخيرة، بما في ذلك تلك الصادرة عن البنك الدولي، إلى أن تكاليف إعادة الإعمار قد تتجاوز 14 مليار دولار، مما يُضيف مزيداً من الأعباء على كاهل دولة هشّة أساساً".
واردف:"مع ذلك، فإن ما لا يقلّ أهميةً هو ما أظهره الشعب اللبناني من صمود استثنائي في مواجهة الأزمات المتكرّرة. بفضل الشجاعة والعزيمة، تحمّلت العائلات أقسى أنواع المعاناة، وتمكّنت العديد من الشركات من إيجاد سُبل للبقاء رغم الانهيار الاقتصادي. إن هذا الصمود يُشكّل شهادةً قويّة على روح اللبنانيين القوية وقدرتهم الريادية.
لكن لا يمكن للدولة الاستمرار في الاتكال على هذا النوع من الصمود الفردي وحده. إذ لا يمكن للبراعة الفردية والتصميم الشخصي أن يحلّ محل مسؤوليات الدولة الفاعلة. ولا يمكن لأي مجتمع أن يبني مستقبله إلى الأبد على قوّة شعبه لتعويض إخفاقات المؤسّسات وشلل النظام السياسي".
وراى سلام "لقد حان الوقت للبنان للانتقال من البقاء القائم على الصمود الفردي إلى التقدّم القائم على القوّة الجماعية — من خلال بناء دولة مُقاومة ترتكز إلى سيادة القانون، ومؤسّسات حديثة، وسياسات اقتصادية مستدامة، واحترام كامل للسيادة الوطنية. إن بناء هذه الدولة المُقاومة هو المهمة الجوهرية لحكومتي. فبينما شُكّل لبنان 1.0 من طموحات ما بعد الاستقلال، وشُكّل لبنان 2.0 من جهود إعادة الإعمار عقب الحرب الأهلية، يجب أن يُبنى لبنان 3.0 على أساس إطارٍ مستقر ودائم يُعزز ثقة المواطنين والمستثمرين، ويُمكّن جميع اللبنانيين من العيش بكرامة وأمان، ويُكرّس قوّة تنوّعهم، ويتيح لهم السعي إلى فرص اقتصادية واعدة.
وأفخر بالقول إن حكومتنا الجديدة تعمل بكل جدية — رغم كل الصعوبات — لتحويل رؤية لبنان 3.0 إلى واقع ملموس. لقد أحرزنا بالفعل تقدّماً ملموساً في وضع أسس هذا العصر الجديد، والتحوّل لا يزال في بداياته".
وعن حكومته قال سلام:" تتمثّل المهمة الأساسية لحكومتي في استعادة سيادة الدولة على كامل الأراضي اللبنانية، وإطلاق الإصلاحات الإدارية والاقتصادية والقضائية الضرورية. والمحاور الثمانية لرؤية حكومتي للبنان الجديد، هي؛

1. استعادة سيادة لبنان وضمان الأمن والاستقرار في كافة أراضيه.
لقد جاء في البيان الوزاري لحكومتي بشكل واضح لا لبس فيه:
1) يجب أن تحتكر الدولة وحدها السلاح في لبنان؛
2) الدولة وحدها هي المخوّلة اتخاذ قرارات السلم والحرب؛
3) يلتزم لبنان بجميع القرارات الدولية، بما في ذلك قرار مجلس الأمن 1701، وتنفيذ تفاهم وقف الأعمال العدائية الصادر في تشرين الثاني 2024.
وعليه، اتّخذنا، ونواصل اتخاذ، إجراءات ملموسة لترجمة هذه المبادئ إلى واقع على الأرض. فقد فكّكنا أكثر من 500 موقع عسكري ومستودع أسلحة جنوب نهر الليطاني. كما أجرينا تحسينات كبيرة على الصعيدين الإداري والأمني في مطار بيروت الدولي وطريق المطار — بما في ذلك مكافحة التهريب وتوقيف الأفراد الذين هاجموا قوات اليونيفيل على طريق المطار. أنشأنا أيضًا لجانًا مشتركة مع السلطات السورية لضبط الحدود، ومكافحة التهريب، والتحضير لترسيم الحدود. كذلك نعمل مع المجتمع الدولي والسلطات السورية لضمان عودة آمنة وكريمة للاجئين السوريين.
وفي الوقت ذاته، نكثّف جهودنا عبر القنوات الدبلوماسية لإلزام إسرائيل بوقف هجماتها واعتداءاتها المتواصلة على شعبنا، واستكمال انسحابها الكامل من الأراضي اللبنانية، بما في ذلك خمس نقاط لا تزال تحتلها بشكل غير قانوني، في انتهاك صريح لالتزاماتها وللقانون الدولي.
وشدد سلام عل "إن استعادة السيادة الكاملة لوطننا أمر بالغ الأهمية، فهي تضمن أن يعيش كل لبناني بأمان، في ظل سلطة واحدة، وبثقة كاملة بالدولة. كما أنّها ضرورية لاستعادة ثقة المجتمع الدولي، وتشجيع المستثمرين والزوار على العودة إلى لبنان. بعبارة بسيطة: لبنان المستقر والآمن وذو السيادة يُشكّل الإطار السياسي اللازم للاستثمار المستدام ولفتح آفاق اقتصادية جديدة.
2. تعزيز استقلالية القضاء. لقد أقرّينا مشروع قانون استقلالية القضاء في مجلس الوزراء — وهو إنجاز بالغ الأهمية في مسار إعادة بناء المساءلة، وتهيئة بيئة مواتية للاستثمار والنمو الاقتصادي. كما يُعدّ هذا القانون ركيزة أساسية لحماية الحقوق والحريات، وللتصدي للفساد. إنّ استقلال القضاء هو كذلك حجر الأساس في ترسيخ مكانة بيروت كمركز دولي للتحكيم — وهو موضوع ستتناولونه اليوم في هذا المؤتمر. فرغم أن التحكيم هو عملية خاصة يقودها الأطراف، إلا أنّه لا يمكن أن يكون أكثر فاعلية من النظام القضائي الذي يُشرف عليه. تلعب محاكم الدولة دوراً إشرافياً مهماً — ليس فقط في إجراءات إبطال قرارات التحكيم، بل أيضاً في إصدار التدابير الوقتية والبتّ في الطعون ضد المحكّمين.
يختار الأطراف اللجوء إلى التحكيم إيماناً منهم بوجود منتدى عادل، محايد، ومستقل — وهذا التوقع يُحدد أيضاً اختيارهم لمقر التحكيم. وبالتالي، فإنّ استقلالية القضاء أساسية لتكريس مكانة بيروت كمركز موثوق وجدير بالثقة في مجال التحكيم. بكلمات أخرى، هو عنصر جوهري في إعادة تعريف صورة لبنان ودوره — من بلدٍ تُفتَعل فيه النزاعات إلى بلد تُحلّ فيه النزاعات بشكل سلمي.
3. إعادة بناء الثقة والنزاهة في النظام المصرفي والمالي. نُحرز تقدّماً فعلياً في هذا المجال:
أقررنا قانون إصلاح السرية المصرفية؛ مرّرنا مشروع قانون إعادة هيكلة المصارف في مجلس الوزراء؛ نعمل حالياً على وضع قانون عادل لتوزيع الخسائر المالية. من خلال هذه الإصلاحات، نعمل لتحقيق العدالة للمودعين، مكافحة الاقتصاد النقدي، وتعزيز اندماج لبنان في النظام المالي العالمي.
وأعتبر سلام ان "قانون إصلاح السرية المصرفية يُشكّل نقلةً نوعيةً بعيداً عن الممارسات البالية، ويُسهّل عمليات التدقيق والتحقيق المالي. أما قانون إعادة هيكلة المصارف فسيُرسي إطاراً حديثاً لإدارة الأزمات المصرفية، مستنداً إلى أفضل المعايير الدولية ومبدأ أولوية حقوق الدائنين. هذه الإصلاحات البنيوية تنبع أولاً وأخيراً من مصلحتنا الوطنية — من أجل استعادة الاستقرار والعدالة في اقتصادنا ومجتمعنا. كما تُمهّد الطريق نحو تعزيز التعاون مع صندوق النقد الدولي، حيث تتقدّم المفاوضات بشكل بنّاء للتوصّل إلى اتفاق.
4. تنشيط القطاعات الحيوية في الاقتصاد، وتحديث الخدمات العامة والبُنى التحتية الأساسية. أطلقنا معايير شفافة وقائمة على الجدارة للتعيينات في القطاع العام؛
بدأنا العمل على إنشاء هيئات تنظيمية مستقلة لتنشيط قطاعات حيوية كالكهرباء، والنفط والغاز، والطيران، والاتصالات.
يمتلك لبنان إمكانات هائلة غير مُستثمَرة كمركز لوجستي إقليمي — فمرافئه من بين الأقدم والأكثر خبرة في المنطقة، لكنها عانت طويلاً من سوء الإدارة والفساد.
لذلك، وبالإضافة إلى إعادة فرض سيطرة الدولة على مطار بيروت الدولي وطريق المطار، نُعدّ خططاً لإطلاق مطار دولي ثانٍ في القليعات خلال عام واحد — ليؤدّي دوراً استراتيجياً في تسهيل حركة الشحن والسفر المُيسَّر.
كما نُعطي أولوية لتطوير البنية التحتية للمرافئ، بما في ذلك مرفأ طرابلس الذي يمتلك إمكانات هائلة كبوابة لإعادة إعمار سوريا.
داخلياً، نُعدّ خطة شاملة لتعزيز النقل العام (إدخال خطوط وحافلات جديدة)، وتحديث شبكة الطرق في مختلف أنحاء البلاد. نُركّز أيضاً على تحسين جودة واستمرارية خدمات الاتصالات والكهرباء.
كما سنُطلق مبادرة «النافذة الموحّدة» (One Stop Shop) لتسهيل بيئة الأعمال في لبنان، إلى جانب تنفيذ استراتيجية وطنية لدعم وترويج الصادرات".
واشار رئيس الحكومة إلى أن "هذه المشاريع والمبادرات مجتمعة ستُولّد آثاراً اقتصادية إيجابية واسعة النطاق — من خلق فرص عمل، إلى تعزيز الإنتاجية، إلى استعادة ثقة المستثمرين في الآفاق الطويلة الأمد للاقتصاد اللبناني".
تابع، 5. تحديث الحوكمة عبر التحوّل الرقمي. تحدّي لبنان اليوم ليس فقط التعافي من عقود من الجمود والشلل — بل أيضاً القفز نحو المستقبل. لقد تخلّفنا طويلاً عن ركب تطوير البنية التحتية الرقمية، لكن أمامنا اليوم فرصة — وواجب — لننتقل إلى عصر جديد من الحوكمة يقوده الذكاء الاصطناعي. نحن لا نهدف فقط إلى اللحاق بركب الحداثة، بل إلى تأسيس دولة حديثة مدعومة بالتكنولوجيا، جاهزة لمتطلّبات القرن الحادي والعشرين.
تخطّط حكومتي لإطلاق نظام وطني للهويّة الرقمية (National Digital ID System)، وتطوير تطبيق حكومي موحّد (Government Super App)، ورقمنة السجلات العامة، وإدخال منصّات المحاكم الإلكترونية (e-court)، وتجربة أدوات الذكاء الاصطناعي في الوزارات المختلفة.
هذه المبادرات ليست مجرّد تسهيل للإجراءات — بل هي أيضاً وسيلة لإعادة بناء الثقة بالدولة، من خلال جعلها أكثر كفاءة، وشفافية، وقرباً من المواطنين. ولتحقيق هذا التحوّل الرقمي، سنُنشئ قريباً وزارة جديدة بالكامل متخصّصة بتقنية المعلومات والذكاء الاصطناعي.
6. استعادة الفضاء العام والصالح المشترك. نحن ملتزمون بإعادة كل ما يخصّ الشعب إلى الشعب، وبإحياء المساحات المشتركة في لبنان. على الصعيد البيئي، اتّخذنا إجراءات حاسمة لحماية تراثنا الطبيعي، من خلال إلغاء مراسيم غير قانونية كانت قد منحت أكثر من 140 ألف متر مربع من ساحلنا الثمين، ومن خلال سحب تراخيص الكسارات غير المشروعة التي مُنحت في الأيام الأخيرة للحكومة السابقة.
على الصعيد الثقافي، نُعيد الحياة إلى تراث لبنان الغني: من ترميم مواقع تاريخية رئيسية مثل شمع في جنوب لبنان، إلى تحويل مكتبة بيروت العامة إلى مركز ثقافي محوري، إلى دفع مشاريع رئيسية قُدُماً مثل خان العسكر ومبادرة «صيدا عاصمة الثقافة»، وغيرها. وبعد سنوات من الإهمال، أعدنا فتح ملعب كميل شمعون، تأكيداً لإيماننا بأهمية الرياضة كجزء حيوي من الحياة العامة.
وشدد سلام على ان "جهودنا تركّز على الصالح العام أولاً وقبل كل شيء لمصلحة اللبنانيين، لكن هذه المبادرات تُساهم أيضاً في إحياء قطاع السياحة — وهو رافعة أساسية لنمو اقتصادنا. وفي هذا الإطار، يسرّني أن أعلن أنّه يتمّ العمل حالياً على استراتيجية وطنية موحّدة للسياحة، تهدف إلى تحسين شفافية الأسعار، تعزيز سلامة السيّاح، والارتقاء بتجربة الزائر عموماً. هدفنا تشجيع عودة المغتربين اللبنانيين والسيّاح من جميع أنحاء العالم — ولا سيّما السيّاح العرب، ورحّب بهم مجدداً في وطنهم الثاني.
7. تحقيق العدالة الاجتماعية وإعادة الإعمار. نلتزم بتحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تعزيز أنظمة الحماية الاجتماعية، وتحسين الخدمات الأساسية للفئات الأكثر ضعفاً، ودفع إصلاحات الإسكان قُدُماً. في هذا السياق، حصلنا مؤخراً على تمويل إضافي لبرنامج «أمان»، الذي بات اليوم يُغطّي أكثر من 800 ألف شخص من الأكثر حاجة — لتقديم الإغاثة الفورية لمن تضرّروا بشدّة من الأزمة الاقتصادية. على صعيد إعادة الإعمار، حصلنا على قرض بقيمة 250 مليون دولار من البنك الدولي لتمويل جهود التعافي العاجلة.
وفي موازاة ذلك، نُنسّق مع وكالات الأمم المتحدة لوضع خطة رباعية السنوات متعددة القطاعات بقيمة تفوق 350 مليون دولار لدعم قطاعات التعليم، الصحة، الإسكان، والأمن الغذائي في الجنوب.
ولا يزال أمامنا الكثير لتحقيقه، ولهذا، وانطلاقاً من إدراكنا لحجم التحدّي وأهميته، نحن بصدد تنظيم مؤتمرين دوليين كبيرين في الأشهر المقبلة — أحدهما مخصّص لإعادة الإعمار، والآخر لفتح آفاق الاستثمارات الاستراتيجية.
8. تعزيز المواطنة، حماية الحريات العامة، وتجاوز الطائفية.
يجب ألّا تبقى السمات التي يتميّز بها اللبنانيون — من إبداع، ومرونة، وقدرة على التكيّف — محصورة في القطاع الخاص فقط. ينبغي أن تُصبح هذه القيم أيضاً نهجاً يُوجّه طريقة حكمنا لأنفسنا. الجمود في الحوكمة ليس فضيلة، بل لعنة.
إنّ مسار تجاوز الطائفية — الذي كان ينبغي أن يبدأ مع توقيع اتفاق الطائف — يجب ألّا يُؤجَّل أكثر.
علينا أن نتقدّم نحو دولة مدنية حديثة — تحمي حقوق الأفراد والجماعات معاً، من خلال التطبيق الكامل لاتفاق الطائف، كما هو مُكرّس في الدستور اللبناني المُعدّل.
هذا يعني دولة تُعطي معنىً فعلياً للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتضمن حرية الضمير المطلقة، وتحمي الحريات العامة بما فيها حرية التعبير — وكلها حقوق مكفولة في الدستور اللبناني.
وفي هذا السياق، أصدرتُ الأسبوع الماضي قراراً بإلغاء مذكرات التوقيف التي أُصدرت دون إذن قضائي — مع تنفيذ القرار فوراً.ىوأُؤكّد التزامي القوي بإصلاحات سياسية جوهرية. ويشمل ذلك:
اللامركزية الإدارية الواسعة؛
إنشاء مجلس شيوخ إلى جانب برلمان غير طائفي؛
تشكيل لجنة وطنية لدراسة واقتراح سبل تجاوز الطائفية.

وفي هذا الروح، أستذكر كلمات ألكسيس دو توكفيل، التي اقتبسها أستاذي الراحل دومينيك شوفالييه في مقدّمة كتابه الشهير «مجتمع جبل لبنان في زمن الثورة الصناعية في أوروبا»:
"إنني أميل إلى الاعتقاد بأنّ ما نُسمّيه المؤسّسات الضرورية ما هي في كثير من الأحيان إلا تلك التي اعتدنا عليها، وأنّ في مجال البناء الاجتماعي، مساحة الإمكانات أوسع بكثير ممّا يتخيّله الناس وهم يعيشون في مجتمعاتهم المختلفة."
قد يبدو من الطبيعي اعتبار مثل هذه الإصلاحات ذات طابع سياسي بحت، لكن لا شيء في الواقع أبعد عن الحقيقة.
من خلال إدارة تعدديّتنا بشكل أفضل — وإفساح المجال لكلٍّ من الفرد والدولة لكي يزدهروا — نُؤسّس لنظامٍ مستقرّ ودائم: نظام أقلّ عرضة للانهيار في أوقات النزاعات، وأقلّ قابلية لأن يُستَغل كغطاء للفساد، أو للمصالح الضيقة، أو لحُكم لا يخضع للمساءلة. وباختصار، هدفنا هو بناء دولة مُقاومة تُعزّز الاستثمار طويل الأمد، والثقة، والنمو الاقتصادي المستدام.
وختم بالقول:" إنّ حكومتي ترحّب بأفكاركم ومساهماتكم — في هذا المؤتمر وفي ما بعده — بينما نعمل معاً على بناء هذه الدولة المُقاومة. انضمّوا إلينا — ليس فقط من أجل تطوير التحكيم في لبنان، بل أيضاً من أجل المشاركة في نهضة لبنان الأوسع.'معاً، يمكننا أن نبني مستقبلاً قائماً على العدالة، مدفوعاً بالشراكة، وغنياً بالفرص"