من الضاحية إلى الآلية: رسالة حاسمة من الجيش في وجه الاستباحة الإسرائيلية

من الضاحية إلى الآلية: رسالة حاسمة من الجيش في وجه الاستباحة الإسرائيلية

image


من الضاحية إلى الآلية: رسالة حاسمة من الجيش في وجه الاستباحة الإسرائيلية
لا مكان لتجميل واقع بات يتجاوز الخروقات ليبلغ مستوى الحرب المفتوحة على السيادة

 

داود رمال – "أخبار اليوم"

قال مصدر وزاري لوكالة "اخبار اليوم" انه "في خضم التصعيد الإسرائيلي المتواصل ضد لبنان، برز الموقف الأخير لقيادة الجيش اللبناني كإشارة بالغة الدلالة على تطور في التعاطي مع الواقع الميداني والسياسي للعدوان المستمر، خصوصا مع توسيع رقعة الاستهدافات لتطال عمق الضاحية الجنوبية لبيروت ومناطق أخرى في الجنوب، بما في ذلك مواطنين وأبنية سكنية ومنشآت حيوية.
العدوان الإسرائيلي لم يأتِ فقط في توقيت مستفز عشية الأعياد، بل اتّسم أيضا بتحدٍّ مباشر لآليات التهدئة الدولية، وتحديدًا القرار 1701 ولجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية التي أُنشئت لضمان الالتزام به".

واضاف المصدر ان "الموقف الصادر عن قيادة الجيش لم يكن تقليديا من حيث الشكل أو المضمون، بل عكس تحولا نوعيا في لهجة المؤسسة العسكرية وتقييمها لمسار الأحداث. فالجيش، الذي لم يتوانَ عن إدانة هذه الاعتداءات، حرص على الإشارة إلى خطورة الانزلاق الإسرائيلي نحو تحويل الخروقات المتكررة إلى "عدوان يومي" ممنهج على السيادة اللبنانية، بما يهدد ليس فقط الاستقرار الأمني بل أيضا فرص التعافي الوطني في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة. وما يلفت في بيان الجيش ليس فقط إشارته إلى التنسيق الاستباقي الذي بدأته القيادة مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية فور إعلان التهديد الإسرائيلي، بل أيضا كشفه عن رفض العدو لمقترحات اللجنة، ما يُظهر استخفافا متعمدا بآلية قائمة على الشرعية الدولية ورفض إسرائيل لأي رقابة أو مساءلة"

واوضح المصدر "لكن بيت القصيد في موقف القيادة لم يكن مجرد الإدانة أو التحذير، بل التلويح العلني – ولأول مرة بهذا الوضوح – بإمكانية تجميد التعاون مع اللجنة الدولية، في ما يخص أعمال الكشف الميداني على المواقع المستهدفة. هذه الإشارة لا يمكن قراءتها إلا في سياق تصعيد محسوب، يعكس نفاد صبر المؤسسة العسكرية حيال خرق متكرر للقرار 1701، وتهميش متعمد لدور لبنان في آلية التهدئة. وهي أيضًا رسالة مزدوجة: إلى الداخل اللبناني مفادها أن الجيش سيستمر في حفظ كرامة الدولة برغم الصعوبات، وإلى المجتمع الدولي بأن التعويل على آليات فقدت فعاليتها أمام تعنت إسرائيل لم يعد ممكنا دون إعادة تقييم جدي لمجمل منظومة الرقابة والتنفيذ."

واكد المصدر انه "ما بين التمسك بالقرار 1701 كمظلة شرعية، والتهديد بتعليق التعاون مع اللجنة المعنية به، يتحرك الجيش اللبناني على حافة توازن بالغ الدقة، ساعيا إلى الدفاع عن السيادة دون الانزلاق إلى مواجهة شاملة، لكنه في الوقت عينه يبعث برسالة واضحة مفادها أن استمرار التجاهل الإسرائيلي سيجعل من البنى القانونية القائمة مجرد أدوات شكلية، ويضطر لبنان إلى مراجعة آليات تعامله معها. وفي موازاة ذلك، تواصل المؤسسة العسكرية أداءها في ظروف استثنائية، حاملة عبء حماية الوطن، وضامنة للاستقرار والسلم الاهلي. بهذا المعنى، فإن موقف الجيش لا يعكس فقط ردا على عدوان بعينه، بل يؤشر إلى مقاربة أكثر حزما للمرحلة المقبلة، حيث لا مكان لتجميل واقع بات يتجاوز الخروقات ليبلغ مستوى الحرب المفتوحة على السيادة".