الحالي... الأنسب مع تعديل

الحالي... الأنسب مع تعديل

image

الحالي... الأنسب مع تعديل
كافة المحاولات الآيلة إلى التهديد بِنَسف قانون الانتخابات لن تُجدي نفعاً

سعيد مالك - "نداء الوطن"

منذ الطائف وحتى اليوم، شهد لبنان أكثر من انتخابات نيابية، كان آخرها عام 2022.
حصل معظمها على أساس قانون الستّين، أي على أساس النظام الأكثري، وضمن دوائر فُصّلت يومها على قياس النافذين والمتزلّمين وخُدّام الهيكل.

إلى أن صدر القانون 25/2008 الذي جاء نسخة مُنقّحة عن قانون الستّين، مع بعض التعديلات التي كانت تخدم يومها أهل السلطة وأزلام البلاط.

كان الهدف من هذه التشريعات يومها، مُصادرة التمثيل المسيحيّ. حيث كان أصحاب القرار يُسمّون مَن يرغبون لملء هذه المقاعد، بحيث تتظهّر المُناصفة بشكل صوري ومعيوب.

عام 2017 تمكّنت القيادات المسيحيّة يومها من الدّفع باتّجاه قانون الانتخابات الحالي رقم 44/2017، الذي اعتمد النظام النسبي، وأمّن أفضل تمثيل للمسيحيّين منذ الطائف وحتى اليوم، وبات النائب المسيحي يُنتخب من المسيحيين، والمُسلم من المسلمين... وكذا...

ولكي يكون أي قانون هو الأنسب، يجب أن يؤمّن صحّة التمثيل وعدالته. وهذا القانون تمكّن (وبالحدّ الأدنى) من تأمين أفضل تمثيل لكافة الشرائح والفئات.

وبالعودة إلى القانون المذكور، الذي يعتمد النظام النسبيّ مع صوت تفضيليّ واحد، يتبيّن أنّه تمكّن من إنجاب أكثر من أربعة وخمسين نائباً مسيحيّاً من أصل أربعة وستّين، بالصوت المسيحيّ حصراً. أمّا القوانين السابقة فَلم تتمكّن من إنجاب أكثر من ثلاثين نائباً بالحدّ الأقصى.

أمّا القول، إنّه من غير الجائز الإبقاء على قانون دون تطوير أم مواكبة... كذا... فصحيح. لكنّ التطوير والتحديث يعنيان الذّهاب إلى قانون يؤمّن تمثيلاً أكثر صحّةً وأكثر عدالةً. وليس الذّهاب إلى إعادة تقزيم للصوت المسيحيّ ومصادرته.

لكنّ اللافِت، أنّ هناك مسعى ومناورة من قِبل الفريق الذي يهدف إلى إعادة تقزيم الصوت المسيحيّ. فمن جهة يرفض القانون الحالي ويعتبره "مِسخاً" ويدعو إلى إقرار قانون انتخابات جديد على أساس لبنان دائرة انتخابية واحدة... كذا... كلّ ذلك ليس بهدف الذّهاب إلى قانون جديد (لِعِلم الكافة أنّه لا إمكانية لإنتاج قانون انتخابات آخر) إنّما بهدف إدخال أكبر قدر ممكن من التعديلات على القانون الحالي، بقصد تجويفه، والالتفاف على حقوق الطوائف والمذاهب والشرائح والفئات.

فيطرح هذا الفريق مثلاً "الصوتين التفضيليّين" عوض الصوت التفضيليّ الواحد. وهذا الطرح لا يهدف إلى منح الناخب حرّيّة خيار أوسع...كذا... إنّما يسمح بأن تُصادِر الطائفة الغالبة عدديّاً في الدوائر المختلطة، مقاعد الطائفة الأقلّ عدداً. مثلاً، في دائرة طرابلس هناك مقعد ماروني واحد مقابل خمسة نوّاب سُنّة. وبحال اعتماد "الصوتين التفضيليين" عوض "الصوت الواحد" يُصبِح بإمكان الطائفة السُنّية الكريمة تزكية أي مرشّح ماروني وإنجاحه في الانتخابات بأصواتها.

كذلك في جبيل للمقعد الشيعي. ما يُفيد، أنّ اعتماد "الصوتين التفضيليين" يُجوّف القانون الحالي، الذي أمّن صحّة التمثيل وعدالته (ولو بالحدّ الأدنى) ويُعيد عقارب الساعة إلى الوراء.
ما يؤكّد، أنّ القانون الحالي هو الأنسب لإجراء انتخابات عام 2026 مع إدخال بعض التعديلات عليه. إن كان لجهة إدخال "الميغاسنتر" واعتماد "البطاقة الممغنطة" واسترداد صوت الاغتراب، كلّ ذلك بِغرض تحسين القانون وتحصينه.

وبالخُلاصة، إنّ كافة المحاولات الآيلة إلى التهديد بِنَسف قانون الانتخابات الحالي لن تُجدي نفعاً.


لأنّه وبحال الإصرار على فتح باب النِقاش على قانون انتخابات جديد، فذلك سيفتح الباب على النِقاش بِعناوين قيام الدولة ووجودها. من ملفّ السلاح، وضرورة حصره، واسترداد قرار الحرب والسِلم و... كذا...
قبل البحث في ملفّ قانون انتخابات جديد. فمُتطلّبات تطبيق القرارات الدولية، لا سيّما القرار 1701، تسبق بأشواط فتح ملف قانون الانتخاب. علماً، أنّ أي فتح لأيّ ملفّ من الملفّات المارّ ذكرها، سيفتح باب جهنّم على لبنان واللبنانيين. ونحن بِغِنى عن ذلك وعن تبعات ما تقدّم.